نصري شمس الدين أربعة عقود.. وشمسه ساطعة!

أربعة عقود مضت وشمسه ساطعة. شمس الدين لا تغيب عن أرض البلاد والجنوب والعالم. الصوت المخملي الذي غمرنا بعاطفة،ما زالت جياشة الى حاضرنا.
نصري شمس الدين (1927-1983) مغن لبناني اسمه الأصلي نصر الدين مصطفى شمس الدين.
ولد في بلدة جون- الشوف في 27 حزيران سنة 1927 من أسرة عريقة من عائلة المشايخ وهو السادس بين إخوته التسعة. ورث جمال الصوت من والدته التي شجعته منذ صغره، عندما لاحظت عشقه لسماع الأغاني وحفظها فاشترت له عودا، وساعدته على صقل موهبته. درس نصري في مدرسة جون الابتدائية وكان يغني دائما لرفاقه في الصف. بعدها بدأ يغني في أعراس وحفلات الضيعة حيث لقب بمطرب الضيعة. انتقل نصري إلى مدرسة المقاصد في صيدا وأنهى المرحلة الثانوية. في سن السابعة عشر مارس مهنة التعليم في مادة الأدب العربي في مدرسة شبعا، ومن ثم في مدرسة الجعفرية في صور. بعد حفلة غنائية أقامها لتلامذته في الصف مدندنا على العود، خيّر من قبل مدير المدرسة بين التعليم والفن. فما كان عليه إلّا أن يقدم استقالته ويتبع ما أحبّ وعشق من فن وطرب وغناء.

انتقل بعدها إلى بيروت وتعرّف على شركة نحاس فيلم وسافر معهم إلى مصر حيث عمل مع فرقة اسماعيل ياسين، وتابع دراسة الموسيقى مدة ثلاث سنوات. ثم سافر إلى بلجيكا للغرض نفسه وعاد إلى لبنان حاملا دبلوما بالموسيقى والغناء. لكن مساحة العمل الفني في ذلك الوقت كانت ضيّقة مما اضطره أن يعمل في مصلحة الاتصالات الهاتفية. جاءت الصدفة أن قرأ إعلانا في إحدى الصحف بأن إذاعة الشرق الأدنى بحاجة إلى ” كورس ” فسارع إليها ليقف أمام لجنة مؤلفة من الأخوين رحباني، عبد الغني شعبان وحليم الرومي. وقع خيار الأخوين رحباني عليه وبدأ مشواره الفني الذي دام ثلاثون عاما. انطلق نصري مع الأخوين رحباني والسيدة فيروز بتقديم اسكتشات قصيرة أهمها (كاسر مزراب العين – يا سروجي – براد الجمعية – حلوة وأتومبيل -جاب الدب – رابوق – قوموا ناموا – لعيب الفوتبول – المعصرة – الغربال وغيرها). بحلفك يا طير بالفرقة كانت أول أغنية غنّاها نصري من تأليف الشاعر أسعد السبعلي وألحان فيلمون وهبي. كما إنه قام بتلحين بعض أغانيه. بدأ أعماله المسرحية الغنائية مع الأخوين رحباني وفيروز في بعلبك والأرز والبيكاديللي وكان “أيام الحصاد” أول مهرجان قام به في بعلبك سنة 1957، ثم “المحاكمة” في بعلبك مع الأخوين رحباني سنة 1959. بعدها قدّم موسم العز سنة 1960 ومن ثم عودة العسكر – البعلبكية – جسر القمر – الليل والقنديل – بياع الخواتم – دواليب الهوا – فخر الدين – هالا والملك – الشخص – جبال الصوان – يعيش يعيش – صح النوم – ناطورة المفاتيح – ناس من ورق – قصيدة حب – المحطة – لولو – ميس الريم – بترا . شارك في مهرجانات دمشق الدولية وحفلات مصر – الأردن – تونس – المغرب – باريس ولندن. من أعماله السينمائية (بياع الخواتم – سفربرلك – بنت الحارس). كما أحيا مع صباح ووليد غلمية مهرجان الوهم في جبيل.
من أجمل أعماله التلفزيونية “ساعة وغنيي”. أسس نصري فرقة جون للرقص الشعبي التي عملت معه في مهرجانات بيت الدين وأهمها (وادي الغزّار – جوار الغيم – مدينة الفرح – أيام صيف). قدّم العديد من الأغاني الخاصة وتعاون مع معظم الملحنين والمؤلفين في ذلك الوقت أمثال الأخوين رحباني – حليم الرومي – فيلمون وهبه – توفيق الباشا – زكي ناصيف – عفيف رضوان – حسن غندور – ملحم بركات – الياس الرحباني – زياد الرحباني – جورج تابت – سمير مجدي – محمد محسن – حسيب حيدر – نقولا يواكيم – جوزيف أيوب – ايلي شويري وغيرهم.
الشعراء – الأخوين رحباني – طانيوس الحملاوي – اسعد السبعلي – اسعد سابا – عبد الجليل وهبه – مصطفى محمود – سامي الصيداوي – مارون كرم – نقولا يواكيم – طعان أسعد – توفيق بركات – موريس عواد – شفيق المغربي – وغيرهم .
لديه أكثر من خمسمئة أغنية مسجلة في الإذاعات العربية واللبنانية. حتى الآن ليس هناك أي إحصاء لعدد الأغاني التي غنّاها نصري . هناك العديد من الأغاني المسجلة في اذاعات وتلفزيونات البلدان العربية ولبنان والكثير من الحفلات والمقابلات المبعثرة والمندثرة التي لم تتسن لمحبي نصري سماعها أو مشاهدتها . أقام العديد من الحفلات الغنائية في لبنان وفي عدد كبير من البلدان العربية: مصر – سوريا – الكويت – الأردن – ليبيا – دبي – المغرب – الجزائر – تونس، كما قام برحلات فنية الى اوروبا – افريقيا – استراليا – امريكا الشمالية والجنوبية. حصل على عدة أوسمة من لبنان – مصر – الكويت – سوريا – الأردن – البرازيل وباريس. من أهم هواياته المطالعة, الزراعة وخصوصا الزيتون حيث كان يملك معصرة للزيت. كما عرف عنه بالصيّاد الماهر وملك لعبة الداما وطاولة الزهر. تزوج من يسرى الداعوق سنة 1956 وانجب منها مصطفى والمازة (توأم), مي, ماهر, ريما ولينا (توأم). توفي نصري على المسرح في دمشق في 18 آذار 1983 إثر نزيف دماغي. وبذلك حقق أمنية طالما رددها بأن يموت وهو يعانق الخشبة التي عشقها وقدّم عليها أجمل ما لديه. بوفاته فقد الفن اللبناني والعربي مطربا وممثلا مسرحيا ترجم أعمال الأخوين رحباني بنجاح. تميز بصوته الرائع وحضوره اللامع مما جعله العامود الفقري الأول للمسرح الفلكلوري اللبناني. فهو بحق عملاق المسرح الغنائي في لبنان والوطن العربي.

السابق
بين المقاومة الوطنيّة والإسلاميّة.. الوطن على «حافة» البقاء أو الزوال!
التالي
تحذيرات اوروبية للحزب: الحرب تقترب..وايران تهدد!