أطلت عبر «جنوبية» من «قارّتها» البعيدة.. المخرجة اللبنانية الاسترالية ساميا مخائيل تواصل غربتها.. ونبضها!

ساميا مخائيل مخرجة سينمائية وكاتبة ومترجمة شفهية لبنانية مهاجرة، ولدت في بشري لبنان الشمالي ، من اب بشراني وأم من منطقة الكورة “قلحات” ، “وهي التي علمتنا تاريخ العرب الشعري”..
هاجرت ساميا الى استراليا منذ اكثر من ثلاثين سنة، قادمة من روسيا حيث درست الإخراج السينمائي، وحققت في روسيا فيلمين “ليش في كثير عسكر؟” و “وقعت الحرب في … ” ودرست لغة روسية
في استراليا ودرست اللغة الإنكليزية من الصفر، ودرست الرقص الشرقي للبنات الأستراليات الشغوفات بالرقص الشرقي لمدة ثلاثة سنوات. وتتحدث ل “جنوبية” وتقول :انجبت ابني “كِن صبري” وحققت الفيلم الوثائقي (ضوء أحمر في عز الطيران) عن الرقص الشرقي للتلفزيون الأسترالي “آس بي آس”، مدته ساعة، وانجبت ابنتي كارمن صبا، ثم بدأت بدراسة الماجستير في السينما، وخلال دراستي انتجت اعمالا فنية تمزج السينما بالمسرح والأدب.”
أضافت قائلة: “استخدمت شعر وديع سعادة في العمل الأول من نوعه حيث استخدمت اللغتين العربية والإنكليزية في العرض، ومسرحت الشاشات السينمائية والموسيقى، والقراءات الشعرية والغناء، وغنى معنا طوني وهبة من فرقة الميادين وابراهيم بن حيم، موسيقي من المغرب والمغنية سيلفانا درعوني من فلسطين – لبنان، ومجموعة كبيرة من ابناء الجالية واستخدمنا في مقطع من العرض ترتيل جوقة كنيسة السريان، لترتيل بعض الأشعار، واستخدمت مقاطع وثائقية عن الحروب والدمار، بمرافقة قراءات، قدمها لنا التلفزيون العربي السوري، وساعدني في تصوير بعض الفيديوات عن حركة الناس في المدن، زوجي حينها (السابق)الفنان التشكيلي فصيح كيسو، كان العرض ناجحا ومتغيرا حسب المكان الذي يعرض فيه، وقد مولته وزارة الفن الأسترالية لسنتين متتاليتين، وتم عرضه في سيدني وملبورن وأديلايد.” وتقول ساميا انها اخرجت خمسة افلام قصيرة “تحكي قصة الهجرة، معظمها من كتب الشاعر وديع سعادة، ورافقنا الشاعر في كل العروض والمدن.”
كما انتجت فيلماً للجزيرة “مخرجات عربيات”، مدته نصف ساعة ، “لصالح برنامج كان يعده صديقي المخرج فؤاد عليوان.
ثم بعد الحرب على العراق، انتجت عملاً يعرض شكلا جديدا،حيث مزجت فيه القصص مع السينما الوثائقية، كما سجلت قصصاً عن قتل وتهجير اهل “الطيرة” في فلسطين وخراب الإبادة التي تعرض لها اهل فلسطين، على لسان سيدة فلسطينية مقيمة في مخيم اللاجئين في سوريا وعمرها مئة عام والمذابح التي تعرض لها السريان في الحدود التركية السورية من قبل تركيا، وكانت الراوية سيدة بعمر الثمانين ، تروي قصة عائلتها، وكيف يعبر الطيران الحربي الأميركي مدمرا المدن .
وننتقل الى العراق مع آباء يمسكون جثث اطفالهم الذين ماتوا في الإنفجارات كما الدحاج، يهددون “بوش” ويصفونه بالجبان، ثم نسمع اصوات النساء اللواتي هدهدن لأطفالهم كي يناموا في اول العرض، يهدهدون لأولادهم الموتى حين كبروا… اهديت العرض هذا الى اطفال العراق الذين يشبهون اطفالي وعيونهم سوداء، والموسيقى قدمت للعرض من اصدقاء موسيقيين استراليين ويابانيين واكراد وعراقيين واتراك،
كان اسم العرض “هدهدات فوق أشجار النخيل” ، وكان هذا العرض بمثابة موقفي كفنانة ملتزمة بنقد العنف والعمل على تطوير العقل البشري، ضد سياسة التدمير التي انتهجتها اميركا لتدمير المدن العربية،(طبعا انا صوت صغير في حرب عالمية وقديمة ).
وتشرح ساميا مشروعها التصويري بالقول:”توالت الحروب على الوطن العربي، ودارت في سوريا هذه المرة وكنت قد انفصلت عن زوجي، وتزوجت من الشاعر سامي نيال الذي اتى ليعيش في استراليا ليحصل على علاج لم يكن متوفر في بيروت، عشنا سنة زواج وانفصلنا…وكبر الأولاد ودخلوا الجامعة وبدأت بدراسة الترجمة ولكني اصبت بسرطان الثدي وخضعت للعلاج لمدة سنة ثم تابعت دراستي للترجمة وعلاجي وبدأت بالعمل كمترجمة، وتعرفت على من رمتهم الحروب خارج بلدانهم من العراق وسوريا واليمن والأهواز ، وكتبت الكثير من القصص عن اللاجئين كمحاولة لنشر المآسي التي يتعرض لها المهاجر…
(الهجرة حالة ظلم) قالها لي مرة الشاعر وديع سعادة وبالرغم من ان هجرتي كانت باختياري الشخصي، فإن الحرب على العراق وسوريا مزقت العوائل وشردتهم في دول مختلفة بعيدين عن بعضهم، فما بالك الذين غرقت اطفالهم في المحيطات واكلتهم الحيتان.”!
وتروي ساميا وتقول:”اشتريت بيتين في استراليا لأفرح اولادي الذين تخرجوا من الجامعة ويعملون في مجال الفيلم والكتابة، واعتقد بأن هموم العائلة والحفاظ على مسألة المعرفة والتعلم في العائلة أخذ الكثير من وقتي وبسبب العمل توقفت عن المشاريع الفنية الكبيرة واكتفيت بأفلام صغيرة ترضي طموحي الفني وصرت انتج بعض الافلام لنصوص كتبتها وصورتها، كما واستعين بأصدقائي الموسيقيين احيانا.”
أضافت:”انا لا أؤمن بالأفلام الروائية الممتعة كطريقة لتبديل الحياة، الآنسان ، كل انسان يملك كاميرا في موبايله ويستطيع ان يصنع الفيلم الذي يريده، لا يجوز التبجح بعد بصناعة السينما، كلنا سينمائيون اذا اردنا، ما افكر به جديا هو ابتداع نوع من الأفلام البسيطة التي تجمع الكلمة الصادقة مع الفيلم البصري الذي يناسب النص والموسيقى او الإيقاع المناسب، ويكون هناك هدف هو تطوير العقل، يقوم الكثير من الناس بذلك دون ان يدروا بأنهم يبدلون الحياة.”
تعتقد ساميا أن “الحوارات التي تجري وتعرض على وسائل التواصل الإجتماعي العلنية منها والسرية تحقق التغيير في الحياة…لم يعد هناك دولة وقمع ومنع فالجميع يعبرون عن افكارهم وحتى لو كانوا بسطاء فهم يعرفون الفكر الصعب، غير السهل ، والهادف ويتغيرون ويغيرون.
العالم يتبدل اليوم امام اعيننا
ولم يعد الفكر البشري محدودا .
وكما دربت اولادي على التفكير المستقل وجعلتهم يشاركوني بكل اعمالي وصداقاتي وحواراتي ، هم الآن يدربوني على التقنيات ويدعموني بثقافتهم ويسألوني دائما عن الحقائق.وانا اعتقد ان هناك الكثير من الحالات المشابهة لنا في استراليا وبلدان أخرى.”
تعترف ساميا ،”حين صارت المعرفة مشاعة انتقل العالم الى مستوى آخر من التفاعل والتحاور وسينتج عن ذلك انظمة جديدة .
وكما رأينا كيف ان القوى التدميرية اغلقت مدن العالم تباعا خلال مرحلة الكورونا واجبروا الناس على خيارات لم تكن في بالهم فكذلك ستكون المعارضة بهذا المستوى.”

السابق
بعدسة جنوبية.. مولوي: نريد دولة شعارها الشرعيّة
التالي
15 بنداً في خطة «حزب الله» لضرب الإقتصاد وقيام «الدولة»!