
تأتي الذكرى الثالثة لغياب العمامة العلَم حافلة بمرايا ناصعة، حاشدة بذاكرة طيبة لا تنتسى.ذكرى غياب العلامة الشاعر السيد محمد حسن الأمين.
نحاول ولوج مرآة الراحل الكبير، ونفتح مرايا ذاكرة طيبة.
من مرايا الذاكرة مع سماحتة، تلتمع مرآة الشعر والقصيدة واللغة التي كانت منواله ومتناوله ومتنه الأعلى الحصين، لغة تستجيب لدفين إيقاعاتها وتوهج دلالاتها، في الركن والأركان، والكتاب.
فمنذ لقائي الأول بسماحته، قبل أكثر من ثلاثين سنة، كانت القصيدة (خيمته-خيمتنا)،والشعر مساحة اللقاءات والجلسات الطويلة.
عاش الراحل حياة الشعر والقصيدة، أكثر مما عاش حياة العمل كقاض ورئيس المحكمة الشرعية.
كان يثابر على تنويع بحثه الشعري بالفلسفة وخصوصيتها وجدليتها
واستطاع أن يدوزن حياته وأفكاره بين الشعر والدين، فكان الشاعر السيد المؤمن المتعبد لربه، والشاعر الباحث في تخوم اللغة ، عن حداثة وتجدد ومعرفة، تفوق الدراسة الأكاديمية، وسواها من علم المعرفة والكلام. وبطبيعة اهتمامه بالفكر الديني، تعمق بهذا الفكر وعالجه وناقشه وتبحّر فيه فلسفياً، وصولاً الى علاقة الفلسفة بالشعر. وكان يثابر على تنويع بحثه الشعري بالفلسفة وخصوصيتها وجدليتها، القديرة في توصيف العمق الجواني للعقل.
عودنا الراحل على حضوره في المكان الشعري، وفي المناسبات والمهرجانات الشعرية والثقافية، المحلية والعربية، وكان لهذا الحضور ميزة وتطلعات واسعة في الرؤيا.
أبلغ ما كتبه الراحل شعراً، كانت القصيدة التي تقرأ في حياة الإنسان والوجود، وصولاً الى حقيقة الموت الثابتة، في وعيه ومعرفته واستشرافاته.
واذا ما حاولنا توصيف فكرة الموت، وكيف يشرحها بشعره،نقرأ له ما كتبه :
“الموتُ ليْسَ آرتِحالٌ ،
إنّه سَفَرٌ أبّهى
وبرقُ وراءَ العُمّر مُدَخَر
الموتُ موجةُ سِحرٍ وارتحالُ دمٍ في
دهشةٍ ومدى في الحُلمِ يُبْتكرُ”.
تلك هي الفلسفة الشعرية التي أوجزها الشاعر السيد في قصائده. خير المعنى في فصيح شعره،وكثير دلالاته في تجزئة “ذرة” اللغة، وختم إشارة البلاغة في موسوعة شرحِهِ المتمم لسلسلة المعنى والدلالة والإشارة.
أن تكون القصيدة لولبية في معجمها، فهي تفسير متجدد للقصيدة نفسها
أن تكون القصيدة لولبية في معجمها، فهي تفسير متجدد للقصيدة نفسها، والسيد الأمين ، عرف كيف يرسم مسار الحب المفتوح، على تنوعات العيش والحياة برمتها.
