شيعة لبنان «يتخبطون» في دوامة حروب لا تنتهي!

سنة شيعة

سُئل المرجع الراحل السيد محسن الطباطبائي الحكيم : “هل يجب على شيعة لبنان تحرير فلسطين”؟، فأجاب بالقول: “بسمه تعالى ..إذا قام معهم العرب والمسلمون فيجب، وإلا فلا ..”!
ويظهر أن مفاعيل هذه الفتوى لم تبطل بعد، فهي ما تزال واقعية مئة بالمئة، فلا يمكن تجشيم شيعة لبنان أعباء تحرير فلسطين، في الوقت الذي يستبعد فيه ما يقرب من 300 مليون عربي عن مهمة تحرير فلسطين، وفي وقت يعيش فيه ما يقرب من ملياري مسلم النوم العميق، والتغاضي عن أكبر مجزرة حصلت بالمسلمين في قطاع غزة وسائر المدن الفلسطينية منذ 75 وحتى يومك هذا!

انهاك الشيعة بالحروب

وشيعة لبنان الذين أنهكوا بالحروب المتتالية، منذ تأسيس دولة اسرائيل على ارض فلسطين بقرار دولي جائر، ما زال الشيعة يعانون من حروب داخلية وخارجية لا تنتهي حتى تكبدوا الاف الشهداء على حدودهم الجنوبية وسوريا وغيرها من بلاد محور الممانعة، وهي بلغت ذروتها في الاجتياح الاسرائيلي عام 1982، وبعدها حرب التحرير حتى عام 2000، وبعدها حرب عام 2006، ثم حرب سوريا التي سقط فيها اكثر من 2000 مقاتل شيعي من “حزب الله”، حفاظا على نظام الرئيس بشار الاسد، واليوم ما زلنا نعاني من خسائر مادية ودمار في الجنوب، وفقدان مئات الشهداء، في الحرب التي شنها “حزب الله” نصرة لغزة.

ما زال الشيعة يعانون من حروب داخلية وخارجية لا تنتهي, حتى تكبدوا الاف الشهداء على حدودهم الجنوبية وسوريا وغيرها من بلاد محور الممانعة

هذا في الوقت الراهن، سلبت منذ أربع سنوات اموال اللبنانيين بأزمة البنوك التجارية، نتيجة الانهيار الاقتصادي، وهم يحاصرون في أرزاقهم في بلاد المهجر، ومن بقي منهم داخل لبنان يعاني في الغذاء والدواء في كل يوم، بما لا يعلمه إلا الله، وليس لديهم مقومات للمواجهات العسكرية الشاملة، فلا ملاجئ تؤوي المدنيين، ولا أماكن آمنة للجوء إليها في حال اشتعال حرب شاملة، ولا قدرات مادية لدى الأسر والعوائل، تمكنهم من ترك بيوتهم والتهجير منها، وكما قال أحد المهجرين اليوم من القرى الحدودية بفعل الحرب الحالية : “لو تهجرنا فمن منا معه ألف دولار قد ادخرها فسوف يصرفها في شهر واحد”! وقال آخر: “لو أخرجنا من ديارنا فسوف تفوح منا الرائحة … “، فمن يقدر على ترك بيته والتهجير منه، في ظل الأزمات والصعوبات التي تعصف بالبلاد ؟!

أن كل أساطيل الدنيا في أمريكا وأوروپا سوف تأتي للمنطقة للدفاع عن وجود إسرائيل وبقائها، لأن وجودها وبقاءها هو حاجة استراتيجية للغرب

بين الشرق والغرب وهذه الأمور وغيرها، مما لم يأخذه أمين عام “حزب الله” السيد حسن نصر الله بالحسبان، عندما قرر فتح باب القتال في الجبهة الجنوبية، وهذا ما نراه بالفعل من إهمال لحوائج النازحين، المغلوب على أمرهم، والذين تحولت بيوتهم لأهداف للعدو الصهيوني، بعد ان تحوّل عدد منها الى مواقع عسكرية، هذا ما لم يأخذه السيد نصر الله في حسبانه قبل فتح نيران المعركة، وهو مصر على شعار: “على طريق القدس”، ويعلم أن كل أساطيل الدنيا في أمريكا وأوروپا سوف تأتي للمنطقة للدفاع عن وجود إسرائيل وبقائها، لأن وجودها وبقاءها هو حاجة استراتيجية للغرب، في مواجهة معسكر الشرق المتمثل بالتنين الصيني، والدب الروسي والوحش الكوري الشمالي، الذين يهددون مستقبل المنطقة باستعماره تماماً كما يفعل الغربيون حالياً، بل قد يكون استعمارهم أشد وحشية، ونبتلى بما ابتلينا به بعد زوال الحكم الأموي، واستبداله بالحكم العباسي، حتى قال الشاعر : يا ليت ظلم بني مروان دام لنا وليت عدل بني العباس في النار!

فالمنطقة لن تسلم بخروجها المزعوم من ظلم الغرب، ودخولها في عدل الشرق، وهذه حقيقة يجب أن تكون واضحة للقيادات جميعاً، بحيث ينظروا بموضوعية وعدالة، ويستخدموا الكثير من اللين إلى جانب الشدة، والدبلوماسية إلى جانب القوة، سيما السيد نصر الله، الذي يبدو في الأفق، أنه يقود الطائفة الشيعية في لبنان نحو الهاوية والهلاك من خلال خطواته غير المحسوبة والتي لا يستشير فيها عقلاء الطائفة، بل يقتصر على رأي مستشاريه الذين أدخلوه سابقاً بحرب 2006 في معمعة: “لو كنت أعلم”!

السابق
وجيه قانصو يكتب لـ«جنوبية»: الإجماع والشرعية أساسا كل فعل مقاوم
التالي
سلسلة لقاءات للعماد عون في قطر.. اليكم مضمون الزيارة