الشاعر اللبناني الجنوبي ابن مدينة صور سليمان نعمة، ترك وطنه باكراً، فتح باب الغربة وانطلق في أرض الله الواسعة، فكانت محطته الأولى بلاد السويد، مكث فيها طويلاً ،ثم انتقل الى 1فرنسا،وما زال الى اليوم في مدينة نيس يقطن ويعمل، يُمارس حياته وهروبه ومنفاه على أكمل قلق وغربة واغتراب.
اقرأ أيضا: أضواء كريم مروّة على روّاد الإصلاح الديني.. العرب في العصر الحديث
— تحادثت مع سليمان وسألتُه الكثير من الأسئلة القلقة، عن لجوئه الى الغربة أو الغربة لجأت اليه، وكيف رسم خطوط الغربة الطويلة، هل لقصيدته مرآة المنفى، وهل هي قصيدة لتعويض خسارتك وطنك الأول؟
ماذا قال لك منفاك الغربي، هل أوحى لك بوطن بديل أو أغراك بجمال يلامس نظرتك للحياة،
وهل انت نادم ، وأي ندم تعيش، ماذا تقول لأهل وطنك،المغلوب على أمرهم، من (علياء) منفاك، أتحثّهم على على الهجرة بعدما ذاقوا لوعة انهيار الوطن،أو تطالبهم بالصمود والعمل على تحرير الحياة من قيود حكامها،
وماذا عن جديدك في الكتابة والنشر ، ومتى تعود الى وطنك، أو انك في غير عودة؟
وسألته، هل سليمان نعمة شاعر حزين أو سعيد، كيف ولماذا،والى أين أوصلك الشعر؟
-بعد صمت بليغ نطق الشاعر بكلام الغربة والغياب وقال: “الغربة هي من لجأت الى الاغتراب والرحيل ، ألحّت عليّا كي اغادر الى (وطنها) واستقبلتني شريداً تائهاً لاجئاً منفياً ، ذكرياته في عينيه ويديه ، ينتظر اقامة تعطيه دفىء المكان والحياة”.
أضاف: “الغربة مرسومة لنا قبل ان نسلكها، لكننا محوناها بنعالنا واسفارنا (الرمبوية).
لم أخسر وطني ولم أربح المنفى والقصيدة لم تكن سوى ورقة يناصيب لم ألعبها يوماً.
فلا بديل للوطن، والغرب لم يقل لي شيئاً ، لم يسعفنِ ولم يقدم لي الأمل المرتجى،ولم يقدم لي إغراء حُسنه وجماله، بل ربما ساعدني أكثر على حب الحياة والعدول عن فكرة الانتحار” .
وعن ندم عاشه يقول سليمان: “أنا نادم لأنني لم أبكِ من شدة الندم عالياً، داخل دمي وعروقي، وحياتي التي شطحت الى أبعد من ذاتي وأبعد من نظراتي”.
ويحث الشاعر أهل وطنه: “أكيد أحثهم على الرحيل لأن الشعب هو الأصل والأصيل، ولكن للأسف
أهل الوطن وأولاده يعيشون اليوم في خراب الحياة ، ومن الأفضل والمفيد أن يُصاب حكام هذا الشعب باليتم والتوحد إذا خرج الشعب من شركهم”.
وعن جديده في الكتابة يقول:”الجديد في الكتابة هو أنني اعيد دائماً قراءة
قصائدي القديمة ، وهذه القصائد ستصدر في ديوان صغير بعنوان ” اماكن لا يصل إليها الرحيل “
عودة الشاعر الى وطنه ليست مستحيلة:”إنني كل يوم أرغب بالعودة الى وطني ،ولكنه
يرفض استقبالي لأنني لم انظر ورائي يوم فراقنا ووداعنا…
الشاعر لا يفرح الا في لحظات الحزن ، ولا يبكي إلا من الضحك ، فلماذا وكيف هذا..! ربما نحتاج لعلاج نفسي نعانيه جميعاً كشعراء اضلوا الطريق الى المصحات التي غادروا”.
الى أين أوصلك الشعر: “أوصلني الشعر الى التيه واللاطمأنينة ، الى”پيسوا” و”يباب إليوت” والى البحث عن النقّالة التي حملت (الحاج رامبو) في رحلته الاخيرة من هرر الى مرسيليا …”