«القارة العجوز» تتخبط واليمين الاوروبي يتقدم!

ماكرون

ثمة علامات فارقة ومميزة، برزت في الانتخابات البرلمانية الاوروبية، التي انتهت مساء الاحد الماضي في التاسع من حزيران – يونيو الحالي، والتي شملت الدول السبع والعشرين المنضوية في الاتحاد، والتي جرت على مدى اربعة ايام، واستطاع اليمين الاوروبي والمتطرف منه الفوز بنتيجة وازنة ومهمة، وقد تكون مؤشراً حقيقياً على مسار سياسات الحكم في دول الاتحاد، وهذا الامر يؤشر لغياب الاحزاب اليسارية، وذات الميول الوسط واليمين الوسط، نتيجة الفشل في تطبيق الاصلاحات التي تريدها شعوب اوروبا، وبالتالي الازمات التي يعانيها المواطن الاوروبي، منذ جائحة كورونا ومروراً بالحرب الروسية – الاوكرانيا، والتي مازالت مستمرة وما برز عنها من نتائج، تؤرق بال الحكام الاوروبيين واحزابهم، وما نتج عنها من ازدياد حدة التضخم وغلاء السلع الاستهلاكية، وتأثيرها على رواتب ودخل الاوروبيين، وهذا ما جعل المواطنين يتوجهون للاقتراع لاحزاب اليمين واليمين المتطرف منهم، والتي تُعتبر جورجيا ميلوني رئيسة الوزراء الايطالية، ابرز الرابحين في هذه الانتخابات، لانها حصدت نتائج ابرز من نتائجها في العام ٢٠٢٢، كذلك صديقتها الفرنسية ماري لوبين، والتي قد تكون انتخابات البرلمان الاوروبي هي المعبر، التي سيوصلها إلى قصر الاليزي في العام ٢٠٢٧.

برز ان الخاسر الاكبر من هذه الانتخابات الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون وكتلته النيابية “التجديد


وبرز ان الخاسر الاكبر من هذه الانتخابات، الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون وكتلته النيابية “التجديد”، والتي خسرت ثلاث وعشرين نائباً، وبقي منها فقط تسع وسبعين .
هذه الخسارة ادت به، لاتخاذ قرار سريع عصر يوم الاحد، قضى بحل الجمعية الوطنية “البرلمان الفرنسي” والدعوة لانتخابات برلمانية سريعة في الثلاثون من هذا الشهر.
ويهدف من هذا الامر ماكرون، خلط الاوراق من جديد في الداخل الفرنسي، متمنياً ان يؤثر على رأي الناخب الفرنسي، والذي قد يُعيد له بعض الاعتبار، وبنتيجة ذلك قد يُعزز حضوره، او ستكون بقية ولايته رئيساً ضعيفاً، وبالتالي يكون بذلك مهد الطريق وعبدها، امام زعيمة اليمين المتطرف لوبين، في الانتخابات الرئاسية التي ستجري في العام ٢٠٢٧.
ويُعتبر كل من شولتس المستشار الالماني والكساندر دي كرو رئيس الوزراء البلجيكي، والذي استقال عقب صدور النتائج، ابرز الخاسرين من هذه الانتخابات.
هذا الامر يؤشر، الى ازمة انظمة الحكم التي تعيشها الدول الاوروبية، وفي عدم قدرتها على حل المشاكل امام مواطنيها، مما دفع بالمواطنين الاوروبيين، إلى محاسبة الاحزاب التي تحكم وتدير شؤن القارة العجوز، والتي ستواجه ازمات كبيرة في حال إعادة انتخاب دونالد ترامب رئيسا للولايات المتحدة الامريكية، بالنظر لمواقفهِ السابقة من القارة الاوروبية، ولا سيما ان الاوروبيين لم يستطيعوا الاتفاق على إنشاء قوة موحدة، قادرة على الدفاع عن اوروبا والوقوف بوجه الحروب التي تدور بين الحين والاخر على اراضيها، من حروب يوغوسلافيا السابقة الى الحرب الروسية – الاوكرانية، التي تدور على جزء من اراضي القارة الاوروبية، وبالتالي لن تستطيع اوروبا وانظمة الحكم فيها، من الاستغناء عن الدعم والحماية الامريكية، خصوصاً ضمن حلف الناتو، وما تُقدمهُ من مساعدات مالية وعسكرية كبيرة في هذا الإطار.

قد تكون نتائج الانتخابات البرلمانية الاوروبية مدخلاً لبروز تغييرات جذرية في انظمة الحكم


بذلك، تبقى اوروبا عاجزة عن الدفاع عن نفسها، دون تدخل وحماية امريكية، خصوصاً اذا ما نفذ الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ما يخشى منه الاوروبيين، وإذا خرج منتصراً من حربه على اوكرانيا، والتي قد تكون الخطوة الثانية غيرها من الدول الاوروبية .
إذن، قد تكون نتائج الانتخابات البرلمانية الاوروبية مدخلاً لبروز تغييرات جذرية في انظمة الحكم، خصوصاً ان اليمين المتطرف، قد يُعيد بناء فكر التعصب، وتعزيز العنصرية تجاه المهاجرين، وبالتالي قد يُعيد بروز النازية الجديدة، او مايشبهها وبنسخة متطورة، تُعيد خلط الاوراق مجدداً، مما يُساهم من جديد، في توتير الاجواء ويُعيد نزاعات قديمة، قد اعتبرها البعض انها اندثرت ومضى عليها الزمن.

السابق
ثورة في الجحيم للزهاوي باللغة الإسبانية
التالي
غالية ضاهر ل«جنوبية»: نسخة «أمم بيبليو» الجديدة مهداة للمؤسس الشريك لقمان سليم