
كأنما اليوم في العام 2023 خرجت بريطانيا نهائيا من العالم العربي. هذا العالم الذي ساهمت بريطانيا في صناعته على ما هو عليه بل هي أسّسته بحداثته وتخلفه وسعادته وبؤسه، كل هذه الأقانيم ، كالدول العربية، لها خرائطها البريطانية. وكانت “البي بي سي” هي العالم الذي يستطيع مقيم في كوخ في أقاصي الريف السوداني أن “يتصل” فيه بمقيم تحت خيمة في بادية دير الزور.
إقرأ ايضاً: «الحرب القضائية» استراحة «ما بين عاصفتين»..وخشية من «إراقة دماء»!
أكاد أقول أننا كنا عرباً لأن إذاعة لندن، ولأن “هنا لندن”، كانت موجودة. أكاد أيضا أقول وداعاً فلسطين بعدما أقفلت إذاعة لندن.
لم تخرج بريطانيا من العالم العربي يوم أمّم عبدالناصر قنال السويس ولا يوم سقط عبدالإله ونوري السعيد ولا يوم استقلّت عدن و دول الخليج، بل يوم أقفلت إذاعة لندن العربية.
كانت “البي بي سي” هي العالم الذي يستطيع مقيم في كوخ في أقاصي الريف السوداني أن “يتصل” فيه بمقيم تحت خيمة في بادية دير الزور
كان الراديو اللندني ينقل غبار الأرياف والمدن، الصحارى والواحات، العباءات والكوفيات، الكرافاتات والبراقع، وكنا معه على أثيره في جزء مهم من أعمارنا نعيشه لنشتم أيضا السياسة البريطانية.
من موقع ما على خارطة ذاكرتي الإذاعية أقول وداعاً “البي البي سي”.