نشرت أمس الجمعة، صحيفة يديعوت أحرونوت” الإسرائيلية في تقرير لها بعنوان “سيناريو الحرب الكبرى مع إيران”، إن إسرائيل مستعدة تماما لحرب شاملة مع طهران وحلفائها إذا استدعى الأمر، وأنها على يقين بأن عمليات الاغتيال هي الورقة قبل الأخيرة لحرب إقليمية شاملة مع إيران:، مؤكدا التقرير ان “اغتيال إسماعيل هنية هو إنجاز عسكري واستخباراتي رائع، وان إسرائيل استطاعت أن تبلغ إيران ووكلاءها رسالة، أنهم إذا لم يتوقفوا، فلن تتردد في التوجه إلى حرب واسعة النطاق، رغم ان اغتيال زعيم “حماس”، خلال احتفالات تنصيب الرئيس الإيراني الجديد “إذلال ودليل على أن النظام ضعيف ومخترق”.
وبرأي الصحيفة العبرية انه، إذا قررت إيران مهاجمة إسرائيل ولم يحقق الهجوم أهدافه، فسيكون ذلك دليلا آخر على ضعف النظام الإيراني.
لماذا التصعيد الاسرائيلي؟
مطلع الاسبوع الحالي، وحسب معلومات نشرها “جنوبية” قبل أيام، ان اوساطا غربية أشارت ان رئيس حكومة الحرب الاسرائيلية بنيامين نتنياهو، أُبلغ من الادارة الاميركية خلال زيارته الاخيرة الى واشنطن، عن تطور مهم تحقق في العلاقات الاميركية الايرانية، سيفضي الى انجاز اتفاق بين الطرفين على ملفات عدة، ابرزها الاتفاق النووي والعقوبات، وكان رد فعل نتنياهو الرفض، وان اسرائيل لن تقبل بذلك”.
لذلك، فان تخريب العلاقة بين واشنطن وطهران، قد يفسر جانبا من استهداف الضاحية واغتيال هنية في طهران، لاستدراج ايران مباشرة الى الحرب، وهو بالضرورة يعني استدراج اميركا اليها، لأنها ملزمة بخوضها بموجب اتفاقية الدفاع المشترك بين البلدين.
وفي معلومات جديدة “جنوبية” ، ان “ادارة الرئيس الاميركي جو بايدن غاضبة من التصعيد الاسرائيلي غير المبرّر على جبهتي بيروت وطهران، ومستاءة ايضا من خداعها عن طريق استخدام الوساطة الاميركية من اجل تضليل حزب الله تحديدا، وذلك بعد ان نجح نتنياهو في اخفاء نواياه العدوانية عن بايدن”.
إقرأ ايضاً: الإغتيالات تتصاعد في اليوم 300 من «طوفان الاقصى»..وإغتيال هنية يكشف «خلخلة» الموساد لـ«الحرس»!
فبعد حادثة بلدة مجدل شمس في الجولان واتهام اسرائيل ل”حزب الله” بقصف ملعب كرة قدم ادى لمقتل 12 شخصا، وتهديدها بالردّ في العمق اللبناني، نشر “جنوبية” حينها بناء على معلومات موثوقة، ان “الوساطة الاميركية حضرت من اجل تأمين ردّ اسرائيلي غير مؤلم في لبنان، لا يجبر “حزب الله” على ردّ مقابل، وكشف مصدر غربي مطلع حينها ل”جنوبية” ، انه “يجري اعداد اهداف منتقاة في لبنان عن طريق وساطة اميركية ايرانية، هذه الاهداف تقوم اسرائيل بضربها، على نسق الاهداف العسكرية التي أُعدت في ايران، عندما ضربتها اسرائيل في 19 نيسان من العام الحالي، وان مسرح هذه الضربات ستكون في مناطق الجنوب والبقاع”.
ادارة بايدن باتت على يقين ان نتنياهو وضع رصيده كله في جيب الحزب الجمهوري الذي يتزعمه المرشح دونالد ترامب
كما أكد المصدر عينه “ان تأخير الضربة الاسرائيلية هو بسبب الخلاف على ضرب هدف ثالث استراتيجي ل”حزب الله” في العمق قرب بيروت، تشبّث الحزب برفضه، متمسكا بشروط قواعد الاشتباك، التي تحيّد العاصمة بيروت وضواحيها من الغارات الاسرائيلية”.
وبعد اغتيال شكر في غارة حارة حريك الغادرة، اكدت مصادر اعلامية لبنانية مقربة من “حزب الله” بعد هذه الغارة معلومات “جنوبية”، فنشرت أمس الجمعة ان “مستشار الرئيس بايدن اموس هوكشتين نفسه، هو من كان يقود تلك الوساطة بين اسرائيل و”حزب الله” مع الرئيسين نبيه برّي ونجيب ميقاتي، مدعيا أن بلاده تقوم بجهد كبير لمنع التصعيد وإقناع إسرائيل بتحييد المدن والمدنيين”، ومؤكدا ان سلاحها الجوي سيضرب هدفاً عسكرياً معلوما للحزب، ردا على قصف مجدل شمس، وان «استهداف المطار أو الضاحية أو بيروت خط أحمر»!
إحراج اميركا وايران!
ونتيجة لما تقدّم، تؤكّد المصادر، ان “الخيبة الاميركية من اسرائيل في أوجها اليوم، وان ادارة بايدن باتت على يقين ان نتنياهو الذي عمد الى تضليلها واستخدام وساطتها كخديعة من اجل طمأنة حزب الله ثم الغدر به وقتل مسؤوله العسكري بغارة غادرة، قد وضع رصيده كله في جيب الحزب الجمهوري، الذي يتزعمه المرشح دونالد ترامب، لتتحوّل اسرائيل اول مرة الى طرف وناخب وازن في الانتخابات الرئاسية الاميركية، التي سوف تحصل بعد ثلاثة شهور”.
فموقع اكسيوس الاميركي نشر امس فحوى اتصال جرى بين بايدن ونتنياهو، حذّر فيه الرئيس الاميركي اسرائيل من توجيه ضربة الى ايران، رغم ان اميركا سوف تقوم بالدفاع عن اسرائيل في حال تعرضها للهجوم الايراني، ولكن بالمقابل فان تل ابيب سوف تجد نفسها وحيدة اذا كانت هي البادئة، وحسب الموقع فإن بايدن في اتصاله” رفع صوته، وأخبر نتنياهو أنه يريد التوصل إلى اتفاق وقف اطلاق نار في غزّة في غضون أسبوع إلى أسبوعين، ولكن نتنياهو لم يعده بشيء”.
نتنياهو ينتظر الردّ الايراني كي يردّ بدوره ويقصف المواقع النووية في ايران وكذلك العمق اللبناني تمهيدا لعملية عسكرية طويلة في لبنان
ومقابل هذا الاحراج الاميركي واستضعاف اسرائيل لادارتها المنشغلة بالانتخابات، يبدو ان الاحراج الايراني ومعه “حزب الله” اكبر بكثير، وذلك مع الوعد الذي اطلق من طهران وحارة حريك بالثأر من اسرائيل، ردّا على قتلها لهنية وشكر، في ظلّ تربّص نتنياهو وانتظاره لسقوط الصواريخ الايرانية على اراضيه، من اجل الردّ الكبير الذي يمني نفسه به، وهو قصف المواقع النووية في ايران وقصف العمق اللبناني تمهيدا لعملية عسكرية طويلة في لبنان، يضمن فيها جرّ اميركا الى الحرب من جهة، واعادة تجديد زعامته التي كاد ان يحطمها هجوم “طوفان الاقصى” الحمساوي على مستعمرات غلاف غزة، الذي ادى الى قتل الاف المستوطنين الاسرائيليين قبل عشرة شهور.
ويبدو ان الايام المقبلة وربما الساعات، حسب التصريحات الايرانية، سوف تكون حاسمة في تقربر مصير المنطقة التي باتت على كف عفريت حقيقي، بعد تدحرج الامور الى مهاوٍ لم تكن في حساب الدول الكبرى، ولا في حساب الدول الاقليمية الراعية لفصائل مسلحة عابرة لحدود الاوطان.
ويبقى الامل معلقا على محاولات اميركية اخيرة عبر قطر، لاقناع ايران و”حزب الله” بتفادي الردّ على الضربتين الاسرائيليتين، وعدم السماح لنتنياهو بشن حربه المنتظرة، فلا يكون امامه بعد ذلك سوى الانصياع للقرارات الدولية، والاتفاقات المقبلة بين اميركا وايران، التي سوف تحظى بتأييد عالمي، لن تقوى اسرائيل وحكومتها اليمينية المعزولة عالميا، على الوقوف بوجهها.