العلامة الراحل السيد محمد حسن الأمين، علاوة على جهوده العلمية الحوزوية، أثناء تصديه للدراسة والتدريس بين جبل عامل والنجف الأشرف، كانت له اليد الطولى في تصويب حركة النضال العربي، لمواجهة المخاطر التي تواجه الأمة العربية، سيما في تبنيه لمنطلقات القضية الفلسطينية، وتشجيعه النهضة الناصرية التي عمّت العالم العربي، في حياة القائد العربي جمال عبد الناصر، كما كانت للعلامة الأمين معالجات فكرية، للأزمات التي تواجه الكيانات الإسلامية، في دول الشرق والغرب، من خلال محاولة منع عزل واضطهاد وقمع الوجود الإسلامي، وذلك عبر طرحه الرافض لتديين السلطة، من منطلق دمج الكيانات الإسلامية في تركيبة الأنظمة، لتساهم في تنمية وتطوير وتفعيل تأثيرها، في حفظ التجمعات البشرية ذات الصبغة الإسلامية ..
كانت له اليد الطولى في تصويب حركة النضال العربي لمواجهة المخاطر التي تواجه الأمة العربية، سيما في تبنيه لمنطلقات القضية الفلسطينية وتشجيعه النهضة الناصرية
مقاومة اسرائيل
شكل العلامة الأمين بطروحاته الفكرية والعملية الميدانية، الأبوة الواقعية للممانعة الحقيقية، التي تؤتي أكلها كل حين، وفي عين الوقت لم يغفل العمل الجهادي لمواجهة أطماع إسرائيل في المنطقة، فدعم المقاومة الفلسطينية، وأعلن المقاومة الوطنية اللبنانية لمقاومة الاحتلال، بعد اجتياح العدو الصهيوني لجنوب لبنان، واحتلاله القسم الأكبر من العاصمة بيروت سنة 1982، وقد عانى القمع والنفي، من قبل المخابرات الاسرائيلية وعملائها في الجنوب اللبناني، بسبب مواقفه الجهادية الرائدة ..
ولما اعتنق فريق من الشيعة مبدأ ولاية الفقيه، كصيغة للحكم الإسلامي، انتقده السيّد كونه سوف يؤدي لمحاصرة الشيعة في بلدناهم، وسيخلق لهم من الأزمات ما هم بغنىً عن تحمل تداعياته، فحاول التوفيق بين دور الفقهاء في إدارة شؤون الناس، وبين تجنب تصادم القواعد الشعبية مع الأنظمة الحاكمة، ليستثمر الشيعة طاقاتهم في تنمية قدراتهم الاقتصادية والاجتماعية، وإثبات وجودهم الفاعل والإيجابي، مما يساعد على قبول الشيعة عقيدة وفقهاً ودوراً رائداً، ويساهم بقوة في إزاحة الشبهات، التي حاول الحاكمون لصقها بالتشيع عبر عصور الاضطهاد الغابرة، التي مرت على هذه الطائفة في القرون الماضية …
عانى القمع والنفي من قبل المخابرات الاسرائيلية وعملائها في الجنوب اللبناني بسبب مواقفه الجهادية الرائدة ومقاومته للاحتلال
وبقي يراقب التحولات في الواقع الشيعي، ليعلن القوة الثالثة بعد اغتيال الشهيد رفيق الحريري عام 2005، لتستوعب غير المنخرطين في إطار الثنائي الشيعي ل”حزب الله” و”حركة أمل” إيماناً منه بضرورة تحرير المقاومة من التبعية للمشاريع الخارجية في قرار السلم والحرب، وأن تكون مقاومة وطنية، بكل ما للكلمة من معنى، وبهذا تجلت أبوته للمقاومة الحقيقية، التي يبحث عنها السواد الأعظم من اللبنانيين عموماً وقرابة نصف الشيعة اللبنانيين خصوصاً، فكان رحيله خسارة كبرى لهذا المشروع، الذي لو تتابع لجنب الطائفة الشيعية الكثير من الويلات ..
فكان العلامة الأمين من آباء المقاومة الحقيقيين .. لروحه في ذكراه ألف رحمة وسلام …