عندما «قايض» لقمان جسده.. بفكره!

لقمان سليم

جسّدت حياة لقمان سليم “فلسفة” خاصة به، حملت معها الكثير من المفارقات وأثارت الجدل، فأضحت محطّ اهتمام، ليس فقط عند من يوافقه في تحليله للواقع، و إنما أيضاً من يعارضه. و من يقرأ لقمان سليم بعمق، سيدرك حتماً أن حضوره، لم ولن يتأثر بغيابه جسدياً، بل أنه بات أقوى.

حرّر أفكاره، عندما أدرك أنها رفضت البقاء أسيرة ذهنه، ورهينة سطور أوراقه

تمثّلت فلسفة لقمان بفلسفة حياة، لأنها خطّت نهجاً، رفض كل ما كان يُكال إليه، من تهديد ووعيد. وفي كل مرة واجه تهديداً، كان لقمان يتمسّك، أكثر وأكثر، بالحياة في وجه “القتل بالمجّان”.

و أتت جدلية لقمان، في أنه حرّر أفكاره، عندما أدرك أنها رفضت البقاء أسيرة ذهنه، ورهينة سطور أوراقه. فما كان منه إلا أن حرّرها من ملكيّته، وأقرّ بحريتها، وأطلق لها العنان لأنه آمنَ بها و بمسارها و بوجهتها. آمن لقمان بأن لا بديل من الحرية، وأن الفكر الحرّ لا يموت بخلاف الجسد. وحين تمّ “تخييره” بين حياته و حياة أفكاره، اختار الأخيرة. ولمَ لا؟!..لقد آمن بأن الفكرة خالدة و “قدسية” وبأن الجسد فانٍ.

أثبت لقمان مصداقيته، وبرهن على صدقه و جرأته، عندما صاغ معادلته المتمثّلة في الآتي: “حياة مقابل فكر”

أثبت لقمان مصداقيته، وبرهن على صدقه و جرأته، عندما صاغ معادلته المتمثّلة في الآتي: “حياة مقابل فكر”، و بدلاً من أن يعِظ غيره باتباعها، قدّم نفسه مثالاً. بمعنى آخر، لم تقتصر معادلته على التنظير، و إنما جسدها هو نفسه فعلياً عندما قايض جسده بفكره.

حمل لقمان قضيته كاتباً و ناشطاً سياسياً ومثقفاً، بدءًا من الدفاع عن حقوق الانسان، مروراً بالمواطنة والمساواة والعدالة والديمقراطية، وصولاً إلى الحرية والكرامة.
لم تفلح الرصاصات التي اخترقت الرأس في قتل افكار لقمان، بل راحت تحلق في فضاء الأحرار ، ولا الرصاصة التي اخترقت الظهر غدراً، حمت القاتل من خوفه من لقمان.
في الذكرى الثانية لحضور لقمان.. صفر خوف.

السابق
جنون الدولار تابع.. يشق طريقه الى الـ٦٥ الفاً
التالي
القاضي حمادة يدّعي على واصف الحركة.. وخلف يتضامن