فلسطين ومذكرة توقيف نتنياهو

نتنياهو

انشغلت مراكز القرار الدولية والرأي العام العالمي في الأسبوع الفائت، بعدة أحداث مهمة: قرار المحكمة الجنائية بتوقيف بنيامين نتنياهو، ووفاة الرئيس الإيراني في حادث تحطم طائرته، والأمر الجديد الذي أصدرته محكمة العدل الدولية لإسرائيل بوقف الهجوم العسكري على رفح، وبالإبقاء على معبرها مفتوحا أمام المساعدات الإنسانية.

لا علاقة مباشرة بين الأحداث، لكن لكل منها انعكاساته على الداخل، في كل من إسرائيل وإيران والمنطقة.

إسرائيل فلقد اثار قرار التوقيف فيها زوبعة لن تهدأ قريبا

فإيران دخلت مرحلة على الأقل، ستكون قلقة وغير مستقرة، فيما يتعلق بخلافة علي خامنئي، مهما قيل عن المؤسسات وامساكه بالقرار.
أما إسرائيل فلقد اثار قرار التوقيف فيها زوبعة لن تهدأ قريبا.

انها المرة الثانية التي تخضع فيها إسرائيل للمساءلة عن الجرائم التي ترتكبها في غزة، بعد قرار الادانة الذي اتخذته محكمة العدل الدولية مطلع العام. اما المحاسبة فشأن آخر.

أصدر كريم خان، مدعي عام المحكمة الجنائية، مذكرات التوقيف بحق بنيامين نتنياهو ويوآف غالانت، بتهمة ارتكاب جرائم حرب أو جرائم ضد الإنسانية في حرب غزة، في إطار هجوم واسع النطاق ومنهجي ضد السكان المدنيين الفلسطينيين. وتشمل هذه الجرائم المستمرة، تجويع المدنيين وتعمّد إلحاق أذى خطير بالجسم أو بالصحة والقتل العمد، وتعمد تمديد معاناة السكان المدنيين، باعتبار ذلك جريمة حرب وإبادة و/أو القتل العمد.

رد نتنياهو على الاتهامات، بإنها عبثية وتشكل فضيحة ومؤامرة، ولن توقفه عن الحرب في غزة. وان غرضها استهداف إسرائيل بأكملها. اما هرتزوغ فاعتبرها «أكثر من شائنة»، وستشجع «الإرهابيين» في جميع أنحاء العالم، انتقدها أيضا جو بايدن ووصفها بانها مخزية.

لكن قرار المدعي العام للجنائية، طال ايضاً 3 من قادة «حماس»، هم يحيى السنوار، ومحمد الضيف، وإسماعيل هنية. ردت “حماس”، إن طلبه بإصدار أوامر اعتقال بحق رئيس الوزراء الإسرائيلي ووزير الدفاع تأخرت سبعة أشهر، ووصفت القرار ضدها بـ«مساواة الضحية بالجلاد”؛ وأن وإجراءات المدعي العام جاءت «دون أساس قانوني، ومخالفاً للمواثيق والقرارات الأممية، التي أعطت الشعب الفلسطيني وكافة شعوب العالم والواقعة تحت الاحتلال الحقّ في مقاومة الاحتلال بكافة الأشكال، بما فيها المقاومة المسلحة. وطالبت بإلغاء الطلب.
في المقابل، قدمت معظم الدول الأوروبية، دعماً لا لبس فيه، لتحرك “المحكمة الجنائية الدولية”. وقررت إسبانيا وأيرلندا والنروج، الاعتراف بفلسطين، رغم الرفض الأمريكي الشديد للخطوة.

ثم كشف مدعي عام المحكمة الجنائية الدولية خان، أنه تعرض للتهديد، بسبب طلبه إصدار مذكرات اعتقال بحق رئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو، ووزير دفاعه غالانت. وأن احد السياسيين الغربيين قال له إن هذه المحكمة “أنشأت من أجل إفريقيا ومن أجل “السفاحين مثل الرئيس الروسي فلاديمير بوتين”، بحسب تعبيره. ما يظهر استنسابية العدالة عنده والكيل بمكيالين بأبهى صورها.

لكن ورغم هذه المساندة القوية لإسرائيل، الا ان هناك ظواهر عدم ارتياح متزايدة من احتلالها، ومن ممارساتها في حربها على غزة، وتدعو لإيقاف الحرب المستمرة منذ أكثر من سبعة شهور.

وبمعزل عن أن اتهام كل من نتنياهو والسنوار، سيلغي مفاعيل هذا القرار عملياً، وبالرغم من الاتهامات الداخلية، لكل من نتنياهو من قبل غالانت وغانتس، بأنه يقامر ويقوّض الامن والاستقرار في إسرائيل، واتهام محمود عباس للسنوار ول”حماس: بتقديم خدمة للمخطط الإسرائيلي، وتحميلهما مسؤولية الكارثة التي سمحت لإسرائيل بتدمير القطاع.

يبقى ان علينا التذكير، بأن المحكمة لا تملك شرطتها الخاصة بها، بل تعتمد على مجلس الامن لتنفيذ قراراتها، فهذا يعني ان القرار لن ينفذ، لكنه يُعدّ مع ذلك، ادانة لنتنياهو ستلاحقه كمجرم حرب.
أخيراً جاءت طلائع العدالة، ولو متأخرة ومجتزأة؛ لكن العدالة لا تتحقق دون حرية.

وتحقيق العدالة للفلسطينيين يتطلب حلّ جميع جوانب الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، بما في ذلك: إنهاء الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية. إقامة دولة فلسطينية مستقلة وعودة اللاجئين الفلسطينيين، وتعويضهم عن الأضرار التي لحقت بهم جراء الحرب.

السابق
العدوان الاسرائيلي تابع.. غارة على منزل في بنت جبيل على دفعتين!
التالي
ذهب لمتابعة علاج نجله… إبن شقراء علي ويزاني يسقط شهيداً في بنت جبيل