أظهرت مواقف القوى السياسية اللبنانية من عملية حماس داخل الأراضي المتاخمة لقطاع غزة، تحسبا من انعكاس التطورات العسكرية على لبنان بعد الاشتباكات التي سجلت مساء وسقط فيها قتلى وجرحى.
فبعد كلام “حزب الله على لسان رئيس المكتب التنفيذي هاشم صفي الدين، بأن الحزب ليس على الحياد، جاء التحذير الرئيس الأميركي على لسان الرئيس جو بايدن من فتح جبهات أخرى، معلناً دعمه الكامل لأمن إسرائيل، واستعداد بلاده لتقديم مساعدات عسكرية عاجلة لاتخاذ ما يلزم لإعادة هذا الأمن الى اسرائيل.
سجل لأول مرة شبه إجماع بين الأحزاب الفاعلة في لبنان على مطالبة الحزب بمراعاة الظروف السياسية التي يمر بها لبنان
وسجل لأول مرة شبه إجماع بين الأحزاب الفاعلة في لبنان، على مطالبة الحزب بمراعاة الظروف السياسية التي يمر بها لبنان وعدم قدرته على تحمل مواجهة عسكرية شاملة مع إسرائيل.
وتترقب القوى سير المناوشات والاشتباكات الدائرة على الحدود اللبنانية الاسرائيلية والتي سقط بنتيجتها ٣ عناصر لحزب الله و٦ جرحى اسرائيليين، بقلق من ادخال حزب الله لبنان في آتون الصراع الدائر.
في هذا الاطار برز الارباك في الموقف اللبناني الرسمي في عدم انعقاد مجلس الوزراء او اي لقاء وزاري او امني طاريء، لبحث التطورات المستجدة في الجنوب، في خطوة عدها مصدر سياسي ل”جنوبية”، انه “يجب ان تكون بديهية ترتبط بمسار الاحداث، والتهيئة لكيفية التعامل مع التطور النوعي على هذا المستوى”.
برز الارباك في الموقف اللبناني الرسمي في عدم انعقاد مجلس الوزراء او اي لقاء وزاري او امني طاريء لبحث التطورات المستجدة في الجنوب
ولفت الى الفتور في موقف رئيس الوزراء في حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي الذي يرفض فيه الانزلاق في الحرب، كما لم يصدر عن رئيس مجلس النواب نبيه بري او النواب اي موقف بارز”.
و أكد أن “اغلبية القوى اللبنانية السياسية منها والشعبية، تتضرع لابقاء لبنان على الحياد وعدم الانخراط في الحرب الدائرة في غزة وعدم فتح جبهة من جنوب لبنان”.
وعزا ذلك الى “انعكاسات ويلات الحرب وتداعياتها عليهم، وهو ماشاهده اللبنانيون في اسراب السيارات التي هرعت من الجنوب باتجاه صيدا وبيروت، اذ لم تناسوا انعكاسات حرب 2006 باعتراف الامين العام لحزب الله بمقولته الشهيرة “لو كنت اعلم”.
وكان جاء على لسان رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع الذي كتب”أهم شيء عدم توريط اللبنانيين بتحمّل ما ليس بطاقتِهم، بعد كل الأوضاع الصعبة التي يعيشونها”.
ولم يصدر موقف علني عن “التيار الوطني الحر” الحليف الاستراتيجي للحزب، إلا أن مصادر سربت أن التيار “يرفض أن يتفرد أي فريق لبناني بقرار الحرب والسلم في البلاد.”
وفي السياق رفض حزب “الكتائب اللبنانية” على لسان النائب سليم الصايغ، “مبدأ توحيد الساحات واستعمال لبنان كساحة أو منصة لتحرير فلسطين في ظل غياب رئيس للجمهورية الذي يعتبر القائد الأعلى للقوات المسلحة”، لافتاً إلى أنه “في حال أراد الحزب مساعدة الفلسطينيين، عليه الذهاب إلى غزة والقتال معهم من هناك وعدم جر لبنان إلى مزيد من المآسي”.
بدورها رفضت “كتلة تجدد” النيابية إقحام لبنان في معادلة “وحدة الساحات”، مؤكدة على “الوقوف الدائم إلى جانب الشعب الفلسطيني في نضاله لتحقيق هذه الأهداف المشروعة”، مشددة على “ضرورة إبعاد لبنان المنهك بالأزمات والفساد وتفكك دولته ومؤسساته عن هذا الصراع، إذ لم يعد للبنانيين قدرة على تحمل أوزار الحرب ودمار ما تبقى من بنى تحتية في بلدهم”، وترفض الكتلة بالتالي رفضاً قاطعاً أن يقحم “حزب الله” لبنان بالمباشر أو بالواسطة، في معادلة “وحدة الساحات، التي تدار من إيران الساعية إلى بسط نفوذها على حساب لبنان وفلسطين والعراق واليمن وسوريا والعالم العربي برمته، في حين عاصمة المركز في هذه المعادلة، أي إيران، لم تدخل يوماً في أي مواجهة مع إسرائيل”.
ولم تقتصر المواقف الرافضة لجر لبنان إلى مواجهة مع إسرائيل على مستوى المواقف السياسية، إنما واجتاحت مواقع التواصل الاجتماعي، حيث وصل الرفض بمنع النازحين من مناطق “حزب الله” من اللجوء والاحتماء في مناطق أخرى كما حصل في حرب 2006، في موازاة حال الحذر والخوف من اندلاع حرب، للتي تسللت بقوة إلى بيئة الحزب، لا سيما في القرى الجنوبية، حيث غصت الطرقات بسياراتهم وآلياتهم، الذين غادروا قراهم وبلداتهم ومدنهم متوجهين إلى صيدا وبيروت وبعض القرى البقاعية.