
أخذ الاقتصاد اللبناني ومضة امل في الصيف الماضي، نتيجة الموسم السياحي الواعد الذي انعكس إيجابا على التفاعل الاقتصادي العام، بحيث انه أعاد لبنان الى الخارطة السياحية الدولية تبعها انتعاش الخدمات المتلاصقة بالموسم الذي مضى، مع ما يمكن البناء عليه لإعادة هيكلة الاقتصادي الوطني، بدءا من انتخاب رئيس للبلاد وصولا الى البدء بالإصلاحات المطلوبة من صندوق النقد الدولي، لعودة لبنان الى واقع الطبيعي.
الا ان الفرحة لم تكتمل بعدما استعرت المخاطر الأمنية، وعادت وبثت جواً من عدم الإرتياح، المَشوب بالخوف والقلق من المستقبل القريب، بفعل تطورات حرب غزة القائمة فلسطينياً، ولبنانياً على الساحة الجنوبية، اذ نقل الوضع الأمني المضطرب حال النمو الاقتصادي من ضفة التحسن إلى الضفة الجمود السلبي، حيث تغيب كل عوامل الثقة والطمأنينة التي ينشدها النمو.
واتى التفاؤل بالنمو بعدما ثبتت وكالة Moody’s تصنيف لبنان الائتماني عند (C)، لكنها عدّلت في الوقت عينه نظرتها المستقبلية إلى مستقرة، وذكرت في تقرير لها “أن التوقعات المستقبلية المستقرة لـ “لبنان” هي انعكاس لتوقعاتها بأن يظل التصنيف عند (C) في المستقبل المنظور، مشيرة في الوقت نفسه إلى أن استمرار الفراغ السياسي يزيد من مخاطر حدوث أزمة اقتصادية ومالية واجتماعية طويلة الأمد.”
في هذا السياق، أكد خبير اقتصادي ومالي ل”جنوبية بأن تعرض لبنان لمزيد من تصاعد العمليات العسكرية في جنوبه، نتيجة الصراع الدائر بين اسرائيل وحركة “حماس” في مدينة غزة، سوف يبدد بشكل جزئي مكاسب حديثة في الاقتصاد الوطني اللبناني، بعدما كانت وكالة S&P Global قد أبقت التصنيف الائتماني للديون بالعملة الأجنبية للبنان، عند “التعثر الانتقائي” مع نظرة سلبية، وسط توقعات متباينة بشأن النمو الاقتصادي والتضخم والعملة”.
توقع “عودة النمو الاقتصادي إلى منحاه التصاعدي عبر استنباط نشاطات سياحية وخدماتية وتشغيلية عدة
وتوقع “عودة النمو الاقتصادي إلى منحاه التصاعدي، عبر استنباط نشاطات سياحية وخدماتية وتشغيلية عدة، فضلا عن مشاريع مستحدَثة في قطاعات عدة، وتعزيز الحركة التجارية الكبرى التي يتحلى بها اللبنانيون والقاطنون في لبنان”.
ورأى ان “الاقتصاد اللبناني يرجح له ان ينمو بنسبة 2% في العام 2023، بعد أربع سنوات من الانكماش الاقتصادي بين 2018 و2021 مقارنةً بنسبة 0% في العام 2022. أما توقعات النمو 2% لهذا العام فهي مبنيّة على:
الاقتصاد اللبناني يرجح له ان ينمو بنسبة 2% في العام 2023 بعد أربع سنوات من الانكماش الاقتصادي
- أولاً: موسم سياحي بدأ في أول العام واستمر لغاية شهر أيلول بوتيرة غير مسبوقة، واستقبل لبنان 3 ملايين و450 ألف زائر في العام 2023 لغاية منتصف أيلول الفائت بحسب الأرقام الأولية لوزارة السياحة، ما شكّل زيادة 30% عن الفترة ذاتها من العام الفائت. ويتبع هذا العام سنة سياحية كانت جيدة جداً في العام 2022، عندما ارتفع عدد السياح في لبنان بنسبة 90% ووصل إلى 3 ملايين و920 ألفاً. فالنفقات السياحية في العام 2023 لم تصدر بشكل رسمي حتى الآن، لكن الإيرادات المباشرة ناتجة عن الحركة السياحية في العام 2022، وارتفعت بنسبة 70 في المئة وبلغت 5 مليارات و300 مليون دولار، فيما توقعات العام 2023 تحمل أرقاماً أفضل من تلك بكثير.
- ثانياً: مع الإشارة إلى أن هناك 14 قطاعاً يستفيد من القطاع السياحي، هناك قطاعات أخرى تتحرّك على الساحة اللبنانية بشكل مقبول، كقطاعات التكنولوجيا وتكنولوجيا المعلومات والشركات المفتوحة على أسواق الخارج…إلخ.
- ثالثاً: تحسّن ملحوظ في الاستهلاك جراء تحسّن القدرة الشرائية لشريحة من المواطنين.
- رابعاً: استمرار تدفّق تحاويل المغتربين في العام 2023 بوتيرة العام 2022 تقريباً، أي نحو 6 مليارات و400 مليون دولار. كل تلك العوامل دفعتنا إلى توقّع نمو 2% في العام 2023.
- خامساً: استقرار سعر صرف الدولار الأميركي في السوق الموازية منذ نهاية شهر آذار الفائت.
- سادساً: سجل لبنان موسما سياحيا صيفيا انتهى، لكن موسم السياحة استمر في أيلول الفائت، بدليل استمرار حركة المطار، حيث بلغ عدد الوافدين 341 ألفاً بارتفاع 22% عن أيلول 2022، و اذ يشكل المغتربون 62% من عدد السيّاح في لبنان.