«نكبة» الإنتخابات الرئاسية ٢٠٢٢

قصر بعبدا

بعد أن روّجت القوى “السيادية” و”التغييرية”، على أنّ الإنتخابات النيابية هي الحل أو المدخل للحل، تبيّن سريعاً وعلى أعقاب الإنتخابات النيابية، هزالة ورعونة وقصور هذه الرؤية في ظل الإحتلال الإيراني للبنان عبر حزب الله. إذ تَسارعت وتضاعفت الإنهيارات الإقتصادية والإجتماعية والمالية، فدخلنا في مرحلة تفكك وتحلل الهيكل العظمي لللادولة.

الآن، وبعدما إرتَضت وأدخلت نفسها القوى “السيادية” و”التغييرية”، في نفق محاولة التغيير من داخل المؤسسات الدستورية الممسوكة بشكل كامل من قبل حزب الله، بحكم ترسانته العسكرية الأممية، تأتي الإنتخابات الرئاسية لتتوّج رئيساً من محور الممانعة فتَقع نكبة الـ٢٠٢٢.

على عكس كل الإنطباعات السائدة التي تكتنفها غشاوة العواطف سيأتي على الأرجح جبران باسيل رئيساً للجمهورية

في السياق عينه، وعلى عكس كل الإنطباعات السائدة التي تكتنفها غشاوة العواطف، سيأتي على الأرجح جبران باسيل رئيساً للجمهورية للأسباب التالية:

1- مقارنة بسليمان فرنجية, يشكل باسيل لحزب الله غطاء مسيحياً على إمتداد الوطن ولديه كتلة نيابية كبيرة، في حين أنّ فرنجية محصوراً ومحدوداً جغرافياً ونيابياً.

2- في الإنتخابات النيابية وضع حزب الله كل كده وثقله، لدعم  التيار الوطني الحر في كل المناطق،  إلى حد أنّه ضحى بحلفائه المحسوبين على سوريا من أجل باسيل. إن دلّ هذا على شيء، فإنما يدل على أهميّة باسيل بالنسبة لحزب الله.

الهاجس الأكبر عند باسيل والحزب هو أنّ الرئيس عون تقدّم في السن (٨٨ سنة)، وفي حال غادر الحياة سينكشف وسيتفكك التيار

3- عندما يغادر الرئيس ميشال عون قصر بعبدا سيضعف التيار الوطني الحر سياسياً. أما الهاجس الأكبر عند باسيل والحزب هو أنّ الرئيس عون تقدّم في السن (٨٨ سنة)، وفي حال غادر الحياة سينكشف وسيتفكك التيار، وبالتالي يجب أن يكون باسيل في موقع قوّة، ليتمكن من الحفاظ على تماسك تياره.

في حال سار الحزب بباسيل، سيمتعض فرنجية ويغضب  ظرفياً، لكنه لن يترك محور الممانعة

4- رهان وإعتقاد البعض أنّ حزب الله محشور بين حليفين مرشحين للرئاسة ( باسيل-فرنجية ) خطأ، لأنّ في حال سار الحزب بباسيل، سيمتعض فرنجية ويغضب  ظرفياً، لكنه لن يترك محور الممانعة نظراً لإنتمائه للخط عن قناعة وعلاقته التاريخية الثابة بعائلة الأسد.

5- نظرة حزب الله للعقوبات الأمريكية على باسيل إيجابية، وتسجّل له وليس عليه، بمعنى أنّه عندما خَيّر الأمريكيون باسيل بين العقوبات وحزب الله، إختار الأخير حزب الله. علاوة على ذلك أنّ الحزب يريد التوجّه شرقاً.


6- تعويل البعض على المجتمع الدولي والغرب في الإستحقاق الرئاسي، كمن يعوّل على وهم وسراب. إذ أنّ هذه الدول لديها أولويات بعيدة كل البعد عن لبنان حالياً، كمحاربة الروس في أوكرانيا وتقليص النفوذ الصيني في العالم.

أصبح من المؤكد (%٩٩) أن تفضي المفاوضات بين لبنان وإسرائيل عبر الوسيط الأميركي، الى توقيع إتفاقية ترسيم للحدود البحرية

7- أصبح من المؤكد (%٩٩) أن تفضي المفاوضات بين لبنان وإسرائيل عبر الوسيط الأميركي، الى توقيع إتفاقية ترسيم للحدود البحرية بين البلدين. حيث سيعتبر حزب الله أنّه حقق الإنتصار الإلهي، ورضّخ إسرائيل لشروطه، وحمى الثروة النفطية اللبنانية بفضل معادلة الردع التي أرساها، مما سيضاعف قبضة الحزب على لبنان ويسهل عليه فرض باسيل.


8- أظهرت نتائج الجلسة الأولى للإنتخابات الرئاسية، بأنّ حزب الله يمكنه تكوين الأغلبية المطلوبة في التوقيت الذي يراه مناسباً، حيث أنّ  ال٦٣ ورقة بيضاء، بالإضافة إلى الورقة التي كتب عليها “نهج رشيد كرامة” هي النواة الصلبة للحزب. هذا الرقم سيرتفع حتما” بالترغيب والترهيب، و/أو بشكل طبيعي نظراً للإنقسامات والتناقضات والإختلافات، وتضارب المصالح في المقلب الآخر، ووجود بعض الودائع له هناك.


أما المطلوب اليوم، هو الإقلاع والكف عن المحاولات المتكررة الفاشلة للتغيير من داخل المؤسسات الدستورية، ووضع الشهوات السلطوية جانباً، تمهيداً لتزخيم وتشكيل جبهة سياسية عابرة للطوائف، شبيهة بتجربة لقاء قرنة شهوان إبّان الإحتلال السوري. تطالب برفع الإحتلال الإيراني عن لبنان وتنفيذ القرارات الدولية، ولا سيما القرار ١٥٥٩ تحت الفصل السابع وتدويل الأزمة اللبنانية.

السابق
«جنوبية»: اقتحام 3 مصارف خلال أقلّ من ساعة
التالي
«المنار» مدافعةً عن النظام الإيراني: مهسا أميني انتحارية ماتت بعد ابتلاعها قرصاً من السم!