
هال خبر مقتل الطفلة الضحية لين المجتمع اللبناني، الذي وقع بأطيافه كافة تحت وطأة رعبٍ. و تجلّى ذلك، بشكل جليّ، من خلال “بوستات” اللبنانيين على وسائل التواصل الاجتماعي، و تعليقاتهم التي عكست غضبهم واستنكارهم، فطالبوا بإنزال أشد العقوبات بالقاتل المنحرف.
لعلّ الفظاعة الأكبر و الأكثر جرماً هو ما يجري من سعي “دؤوب” إلى لفلفة قضيتها وحماية المجرم
تعرّضت “لين” لاعتداء جنسيّ لا يمكن وصفه بسبب فظاعته، وكانت النتيجة أن “مزّق” حياتها وليس فقط أعضاءها. ولعلّ الفظاعة الأكبر و الأكثر جرماً، هو ما يجري من سعي “دؤوب” إلى لفلفة قضيتها وحماية المجرم، في مجتمع بات يحترف الاحتيال لحماية المجرمين القتلة، و قتل الضحايا أكثر فأكثر.
ومن الطبيعي و البديهي أيضاً أن تفرض هذه الجريمة تناول “البيدوفيليا”، و عرض أسبابها وطرح أساليب التدخّل، التي تهدف إلى تمكين الطفل من حماية نفسه، من أي تحرّش أو ابتزاز جنسي.
يشعر المنحرف بلذّة و متعة ونشوة نتيجة الاعتداء الجنسيّ على الأطفال
تعني “البيدوفيليا” إنجذاباً أو ميلاً جنسياً نحو الأطفال. لذلك، فهي تعدّ انحرافاً و اضطراباً نفسياً خطيراً. إذ يشعر المنحرف بلذّة و متعة ونشوة نتيجة الاعتداء الجنسيّ على الأطفال.
يفرض تناول أسباب “البيدوفيليا” من زاوية التحليل النفسي، التطرّق ولو بإيجاز سريع، إلى نظرية سيغموند فرويد، الذي اعتبر أن الاضطرابات و الأمراض النفسية، ومنها “البيدوفيليا”، تجد جذورها في الاختلالات التي يمكن أن تحدث، في إحدى مراحل النمو النفسي العاطفي للفرد. ويبدأ هذا النمو، بحسب فرويد، مع المرحلة الفمية مروراً بالشرجية ومرحلة “أوديب”، ومن ثم مرحلة الكمون التي تسبق المراهقة وصولاً إلى الرشد. و فيما يتعلّق بالبيدوفيليا أيضاً، رأى فرويد أن الأطفال الذين تعرّضوا لانتهاكات واعتداءات جنسية، قد يصبحون بدورهم، وفي مراحل حياتهم اللاحقة، “بيدوفيل” أي منحرفين يميلون جنسياً إلى الاطفال، في محاولة لاستعادة صور عن سلوكيات حملت معها انتهاكاً لحياتهم أو لذة!..
رأى فرويد أن الأطفال الذين تعرّضوا لانتهاكات واعتداءات جنسية قد يصبحون بدورهم وفي مراحل حياتهم اللاحقة “بيدوفيل”
و أما بالنسبة إلى كيفية التدخّل، للمساهمة في توعية، تمكّن للأطفال من حماية أنفسهم، فتتبدّى طرق عديدة تسهم في تدارك وقوع جرائم تطال حياة الاطفال، نذكر أبرزها:
١- إعلام الطفل أن هناك أعضاء أو أجزاء من جسده خاصة به، ولا يجوز لأي أحد النظر إليها أو المساس بها إلا في حالات خاصة (مساعدته من قبل والديه على الاستحمام….)
٢ – حثّ الطفل على أن يقول “لا” (رفض) في حال شعر بأنه قلق أو غير مرتاح، في حال احتكّ أحدهم جسدياً به . كما يجب أن يتعلم احترام الطفل الآخر و عدم المساس باعضائه
٣- تشجيع الطفل على التكلّم عن أي شيء يتعلّق به، إلى من يثق به و خصوصاً والديه
٤- مساعدة الطفل على التعرّف على السلوكيات الخاطئة، مثلا أن لا يعمد إلى المساس بأعضاء أطفال آخرين
٥- إعلام الطفل أن ليس كلّ الأسرار التي يجب المحافظة عليها جيدة. بمعنى آخر، توجد أسرار عليه الإفصاح عنها لأنها قد تحمل إليه أذى.
٦- حثّ الطفل على على التواصل حول الاسئلة أو الاهتمامات المتعلقة بجسده
٧- اعلام الطفل بأشكال الابتزاز التي يمكن أن يتعرّض إليها وحماية نفسه منها
خلاصة، تتبدّى التربية الجنسية ضرورة، لأنها تمكّن الطفل من التعرف على العلاقات العائلية و الأسرية و السوية و العلاقات غير السوية و التمييز بينها. كما تكمن أهمية هذه التربية، أيضاً في كونها تكسر تابو المساس بالحياة الجنسية، التي ما زال يرى الكثيرون في تناولها خطيئة و عيباً، مما يسهم في إيقاع الكثير من الأطفال ضحايا لوحوش بشرية.