
تخبرنا الاناجيل،
ان يسوع وُلد
في بيت لحم،
لكن أباه وأمه
حملاه وذهبا به
إلى مصر
بنصيحة من ملاك الرب،
وذلك خوفا من هيرودس
ملك اليهود،
الذي أراد قتل يسوع
بعد أن أعلمه المجوس
بأن “ملك لليهود”
وُلد في بيت لحم.
ها هو يسوع
يبدأ حياته
لاجئاً،
وكأنه اللاجئ
الأول
من أرض فلسطين،
الذي طُرد من بلاده
على يد
السلطات اليهودية.
وتخبرنا الأناجيل أيضا
أن يوسف ومريم
قررا العودة
إلى بيت لحم
بعد موت هيرودس،
لكن ملاك الرب نصحهما
بعدم الذهاب
إلى مملكة اليهودية
حيث خلف ابن هيرودس ابيه،
فتوجها إلى الجليل
وسكنا في مدينة الناصرة.
هكذا تحوّل يسوع الطفل
سريعا،
من لإجىء في بلاد أخرى
الى مُهجّر في بلاده،
وهو يشبه هؤلاء المهجّرين
في لبنان،
الذين هجّرتهم
ميليشيات طائفتهم
من مناطقها،
لأنهم غير مرضٍ عنهم.
لكن الأناجيل
لم تخبرنا،
كيف كانت ردة فعل
أهالي بيت لحم،
على حَبَل مريم
خطيبة يوسف
قبل أن يتساكنا.
قالت لنا الأناجيل
أن ملاك الرب طمأن يوسف
أن مريم حبلى
من الروح القدس،
لكنها لم توضح لنا
كيف تعاملت بيئة بيت لحم
مع هذا الحَمل “غير الشرعي”
والذي كما يبدو
كان ظاهرا للعيان.
لا شك أنه
إذا صحت الرواية الانجيلية،
لم يكن باستطاعة
البيئة اليهودية المحافِظَة
تقبل هذا الحَبَل
“غير الشرعي”،
ولا النظر بعين الرضى
إلى هذا الطفل
“غير الشرعي”،
ولا شك أن يسوع
عانى من هذه النظرة
وانتفض عليها
في قلبه وفي سلوكه،
حتى ولو سكن بعيدا
في مدينة الناصرة،
وهو قد لمّح مرارا
أن “لا نبي في بلدته”.
وعلى الأرجح
أن بيئة بيت لحم
كانت تحبذ رجم مريم،
كما أنه من الممكن
أن يكون ذهاب يوسف وعائلته
للعيش في الناصرة،
ذا علاقة بموقف هذه البيئة.
كيف تريدون
من يسوع،
هذا اللاجئ
وهذا المهجّر
وهذا الابن “غير الشرعي”
في عيون بيئته،
الا ينتفض
على أشكال الظلم كافة،
داعيا للمحبة والتسامح والسلام؟
يسوع
لم يعطف أو يشفق
على الفقراء والمنبوذين والمضطهدين،
بل احبهم وتضامن معهم
فهو كان واحدا منهم،
منذ ولادته وحتى صلبه ومماته.
يسوع
لم يطلب
في كل تعاليمه
أن نحب هؤلاء
إكراما له فحسب،
أو كشرط
لدخولنا ملكوت السماوات.
يسوع
صعّب علينا المهمة،
فإن لم نستطع
أن نحب هؤلاء
لن نستطيع
أن نحبه هو،
فهو منهم.
إقرأ ايضاً: «شيعة لبنان..جدل فائض القوة ومشروع الدولة»..ندوة جديدة لمنتدى «جنوبية»