إيران «تُهدهد» وإسرائيل «تُهدد»!

قنصلية ايران دمشق

لا يمكن عدم أخذ تهديدات إيران، ومن خلفها “حزب الله” لقبرص، على غير محمل الجد، وإن كانت غير واقعية.

فما يهم إيران أحياناً هو فعل إطلاق النار أكثر منه نتائج هذا الإطلاق، تماماً كما حصل بالرد الإيراني على قصف قنصليتها في دمشق. وكانت النتيجة بالخسائر بالأرواح (16 – 0)، وكانت النتيجة مشابهة بقصف إيران لقاعدة عين الأسد للجيش الأميركي، رداً على اغتيال قائدها التاريخي قاسم سليماني. أي فقاعات إعلامية من دون تكبيد العدو أي خسائر.

وقصة “هدهد حزب الله” تبدو مشابهة للرد الإيراني، فالحزب هدد بهدهد، واسرائيل سبقته وما تزال تنفذ بمُسيّراتها اغتيال المئات من مقاتليه ومن قادته الميدانيين.

التهديد هو من جهة “حزب الله”، والتنفيذ هو من جهة اسرائيل، فالحزب يلتزم بقواعد الاشتباك من جهة واحدة، واسرائيل تكسرها وتعتدي وتغتال قادته وآخرين حينما تشاء، أينما تشاء، في لبنان، كما في سوريا.

إن تهديد السيد حسن نصرالله لقبرص، هو تهديد وضغط إيراني على المنطقة بأسرها، بما فيها على الخليج العربي، وإن هذا التهديد مقصود وواضح الأبعاد. إذ لا يتجرأ أحد، حتى إيران، بتهديد دولة أخرى، برد فعل غير محسوب.

فالتهديد “عسكري”، ولكن من أجل مكاسب سياسية، والمكاسب السياسية هي في حصة إيران، وفي دورها وفي نفوذها في المنطقة.

وذلك، من الاتفاق النووي، الى النفط والغاز، الى السيطرة على باب المندب، الى السيطرة على الخليج العربي(أو الفارسي بالنسبة إليهم) وقدرة تهديد وابتزاز دول الخليج، الى “اليوم التالي” في غزة، الى استكمال سيطرتها على العواصم العربية الأربع، وحتى الى الانتخابات الرئاسية في لبنان.

سلحت إيران أذرعها وموّلتها من “حماس” الى الحوثيين الى “حزب الله” الى ميليشياتها العراقية

سلحت إيران أذرعها وموّلتها. من “حماس” الى الحوثيين الى “حزب الله” الى ميليشياتها العراقية… ولكن تدخلها سيبقى غير مباشر، فهي لن تسعى “لرمي اسرائيل في البحر”، بل ستتفرج في الحرب على لبنان، مع “فيلق القدس” لديها، كما تفرجت على سحق غزة وأهلها، من دون أن تتدخل لإنقاذهم، وها هي رفح تُسحق تحت أنظارهم وهم يتفرجون، كما يتفرج العالم بأسره.

لا شك أن “حزب الله” قادر على إرهاق اسرائيل بشكل إضافي

لا شك أن “حزب الله” قادر على إرهاق اسرائيل بشكل إضافي، وسيصل قسم من صواريخه الى الداخل الاسرائيلي. ولكن هل يوازي بقصفه نتائج 7 أكتوبر، أو أن الرد الاسرائيلي قد يكلف لبنان دماراً مشابهاً لدمار غزة؟

قبرص من جهتها، لن تتأثر كثيراً بالتهديدات الإيرانية. فالمدى بعيد جداً للصواريخ من لبنان. وهي قادرة، إذا اعتقدت بجدية التهديد لبلوغ بعض الصواريخ البعيدة المدى، أن تحضر لنفسها قبة حديدية، لن تتوانى الولايات المتحدة بتزويدها بها.

يبقى أن بحر قبرص كبير وموازٍ للبنان. والحركة الأسهل لمهاجمة الأهداف في الجزيرة، قد تكون بمسيّرات مائية، تحت سطح البحر، التي يصعب رصدها ومشاهدتها ومتابعتها.

ليست الهدف في شن الحروب هو في “إزعاج” الآخرين، بل في القدرة على حماية النفس

ومع ذلك، فإن مهاجمة قبرص، إذا ما حدث فعلاً، وهو على الأرجح لن يحدث، سيكون مزيداً من الخطوات “المدروسة” بنتائج عكسية.

ليست الهدف في شن الحروب هو في “إزعاج” الآخرين، بل في القدرة على حماية النفس، وحماية المحيط والبيئة والعائلة، وحماية الحاضر وحماية المستقبل، فهل تتوفر هذه القدرات لدى “حزب الله” أو حتى لدى لبنان بأسره حالياً؟!

السابق
وزير الأشغال يُكذّب «التلغراف».. ويدعو لجولة اعلامية في المطار!
التالي
تقرير «التلغراف» و«توسيع الحرب».. تصريحات ملفتة لجنبلاط!