لم اكن اعرف شخصيا الوزير والمفكر والكاتب سجعان قزي رغم انني كنت اسمع عنه كثيرا كونه مؤسس اذاعة لبنان الحر ولانه كان من الفريق القريب من قائد القوات اللبنانية بشير الجميل وهذا الفريق الذي يضم شخصيات متعددة كان له دور اساسي في وصوله لموقع رئاسة الجمهورية عام 1982 وقد كتب عن هذه التجربة الصحافي الفرنسي الان مينارغ في كتابه الهام حول الحرب في لبنان والخطة الاستراتيجية التي وضعها هذا الفريق لايصال بشير الجميل لرئاسة الجمهورية وما جرى من تطورات وصولا للاجتياح الإسرائيلي للبنان عام 1982.
ولست هنا في اطار تفييم تلك المرحلة والموقف منها وقد كنت شخصيا في الجانب المواجه والمقاوم للاجتياح الإسرائيلي مع ثلة من الشباب المؤمن الذي كان ينشط في اطار اللجان الاسلامية ومن ثم ساهم في تاسيس العمل المقاوم .
لبى قزي العديد من اللقاءات الحوارية مع عدد من الكوادر الاسلامية في الضاحية الجنوبية ببيروت
ولكنني تعرفت منذ عدة سنوات على الوزير سجعان قزي من خلال زيارته في مكتبه في الأشرفية وقبل ان يتولى وزارة العمل واكتشفت فيه القدرات الفكرية والسياسية والاعلامية والتفكير الاستراتيجي ولكن الاهم استعداده للحوار مع الذين يختلف معهم ولذلك تمت دعوته الى عدة لقاءات حوارية مع عدد من الكوادر الاسلامية في الضاحية الجنوبية ببيروت.
إقرأ ايضاً: غادة السمان «تتعرى تحت المجهر»..وهذا ما اعترفت به امام «جنوبية»!
وكان خلال هذه اللقاءات يقدم رؤيته ومواقفه ومعلوماته الهامة وحتى لو حصل خلاف معه كان يحترم الراي الاخر ويتقبل وجهات النظر المختلفة ويدعو للتعاون بين مختلف ابناء الوطن للخروج من مختلف الازمات.
ومن ثم زرته ايضا برفقة الصديق العميد الدكتور توفيق سليم وكان يتولى مسؤولية المنسق العام لمجموعة حل النزاعات قبل سفره الى خارج لبنان منذ عدة اشهر وقمت انا والدكتور سليم وبعض الأصدقاء والصديقات في المجموعة بعدة مبادرات حوارية بالتعاون مع الوزير سجعان قزي وشخصيات أخرى قريبة من البطريركية المارونية وشخصيات اسلامية وعملنا للتخفيف من اجواء التوترات والخطاب التصعيدي الذي برز في فترة معينة وكانت هناك جهود متعددة في هذا المجال .
ورغم ان الوزير سجعان قزي اكد لنا انه من الذين ساهموا في اطلاق مشروع المؤتمر الدولي والحياد الايجابي من قبل البطريرك الراعي، فانه كان يدعو دائما للحوار والوصول الى رؤية مشتركة لانقاذ لبنان ورغم انني شخصيا ومع بعض الاخوة في الساحة الإسلامية اختلفنا مع الوزير سجعان قزي حول مواقفه من الحزب والم ق اومة وكيفية معالجة الازمة اللبنانية فاننا كنا نحترم استعداده الدائم للحوار وحرصه على التواصل مع جميع الشخصيات وفي كل المناطق اللبنانية .
وكنت انتظر أسبوعيا يوم الخميس كي اقرأ مقاله في جريدة النهار كي اناقشه فيه او اعترض على ما ورد فيه من مواقف وعندما غاب المقال تواصلت مع رئيس التحرير الاستاذ نبيل بو منصف، كي اطمئن عن الاستاذ سجعان قزي، فابلغني عن مرضه الصعب وتواصلت ايضا مع الوزير عبر الوتساب فارسل لي رسالة يشرح لي وضعه وكنت اتمنى ان اعود والقاه الى انني فوجئت بخبر رحيله .
لا يمكن الا الاعتراف بانه كان قامة فكرية وسياسية واعلامية واستراتيجية مهمة وكان صاحب قلم مميز
ورغم انني اختلفت كثيرا مع الوزير قبل ان اتعرف عليه وبعد ان تعرفت عليه وتعاونت معه في بعض المبادرات الحوارية فانه لا يمكن الا الاعتراف بانه كان قامة فكرية وسياسية واعلامية واستراتيجية مهمة وكان صاحب قلم مميز .
كل العزاء لعائلته ومحبيه وعلى امل ان نوفق في لبنان كي نتابع مسيرة الحوار الوطني كي نصل الى رؤية مشتركة لحماية لبنان ووحدته .