الأسعد يُحاضر عن الحوكمة في ندوة «جنوبية»: لتعزيز مبادئ الشفافية والمساءلة ومحاربة الفساد

ندوة جنوبية الحوكمة
يتخبط لبنان في أزمة اقتصادية ومالية تم تصنيفها ضمن الأزمات الاقتصادية الأسوأ على مستوى العالم منذ منتصف القرن التاسع عشر، وسط قلق متزايد من حرب واسعة النطاق مع إسرائيل، ما يهدد بتعميق آثار الانهيار الاقتصادي التاريخي، الذي تشهده البلاد منذ تشرين الأول 2019، فيما فشلت القوى الحاكمة بسياستها التدميرية في إحراز أي تقدّم ملحوظ على صعيد تنفيذ الاصلاحات، التي تحد من التدهور وتفكك مؤسسات الدولة التي تلفظ أنفاسها الأخيرة.

يمر لبنان في وقت حرج إذ يواجه تحديات تتطلب التكاتف والعمل المشترك لتحقيق التغيير والإصلاح المنشود، ووفق “معهد المال والحوكمة” فإن الإصلاحات والحوكمة الجيدة هما الأساس لتحقيق الإستقرار والنمو المستدام، ولا يمكن الحديث عن إصلاحات دون الإشارة إلى الإشكالات والتحديات التي تعيق التقدم في هذا المجال، وهو ما شدد عليه أمين عام المعهد هادي الأسعد خلال الندوة التي عقدها منتدى “شؤون جنوبية” تحت عنوان “الإصلاحات والحوكمة في لبنان: الطريق إلى الاستقرار”، وقدم لها الدكتور علي خليفة، في حضور رئيس تحرير “جنوبية” علي الأمين، وسام الأمين، أحمد عياش، الدكتور مجيد مطر، العميد حمزة خلف، خالد حمادة، عباس هدلا، وشخصيات.

الدكتور علي خليفة

خليفة: لا حوكمة بلا شفافية ونزاهة واطار ناظم قانوني وتشاركي سليم

يعتبر الإقتصاد هو السياسة ولكنه بلغة الأرقام لا يمكن الفصل بين الإقتصاد وأنشطته والمشروع السياسي، هذا ما أكد عليه خليفة الذي أشار في تقديمه للندوة الى “أن ازدهار الإقتصاد لا ينفك عن أجندة السياسة وتعثر الإقتصاد، وفي التاريخ السياسي والاقتصادي اشاراتٌ واضحة إلى تلازم الإصلاحات الاقتصادية مع توجهات ملائمة في النظام السياسي.اذا نجحت”.
وقال:”اذا فشلت هذه الإصلاحات شهدنا تغيير في النظام السياسي.هذا التلازم بين النظام السياسي و النظام الاقتصادي بالإضافة إلى التلازم بين أنظمة إجتماعية عديدة منها التعليم و الاستشفاء والثقافة، يقع ضمن مقاربة إجتماعية شاملة تقوم على التبادلية النفعية فتتوازى هذه الأنظمة وتتكامل وتتضافر وتتكامل لتحقيق أهداف مشتركة يقوم عليها عقد المجتمع”.
أضاف:”السياسات وما يرافقها من قواعد وأطر دخلت في الإقتصاد وفي غيره من الأنظمة الاجتماعية، فتأتي الحكومة وهي مصطلح مفتاحي في الحداثة يقوم عليه تحديد مسؤوليات وأهداف ووظائف.في المؤسسات والشركات والهيئات والمجالس.وتشتمل العناصر الأساسية للحوكمة على مجموعة معايير متصلة فلا حوكمة بلا شفافية ونزاهة واطار ناظم قانوني وتشاركي سليم.فيُضاف إذن على الحوكمة صفة معيارية للحوكمة الرشيدة”.

علينا تعزيز دور المؤسسات الرقابية والقضائية وضمان استقلاليتها والقضاء على البيروقراطية والفساد الإداري


وختم بالقول:”أستاذ هادي الأسعد الخبير المالي والمستشار الاقتصادي ما هي الإصلاحات للوصول إلى الإستقرار إزاء تعثر النظام السياسي اللبناني بالتوازن مع الأزمة الإقتصادية والمالية غير المسبوقة التي نعيشها!هل لا تزال الحوكمة ممكنة؟أموال المودعين احتياطي الذهب الهندسات المالية والمسؤولية عنها أزمة المصارف وهل من مستجدات في ما يخص ما آل إليه التدقيق الجنائي في مصرف لبنان وعملياته؟”.

أمين عام المعهد هادي الأسعد

الأسعد: العقوبات التي تم فرضها على “حزب الله” كان لها تداعيات على القطاعين المصرفي والمالي

كشف الأسعد في مستهل مداخلته عن أن “تجربته في الحوكمة بدأت على المستوى الشخصي المهني منذ عام 2009 في باريس مع بدء الحديث بشكل أكبر في العالم”، وعرض لرحلته في الغوص بتفاصيلها في مختلف العواصم وصولاً الى لبنان والبدء بعرض برنامج الحوكمة مع انشاء معهد المال والحوكمة المعهد في 25 من حزيران من العام 2015 الذي كان من مهامه في البداية رعاية القطاع المصرفي خاصةً بموضوع الحوكمة والهيئات الرقابية، مشيراً الى أن تطبيق الحوكمة في القطاع الخاص بدأ مع العائلات التي بدأت تطلب المساعدة في تطبيقها في مؤسساتها.
وتناول موضوع الحوكمة العامة، وتحدث عن اجتماع الحاكم السابق لمصرف لبنان رياض سلامة مع البنك الدولي إذ اكد أن المركزي غير قادر على لجم ما يحصل ما لم تأخذ الدولة لا تأخذ إجراءات جدية في الإصلاح وإجراءات جدية في التخمة في التوظيف .
وأكد الأسعد أن الحوكمة هي ثقافة وترتكز على 4 مبادئ متلازمة وهي: الاخلاق، الشفافية، المسؤولية والمساءلة، وهذه جميعها تعد مرتكزات الحوكمة الأساسية في القطاعين الخاص والعام.
واعتبر أن القوانين في البلاد فاضحة وتتطلب اعادة النظر فيها، وعرض لتفاصيل الهندسة المالية التي تم تطبيقها في مصارف لبنان واقتصاده قبل الأزمة، مشدداً على أن غياب الحوكمة أدى الى غرق لبنان بالأزمات التي عاشها والإصلاحات مطلوبة في القوانين والممارسات في المؤسسات.

الصحافي أحمد عياش


وأشار الأسعد الى أنه لا يعقل أن 3 حكومات لم تصل الى قانون حول استعادة اموال المودعين وهذا امر غير مقبول، ولذلك فإن الاصلاحات ضرورية للوصول الى حل، مشدداً على “أن العقوبات التي تم فرضها على حزب الله كان لها تداعيات على القطاعين المصرفي والمالي”.
وتطرق الى الوضع الإقتصادي والمالي، فلفت الى أن لبنان يعاني منذ سنوات من أزمة إقتصادية ومالية خانقةو .هذا الوضع يتطلب إتخاذ قرارات جريئة وشجاعة لإصلاح النظام المالي والمصرفي وإعادة الثقة للمستثمرين والمواطنين، كما يجب العمل على تعزيز الشفافية والمساءلة في إدارة المال العام ،ومحاربة الفساد بشكل فعال.
وشدد الأسعد على أن الإصلاح المؤسسي هو حجر الزاوية في أي عملية إصلاح، ويجب تعزيز دور المؤسسات الرقابية والقضائية وضمان استقلاليتها، كما أن القضاء على البيروقراطية والفساد الإداري هو مفتاح النجاح في هذا المجال.
وأوضح أن الحوكمة الجيدة تعتمد على مبادئ الشفافية والمساءلة والمشاركة، لذلك علينا أن نعمل على تعزيز هذه المبادئ في جميع جوانب العمل الحكومي والخاص، وهذا يتطلب تحديث القوانين والتشريعات لتكون متوافقة مع افضل المؤسسات العالمية.

رئيس تحرير “جنوبية” علي الأمين

علينا تعزيز مبادئ الشفافية والمساءلة والمشاركة وهذا يتطلب تحديث القوانين والتشريعات لتكون متوافقة مع افضل المؤسسات العالمية


وأشار الى أنه لا يمكن الولوج الى الإصلاحات دون النظر إلى التحديات الإجتماعية والبيئية، لذلك علينا أن نعمل على تحسين الخدمات الأساسية مثل الصحة والتعليم والبنية التحتية. كما يحب علينا حماية البيئة وضمان استدامة الموارد الطبيعية.
وخلص الأسعد الى أنه لا يمكن للبنان أن يحقق الإصلاحات المنشودة بمعزل عن المجتمع الدولي لذلك يجب العمل على تعزيز التعاون مع المؤسسات الدولية والإقليمية للحصول على الدعم المالي والفني اللازم، كما يحب أن نكون جزءًا من الجهود الإقليمية لتحقيق الإستقرار والسلام في المنطقة “، مشيراً الى “أن الطريق نحو الإستقرار ليس سهلاً ،ولكنه ممكن. علينا جميعاً أن نتعاون و نعمل بجد وإخلاص لتحقيق مستقبل أفضل للبنان.دعونا نضع مصلحة الوطن فوق كل اعتبار ،ونعمل على تحقيق الإصلاحات الضرورية لبناء لبنان الذي تحلم به جميعاً”.

نقاش في تفاصيل الأزمة

شكلت مداخلة الأسعد التي فندت تفاصيل حاجة لبنان الى تنفيذ الإصلاحات للوصول الى الحوكمة محور نقاش مع الحضور، وفي تعقيبه على ما تم عرضه، سأل خليفة عن دور التدقيق الجنائي في تحقيق الحوكمة؟، فرد الأسعد على أن أي تحقيق يجري ضمن أطر سليمة يتلازم مع الحوكمة، ومبدأ المساءلة والمحاسبة مهم ولو أن الحكومات وضعت وضعت الخطة المطلوبة اقتصادياً ومالياً لتمكنت من معالجة المشاكل التي يرزح تحت وطأتها الناس، مشيراً الى استعادة الأموال ممكنة اذا تمت مع خطة واصلاحات وحوكمة صحيحة.
وفي مداخلة، اعتبر الزميل أحمد عياش أنه طالما لا يوجد دولة فالكلام عن الحوكمة هو عبثي ، وطالما أن “حزب الله”، الذي تضررت المصارف بفضل العقوبات عليه، لا يزال موجوداً فذلك يعني أن السياسات المتبعة ستبقى كما هي الآن، ليؤكد الأسعد أنه على الرغم من استمرار الحزب بسياسته فيجب أن لا نقف مكتوفي الأيديولذلك تعتبر الحوكمة مدخلاً لذلك.
وسأل الزميل وسام الأمين عن كيفية تطبيق الحوكمة وبالتحديد في فرنسا وعما إذ كان عبارة عن نظام غير مرئي أو يوجد له ادارات خاصة، فأوضح الأسعد أنه لا يوجد ادارات خاصة بل إن الشركات في فرنسا مجبرة بوضع تقرير سنوي عن الحوكمة التي تعتبر نظاماً ليس مرئياً.

لا يمكن للبنان أن يحقق الإصلاحات المنشودة بمعزل عن المجتمع الدولي لذلك يجب العمل على تعزيز التعاون للحصول على الدعم المالي والفني


واعتبر العميد حمزة خلف أنه لا يمكن القيام بأي عمل من دون العودة الى قاعدة اخلاقية واضحة وصادقة، والمشكلة تكمن في السلوك والثقة في التعامل على المستويات باعتباها الاساس والدولة هي المسؤولة عن ذلك والحوكمة هي فكرة اساسها الاخلاق والنزاهة.
من جهته، اعتبر رئيس تحرير الموقع علي الأمين أن طبيعة القطاع الاداري والتركيبة الموجودة والزبائنية الوجودة في النظام تغلب مصالح الطوائف، وسأل:هل يمكن تطبيق الحوكمة في النظام الحالي؟، لافتاً الى أنه يوجد حوكمة بالمعنى النظري لكن عملياً التطبيق غير موجود.
وأكد الدكتور مجيد مطر على أهمية تطبيق الحوكمة في القطاعين العام كما الخاص، ودعا الى الغاء منصب المدير العام في القطاع العام، معتبراً أن المنطلق الأساسي للاصلاح المرجو يكمن في المحاسبة.
وختم الأسعد بالتأكيد على أنه تم تطبيق الحوكمة بدقة في العالم ، كما أن وجود النساء أدى الى تحقيق انجازات كبيرة ، مشيراً الى أن الحوكمة حلقة متكاملة لا بد من الوصول اليها في القطاعبن العام والخاص.

السابق
عن العقل المسيحي اللبناني اليوم.. كيف يفكر وماذا يريد ومن هم اركانه؟
التالي
صرافون بلبنان وغزة.. إسرائيل مصرّة على استهداف ممولي حزب الله!