صدر عن المجلس الثقافي للبنان الجنوبي البيان الآتي:
وسط صمت العالم، لا بل تواطئه، تتعرض غزة ومنذ أيام لمقتلة قل نظيرها، جلّ ضحاياها من الأطفال والنساء والمواطنين العزّل، ذنبهم الوحيد أنهم أصحاب الأرض وُلدوا فيها وعاشوا عليها، وتدثّرت أجسادهم بترابها. لكنهم مسجونون فيها محاصرون، محرومون من أرضهم في فلسطين، من سمائها وبحرها وترابها.
ما يجري على أرض غزة اليوم هو إبادة جماعية يتعرّض لها الشعب الفلسطيني على يد قوات الإحتلال الاسرائيلي وبمباركة أميركية وأوروبية كاملة، وبظل صمت عربي مريب.
غزة تُذبح على مرأى من العالم، الأطفال والنساء والشيوخ يُقتلون بدمٍ بارد، ومن سَلِم أصبح بلا مأوى يفترش العراء، دون طعام أو ماء أو كهرباء. ما يحصل في غزة من قتل للأبرياء وتهجير لمئات الآلاف هو نكبة جديدة، توازي النكبة الأولى بفظاعتها وإجرامها وقساوتها. لكنها في الوقت نفسه لن تستطيع أن تسلب إرادة شعب في حقه بأرضه وسمائه وبحره.
إن ما يتعرّض له الشعب الفلسطيني في غزة اليوم على يد قوات الاحتلال الاسرائيلي، يثبت أن قضايا الشعوب لا تموت، مهما طال الزمن، ومهما قست الظروف، تبقى حية، لا يستطيع أحد طمسها أو إلغاءها.
لن تنادي غزة أحداً ولن تصرخ «وا عربا» لأنها تدرك جيداً أن صوتها لن يلقى إلا صداه، لكن غزة تنادي الشعب الفلسطيني بكل أطيافه وقواه، لا بل تفرض عليه أن يتوحّد وأن يحدّد خياراته بشكل واضح، وأن يلتف حول مشروع فلسطيني واحد آن أوانه، فالأحداث أثبتت أن الحق الفلسطيني لا يُستعاد في ظل تشرذم المطالبين به، والمؤتمنين عليه.
إن المجلس الثقافي للبنان الجنوبي، وانطلاقاً من نشأته ومبادئه وسيرته، نصيراً لفلسطين وقضيتها العادلة، ما بخل يوماً في الدفاع عنها، ثقافة وأدباً ومواقف، يدعو اليوم المثقفين العرب من جميع الأقطار العربية إلى موقف تاريخي جامع، مؤازرة لقضية فلسطين وشعبها، واستنكاراً للمجازر التي ترتكب بحق الأبرياء العزل، يدعو إلى أوسع حملة تضامن مع غزة الجريحة التي مهما قست الظروف ستبقى جزءاً لا يتجزأ من فلسطين، جارة البحر، تنساب على الماء وتلتحف السماء.