لم يفاجأ الييطار بالردود عليه، فهو حين أصدر قراراته الأخيرة من استدعاءات واخلاءات سبيل، كان يدرك على الارجح، ان من قرّر “كفّ يده” عن التحقيق، ليس في وارد استقبال قراراته اليوم بلطف ومسؤولية، بل سيواصل عمله من اجل طمس التحقيق، وكتم اي محاولة لاستنقاذه من براثن “المنظومة”.
كان يدرك على الارجح ان من قرّر “كفّ يده” عن التحقيق ليس في وارد استقبال قراراته اليوم بلطف ومسؤولية
اذا كان الحال كذلك، فلماذا أقدم البيطار على خطوته المعللة برأي قانوني وقراءة اجتهادية؟
المحقق العدلي المأسور بقرار كف اليد، وبقرار متخذ من حزب الله “بقبعه”، كما عبّر المسؤول في هذا الحزب وفيق صفا، وجد نفسه أمام خيار التنحي أو الإستمرار في مهمته، وإلحاحّ هذا الخيار عليه ازداد، مع عملية تعطيل التحقيق المستمر منذ اكثر من عام، من قبل أركان المنظومة وبقفازات عدلية.
المحقق العدلي المأسور بقرار كف اليد وبقرار متخذ من حزب الله “بقبعه” كما عبّر المسؤول في هذا الحزب وفيق صفا وجد نفسه أمام خيار التنحي أو الإستمرار في مهمته
موقف البيطار يمكن وصفه بانتفاضة في وجه التعطيل، الذي بات سمة سلوك المنظومة في كل ما يتصل باستحقاق العدالة أو الدستور، وتطبيق القوانين على وجه العموم، هذه الانتفاضة مرشحة لأن تتعرض للقمع، وفي نفس الوقت، أن يتمّ تلقفها من كل الداعين إلى وقف التدخلات السياسية في القضاء، وفي مجرى العدالة في قضية ضحايا المرفأ.
موقف البيطار يمكن وصفه بانتفاضة في وجه التعطيل الذي بات سمة سلوك المنظومة في كل ما يتصل باستحقاق العدالة أو الدستور
وهذه الإنتفاضة أيضاً، تترافق مع تحرك القضاء الفرنسي تجاه هذه القضية، بحيث يمكن توقع المزيد من المطالبات بالافراج عن التحقيق، بشأن قضية طالت أرواح ومصالح مواطنين اجانب، لم يعر القضاء اللبناني اهتماماً مطلوبا، بل ملحاًّ، لمعرفة الحقيقة، أو كشف الأسباب التي تقف خلف هذه الجريمة في مرفأ بيروت ومحيطه.
لقد رمى البيطار كرة النار في وجه من يعطل، ورفض ان يبقى مكتوف اليدين، حيال جريمة متمادية، وصلت إلى حد معاقبة المطالبين بالعدالة، من أهالي الضحايا كما حصل مؤخرا.
هذه الإنتفاضة أيضاً تترافق مع تحرك القضاء الفرنسي تجاه هذه القضية بحيث يمكن توقع المزيد من المطالبات بالافراج عن التحقيق
كرة النار هذه في يد المنظومة الحاكمة، وكذا الحال في وجه مجلس القضاء الاعلى، بل في يد كل قاضٍ شريف، والكل أمام مسؤولية تحديد المسار في هذه القضية، ومدى الاستعداد لإغلاق التحقيق وطمسه أو السير به فعلياً.
بهذا الإتجاه تأخذ قرارات القاضي بيطار الذي يرفض اليوم بجرأة ومسؤولية ان يكون شاهد زور على جريمة بحجم وطن
لذا يمكن ان يضاف موقف البيطار، إلى سلسلة حقائق وتحديات موضوعية، تتصل بوجود الدولة أو عدمه، اوّلها وجود القضاء واستقلاليته، وليس آخرها انتخاب الرئيس وإعادة تكوين السلطة… .
السؤال اليوم وجودي للبنان الدولة، وهذا ايضا حقيقة موضوعية، إلى حدّ انّ العدالة وتطبيق القانون، باتا شرطين لا يمكن تلافيهما لاستعادة الحد الأدنى المقبول، للحياة الوطنية والطبيعية للمجتمع والدولة. بهذا الإتجاه تأخذ قرارات القاضي بيطار، الذي يرفض اليوم بجرأة ومسؤولية، ان يكون شاهد زور على جريمة بحجم وطن.