لبنان يتكبد ثمن «مساندة بلا سند».. هل يلقى «حزب إيران» مصير العراق؟!

علي الامين
من يشفع بلبنان وشعبه ويجنبه المزيد الدم والخراب ودمار مؤسساته وإنكار جود الدولة، بفعل إستقواء إيران عليه عبر ذراعها "حزب الله"، التي تمعن في تلزيمه "الحروب العبثية" على الجبهة اللبنانية؟ صرخة على صيغة سؤال، تدوي فوق ركام حرب المساندة ، التي قطعت ظهر الجنوبيين، كما الغزاويين، من غير طائل او شفيع أو نصير، وخارج أي "ثواب أو عقاب"، أسوة بما فعله صدام حسين والثمن الذي دفعه، لمحور ممانعة يغرق في التخاذل، من أجل مصلحته، ويترك لبنان يصارع "التنين الإسرائيلي" منفرداً.

عندما اطلق الرئيس العراقي صدام حسين في مطلع التسعينيات من القرن الماضي، صواريخ “سكود” على تل أبيب، لم تشفع له هذه الصواريخ اجتياحه لدولة الكويت، ولم يطو النظام في ايران آثار حرب السنوات الثمانية مع العراق، ولا تهاونت المعارضة العراقية، مع ارتكابات النظام العراقي بحقها، وفي حق الشعب العراقي على وجه العموم، بل وفي خضم حرب “عاصفة الصحراء”، اجتمعت المعارضة العراقية الآتية من طهران ودمشق، ودول الشتات العراقي في حينه، ببيروت في فندق البريستول عام ١٩٩٠، واطلقت العنان لمواقفها ضد النظام العراقي، من دون ان تعير اي اهتمام لما قام به صدام حسين، ولا ابدت اي استياء من التحالف الدولي ضده، بل شاركت في الهجوم على جنوب العراق، بدعم ايراني ودولي ما لبث ان انقلب عليها التحالف الدولي، الذي لم يكن مقتنعا بعد باسقاط النظام العراقي في تلك الفترة.

في الحرب التي يخوضها “حزب الله” اليوم بإسم مساندة غزة، يتجاوز لكل الاعتبارات اللبنانية، لجهة المصلحة والفائدة من الحرب، فضلا عن الشراكة التي تتطلب في مثل هكذا حرب، ان تكون الدولة اللبنانية في صلب القرار وليست على هامشه او خارج اي مسؤولية.

في حال ترسيم الحدود البحرية بين لبنان واسرائيل، اعلن امين عام “حزب الله” وقوفه خلف الدولة اللبنانية، فاذا وافقت على خط الحدود او رفضته، فان “حزب الله” يقف خلفها. في ذلك الحين اي قبل اكثر من عامين، لم تكن الدولة اللبنانية افضل حالاً مما هي عليه اليوم، فلماذا لا يكرر “حزب الله” موقفه مجددا، ويقول اقف خلف الدولة اللبنانية في قرار الحرب؟

قدرات “حزب الله” وعدوانية اسرائيل، يتطلبان وجود الدولة اللبنانية ومؤسساتها الدستورية

ليس امر الاعتراض على “حزب الله” في ما يقرره بشأن الحرب وحساباتها، ينطلق من اي تهوين من قدراته العسكرية، ولا تقليلاُ من شأن عدوانية اسرائيل، بل بسبب ذلك عينه، اي ان قدرات “حزب الله” وعدوانية اسرائيل، يتطلبان وجود الدولة اللبنانية ومؤسساتها الدستورية وشعبها في صلب القرار، فحماية الدولة والشعب ليسا شأن حزب اي حزب بما فيها “حزب الله”، ولا من مسؤولياته، ولا يحق له قانوناُ وشرعاً اختزال الدولة والشعب في قراره، خصوصا ان الكثير من الشكوك لدى اللبنانيين في قراراته، التي لا تنطلق من ايمان بالدولة والشعب، ولا تعطي الاولوية للبنان على سواه.

وفيما ينظر اللبنانيون الى هدوء جبهة الجولان، ويسمعون كيف ان الجيش السوري، بدأ بتسريح عشرات الآلاف من جنوده في خضم الحرب الجارية باسم محور الممانعة وفي ظل شعار “وحدة الساحات” التي تقع سوريا في صلبه، وكيف ان القيادة الايرانية لم يصل غضبها على الجرائم الاسرائيلية، الى التدخل ولجم الابادة الاسرائيلية للفلسطينيين، بل اكتفت ب”حزب الله” للمساندة والاشغال!

الحرب الكونية التي انتصر عليها الاسد، تبدو اقل بأسا من حرب مع اسرائيل

على ان ما يثير الريبة، هو عندما تشن الحملات المنظمة على المعترضين، على زج لبنان في حرب لا علاقة لهم بقرار خوضها، ولا يعرفون كيف بدأت ولا كيف تنتهي، وعلى اي هدف او غاية، فيما يبدو النظام السوري، الذي طالما كان يقدم الدروس لأقرانه العرب عن المقاومة، غير معني بتحرير الجولان، وان طرق القدس التي شقها “حزب الله”، وهو يقمع الثورة السورية دفاعا عن الاسد وفلسطين، مغلقة على حدود الجولان، وان الحرب الكونية التي انتصر عليها الاسد، تبدو اقل بأسا من حرب مع اسرائيل، فاذا كان هذا حال الاسد في سوريا، فلماذا لا تقتدي الممانعة، بمن ضحت لأجله بعشرات الألاف من الضحايا؟

صواريخ صدام حسين على اسرائيل لم تشفع له، لا عند الممانعة ولا عند العرب

صواريخ صدام حسين على اسرائيل لم تشفع له، لا عند الممانعة ولا عند العرب، ولم تمح ارتكاباته او تطوي سنوات استبداده، هذا ما قالته الوقائع، فهل حرب المساندة التي لم تنقذ غزة او توقف الابادة، ستشفع لاصحابها من ايران الى لبنان، كل هذا الدمار والخراب، الممتد على طرق القدس، من اليمن الى العراق الى سوريا ولبنان؟

السابق
«التمييز العسكرية» تختتم محاكمة الاسير في «أحداث بحنّين».. وهذا «طلبه الأخير»!
التالي
مُجدداً.. السفارة الأميركية تذكر مواطنيها: تجنّبوا السفر إلى لبنان!