
مسيرة حافلة أمضاها الرئيس حسين الحسيني في المعترك العام. فهو شق طريقه الى الحياة السياسية في زمن الكبار ، أي في العام 1972 ، عندما وصل الى الندوة النيابية وبقي فيها حتى تاريخ استقالته من المجلس في آب 2008 . وخلال 36 عاما سعى الحسيني ليكون الخيار الشيعي الثالث بدلا من خيار رافقه منذ بداية مسيرته وهو: إما خضوع الشيعة قبل العام 1982 لمعادلة “الاقطاع السياسي” الذي بلغ ذروته في زمن زعيميّن شيعيين كبيريّن هما كامل الاسعد وصبري حمادة ، أو الالتحاق بالخيار اليساري في زمن الحركة الوطنية التي قادها الزعيم الاشتراكي كمال جنبلاط بالتحالف مع الثورة الفلسطينية بزعامة ياسر عرفات. وإما الخيار الثاني وكان محصورا بعد العام 1982 بثنائية شيعية ضمت حركة “أمل” و”حزب الله.”
الخيار الشيعي الثالث الذي تبناه الحسيني فكان بين اندماج الشيعة في الخيار الفلسطيني الذي كلف حتى العام 1982 اللبنانيين عموما، والشيعة خصوصا ثمنا باهظا بدأ تسديده في جنوب لبنان الذي بقيّ لعقود ممر الصراع العربي الإسرائيلي . أو بين زوال الشيعة كجماعة لبنانية في تحالف سوري-إيراني قبل ان يصبح النفوذ لطهران وحدها بعد العام 2005.
اقرأ أيضاً: لبنان: حسين الحسيني غابَ… «جمهورية الطائف» بلا أب
لا يحتاج الحديث عن الفشل الذريع للخيار الشيعي الثالث لبراهين بدءا من الغاء الامام موسى الصدر عبر تغييبه في ليبيا عام 1978 بعدما أصبح عقبة أمام لعبة الامم في السبعينيات في القرن الماضي. ووسط تكهنات عدة تبيّن ان الخلاص من الصدر كان حاجة لدى بعض ابطال لعبة الأمم بدءا من بعض الفصائل الفلسطينية مرورا بدمشق وصولا الى طهران لاحقا بعد إنتصار ثورة الخميني.
وبعد إخفاء الصدر جرى وضع اليد على إرثه لاسيما حركة “أمل” التي قادها الحسيني بعد غياب مؤسسها ولغاية العام عندما آلت قيادتها ولا تزال الى المحامي نبيه بري الاتي من حزب البعث السوري وبدعم من رئيس الحركة الوطنية كمال جنبلاط.
ثم كانت ذروة فشل الخيار الشيعي الثالث عندما حاول الحسيني التمايز عن الإدارة السورية للبنان بعد إتفاق الطائف عام 1989 وما تلاه من تولي دمشق زمام تطبيق الطائف وفق مصالحها بدءا من تعيين النواب عام 1990 وصولا الى اجراء الانتخابات النيابية عام 1992 والتي قاطعها المسيحيون فكان ان جاء العقاب السوري بحق من وصف ب”عرّاب الطائف.” وفي هذا العقاب جرى الحاق الهزيمة باللائحة التي ترأسها الحسيني للمشاركة في السباق الانتخابي الأول بعد الطائف ومن ثم إخراجه من رئاسة البرلمان الذي كان الحسيني يتطلع الى رئاسته لاربع سنوات على الأقل كتقدير لدوره في نجاح الطائف .
كتب الكثير في حياة الحسيني عن نشر محاضر مؤتمر الطائف، لكن الحسيني قال في الذكرى الـ30 لتوقيع اتفاق الطائف: “مداولاته ستبقى سرية بطلب من المشاركين في اجتماعات الطائف الى ان يقرروا هم عكس ذلك”. هذا جانب من محاضر حياة الحسيني التي لم تنشر ، والتي إذا ما نشرت ستروي قصة طائفة تاهت في احداث المنطقة ولا تزال .