تَعاوُنٌ استخباري إسرائيلي – أميركي ضدّ «حماس» و«حزب الله»!

جنوب لبنان

لمحاربة المقاومة الفلسطينية، وقبل كل شيء «حزب الله» الأكثر إثارة للرعب، تَستخدم مديرية الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية أسلوباً متطوراً ومتعدد الوجه في الحرب الحديثة. وهي تتكئ على التكنولوجيا المتقدمة ومنهجيات الاستخبارات عبر أربع وحدات أساسية: الوحدة 8200، الوحدة 9900، الوحدة 504، ولوتيم.

وتعمل هذه الوحدات على تعزيز القدرات التشغيلية وتقنيات الدفاع. ويتم تعزيز هذا الإطار الاستخباراتي بشكل أكبر من خلال التعاون التكنولوجي مع الولايات المتحدة والذي يهدف إلى مكافحة التهديدات الجوفية من «حماس» و«حزب الله».

شرعت الولايات المتحدة وإسرائيل في تعاون تكنولوجي كبير لمكافحة التهديد الجوفي الذي تشكّله “حماس” و”حزب الله”

وقد أدت الجهود المشتركة في مجال البحث والتطوير إلى تقدُّمٍ في تقنيات الكشف، مثل الرادار المخترِق للأرض، وأجهزة الاستشعار الزلزالية، والطائرات من دون طيار التي تعمل بالذكاء الاصطناعي، ما أدى إلى تحسين الوعي الظرفي والكفاءة التشغيلية. ومع تطور هذه التقنيات، باتت تلعب دوراً حاسماً في تشكيل مستقبل الإستراتيجية العسكرية والتعاون الدفاعي الدولي.

الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية

تَستخدم مديرية الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية نهجاً متطوراً من خلال الوحدات الرئيسية الأربع:

  • تركز الوحدة 8200، بقيادة العميد يوسي سارييل، على استخبارات الإشارات (SIGINT) والعمليات السيبرانية. وقد لعبت، وهي المعروفة بقدرتها على فك تشفير الاتصالات الآمنة للغاية، دوراً رئيسياً في هجوم فيروس Stuxnet على البرنامج النووي الإيراني، وشاركت في عمليات إلكترونية هجومية استباقية.
  • الوحدة 9900، تحت قيادة العميد إيريز أسكال، متخصصة في الذكاء البصري (VISINT)، واستخبارات الإشارات (SIGINT)، والاستخبارات البشرية (HUMINT)، والاستخبارات الجغرافية المكانية (GEOINT) وصور الأقمار الصناعية. وهي توفّر صوراً وخرائط تفصيلية للقادة الميدانيين وصنّاع القرار، بما في ذلك إمكانات رسم الخرائط ثلاثية الأبعاد المتقدمة. وتقوم هذه الوحدة بإنشاء خرائط تفصيلية للمناطق الحضرية ذات الكثافة السكانية العالية مثل غزة والضفة الغربية ولبنان وسورية والعراق.
  • الوحدة 504 تعمل على الذكاء البشري والعمليات الميدانية، وتجنيد العملاء والتعامل معهم في أراضي العدو لجمْع معلومات استخباراتية على الأرض ضرورية لفهم نيات العدو وقدراته.

وتوظّف هذه الوحدة عملاء خارج حدود إسرائيل في غزة والضفة الغربية ولبنان وسورية ودول عربية أخرى.

وتصل الوحدة 504 إلى قاعدة بيانات تضمّ ما بين 12 إلى 14 مليون سِجِلّ هاتف محمول في هذه البلدان، وتقوم باستجواب مئات الفلسطينيين الذين تم اعتقالهم في غزة خلال الحرب المستمرة.

  • LOTEM مسؤول عن تطوير وتنفيذ الحلول التكنولوجية المتقدمة لتعزيز القدرات التشغيلية للجيش الإسرائيلي، مع التركيز على شبكات الاتصالات الآمنة، والدفاع السيبراني، والعمليات السيبرانية الهجومية، والدعم التكنولوجي للعمليات الميدانية.

التعاون التكنولوجي

لقد شرعت الولايات المتحدة وإسرائيل في تعاون تكنولوجي كبير لمكافحة التهديد الجوفي الذي تشكّله “حماس” و”حزب الله”. وتستفيد هذه الشراكة من أحدث أساليب الكشف والتكنولوجيا المتقدّمة لتحديد وتحييد الشبكات السرية التي تستخدمها هذه الجماعات المسلّحة.

وتشارك الولايات المتحدة وإسرائيل في مشاريع بحْث وتطوير مشترَكة لابتكار تقنياتِ كشفٍ جديدة. ويشمل هذا التعاون مقاولي الدفاع والمؤسسات الأكاديمية والوكالات الحكومية الذين يعملون معاً لتطوير الحلول المتقدمة.

تصل الوحدة 504 إلى قاعدة بيانات تضمّ ما بين 12 إلى 14 مليون سِجِلّ هاتف محمول في غزة والضفة الغربية ولبنان وسورية

ويتعاون كلاهما في العديد من التقنيات والأساليب الرئيسية بما في ذلك الرادار المخترِق للأرض (GPR). وتكتشف تقنية GPR الحالات الشاذة تحت السطح، وتحدد بشكل فعال هياكل الأنفاق. وتلعب هذه التكنولوجيا دوراً حاسماً في الكشف عن المسارات الخفية التي قد تمرّ من دون أن يلاحظها أحد في غزة وجنوب لبنان.

علاوة على ذلك، تكتشف أجهزة الاستشعار الزلزالية الاهتزازات الناتجة عن حفْر الأنفاق، ما يسمح بمراقبة الأنشطة الجوفية في الوقت الفعلي. وتعمل هذه الطريقة على تعزيز القدرة على تَتَبُّع جهود بناء الأنفاق والاستجابة لها بسرعة. ويقوم استخدام خوارزميات الذكاء الاصطناعي (AI) بمعالجة البيانات من أجهزة استشعار مختلفة لتحديد مواقع الأنفاق المحتملة. ويعزز التعلّم الآلي دقةَ اكتشاف الأنفاق من خلال تحليل الأنماط والشذوذات في البيانات، ما يجعل عملية تحديد الهوية أسرع وأكثر دقة.

وتتبادل إسرائيل والولايات المتحدة البيانات الاستخباراتية والعملياتية لتعزيز جهود الكشف عن الأنفاق. وتعمل الجهود التعاونية على تحسين الوعي الظرفي وأوقات الاستجابة، ما يجعل اكتشاف الأنفاق وتحييدها أكثر كفاءة.

وتتعاون الولايات المتحدة وإسرائيل أيضاَ في استخدام طائرات من دون طيار مجهزة بتقنيات متقدمة، مثل التعرف على الصوت للبحث عن نشطاء حماس وحزب الله. وتساعد هذه الطائرات من دون طيار في تحديد الأهداف وتَتَبُّعها من خلال تحليل الأنماط الصوتية والبيانات البيومترية الأخرى، ما يوفر ميزةً حاسمةً في عمليات مكافحة الإرهاب.

ونجحتْ إسرائيل في كشف وتدمير العديد من الأنفاق التي تستخدمها «حماس» للتهريب والتسلّل. ولعبت التكنولوجيا التي قدمتها الولايات المتحدة دوراً مهماً في عمليتي الجرف الصامد (2014) و7 أكتوبر 2023، ما أظهر فعالية التعاون الثنائي. بالإضافة إلى ذلك، ساعدت المخابرات الأميركية إسرائيل في تحديد موقع العديد من السجناء الإسرائيليين في النصيرات. وأسفرتْ هذه العملية المشتركة عن إطلاق سراح أربعة سجناء، لكنها تسببت في سقوط أكثر من 1000 ضحية فلسطينية ومقتل ثلاثة أسرى إسرائيليين في مكان قريب.

ومن خلال الابتكار والتعاون المستمريْن، تهدف الولايات المتحدة وإسرائيل إلى البقاء في صدارة مكافحة التهديدات الناشئة وضمان سلامة وأمن سكانهما.

إقرأ ايضاً: 17 هجوماً للحزب.. وإسرائيل تُسقط النموذج «الغزاوي» في تدمير منازل الجنوبيين

وتمثّل هذه الشراكة خطوة مهمة إلى الأمام في مواجهة التحديات التي تفرضها الشبكات السرية التي تستخدمها “حماس” و”حزب الله”.

بالنسبة لإسرائيل، يؤدّي دمْج التكنولوجيا المتقدمة والذكاء الاصطناعي في الاستخبارات العسكرية إلى إحداث تحوّل في الحرب الحديثة، ما يتيح دقة غير مسبوقة ووعياً ظرفياً. وتُجَسِّدُ وحداتٍ مثل 8200، 9900، 504، وLOTEM القدراتِ المتطورةَ المطلوبةَ للحفاظ على ميزةٍ إستراتيجية في ساحة المعركة المدفوعة بالتكنولوجيا. ومع تَطَوُّرِ هذه التقنيات، فإنها ستلعب دوراً متزايد الأهمية في تشكيل مستقبل العمليات العسكرية والاستخبارات.

ويشمل التطوير التعاوني للذكاء الاصطناعي في إسرائيل الجيشَ الإسرائيلي، ومديرية أبحاث وتطوير الدفاع التابعة لوزارة الدفاع الإسرائيلية (IMOD DDR&D)، والأوساط الأكاديمية، والشركات الخاصة. واعتباراً من مايو 2023، لا يوجد كيان واحد يشرف على الذكاء الاصطناعي الدفاعي في إسرائيل. ومع ذلك، تعمل وزارة الدفاع وهيئة الابتكار الإسرائيلية بنشاطٍ على تعزيز البنية التحتية للذكاء الاصطناعي وتعزيز التقدم.

ويسلط الصراع المستمر بين إسرائيل و«حزب الله» الضوءَ على الدور التحويلي الذي يلعبه الذكاء الاصطناعي في الحروب الحديثة. ومع استمرار تل أبيب في دمج تقنيات الذكاء الاصطناعي المتطورة في عملياتها العسكرية، فإنها تكتسب دقةً غير مسبوقة ووعياً بالموقف. وتمثل الوحدات مثل 8200، و9900، و504، وLOTEM القدرات المتطورة اللازمة للحفاظ على ميزة إستراتيجية في ساحة المعركة المدفوعة بالتكنولوجيا.

إنها الطبيعة الديناميكية للصراع العسكري. ومن خلال تطوير تدابير مضادة فعالة، تَمَكَّنَ «حزب الله» من التخفيف من تأثير الذكاء الاصطناعي الإسرائيلي، وأَظْهَرَ المرونةَ والبراعةَ الإستراتيجية.

والتعاون بين الولايات المتحدة وإسرائيل يعزّز هذه الجهود في شكل أكبر، خصوصاً في مكافحة التهديدات الجوفية التي تشكّلها “حماس” و”حزب الله”. ومن خلال البحث والتطوير المشترك، أصبحا رائدتيْن في تقنيات الكشف المبتكَرة التي تعمل على تحسين الوعي الظرفي والكفاءة التشغيلية. ولا تعمل هذه الشراكة على تعزيز قدراتهما الدفاعية فحسب، بل تشكل أيضاً سابقةً للتعاون الدولي المستقبلي في مجال التكنولوجيا العسكرية.

ومع تطور الذكاء الاصطناعي والتكنولوجيات ذات الصلة، فهي ستستمر في لعب دور حاسم في تشكيل الإستراتيجيات والنتائج العسكرية، علماً أن الآثار الأخلاقية والمخاطر المحتملة المرتبطة بالذكاء الاصطناعي في الحرب تتطلب التدقيقَ المستمر والتنفيذَ المسؤول.

وفي نهاية المطاف، فإن دمج التكنولوجيا المتقدمة في الاستخبارات العسكرية يدلّ على حقبة جديدة من القتال، حيث الدقة والقدرة على التكيّف والتعاون هي المفتاح للحفاظ على الأمن وتحقيق الأهداف الإستراتيجية.

السابق
17 هجوماً للحزب.. وإسرائيل تُسقط النموذج «الغزاوي» في تدمير منازل الجنوبيين
التالي
من هم يهود «الحريديم» ولماذا يرفضون التجنيد الإجباري بالجيش الإسرائيلي؟