ياغي لـ«جنوبية»: حل ترسيم الحدود البحرية سياسي و عبر الولايات المتحدة

الخبير النفطي الدكتور ربيع ياغي
السياسيون اللبنانيون أمام إمتحان جديد، سيظهر بوضوح مدى مهارتهم الدبلوماسية، لتعويض لبنان ما فاته من وقت لإستخراج ثروته نتيجة مماطلاتهم ومناكفاتهم وإسترجاع حقوقه في حقل كاريش. علما أن التجارب مع إسرائيل تشي أنها غالبا ما تضرب عرض الحائط كل القرارات الدولية، والطرق الدبلوماسية التي تتناقض مع مصالحها.

تظهر التطورات الداخلية  التي ترافق ملف ترسيم الحدود البحرية بين لبنان وإسرائيل، وإعلان رئيس مجلس النواب نبيه بري أن الوسيط الاميركي عاموس هوكشتاين سيزور لبنان في أوائل الاسبوع المقبل، وقد سبقه إعلان نائب الامين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم بأن “حزب الله يقف خلف الدولة اللبنانية في هذا الملف”، أن ثمة توجه لبناني لإعتماد الطرق الدبلوماسية والسياسية لإنقاذ ما يمكن إنقاذه من حقوقه الغازية والنفطية في حقل كاريش، وليس عبر التلويح بالمواجهة العسكرية التي يمكن أن يقودها حزب الله، للدفاع عن هذه الحقوق والتي يسعى العدو الاسرائيلي إلى قضمها. 

لكن الثابت في ظل كل هذه التطورات الحاصلة هو أن إسرائيل تسعى إلى فرض واقع يناسب مصالحها (على جري عادتها في حروبها مع العرب) لتجلس بعدها على طاولة المفاوضات، وهذا ما يحصل حاليا مع وصول سفينة “أنرجين باور” إلى حقل كاريش وإنجاز كل التحضيرات للبدء بإستخراج الغاز التجاري خلال شهر( كما يرجّح الخبراء النفطيون)، فهل يمكن للبنان ( بعد كل هذه التطورات والوقائع) أن يحصّل حقوقه بالطرق الدبلوماسية والتقنية؟

يوافق الخبير النفطي ربيع ياغي أن التفاوض الدبلوماسي قد لا يؤدي إلى إسترداد الحقوق من إسرائيل، ويقول ل”جنوبية”: “شخصيا لا أعتقد أن المفاوضات حول حقل كاريش ستكون سهلة ولن تقبل إسرائيل أن تعطي لبنان الحقل بعد أن عملت إلى ترتيب كل البنية التحتية ليكون قيد الانتاج بعد شهر”، لافتا إلى أن “السفينة الالمانية”أنرجين باور” مهمتها هو سحب الغاز وتخزينه ومن ثم ضخه إلى مرفأ حيفا، ولذلك لا أعتقد أنه يمكن حل هذا الموضوع عبر الطرق الدبلوماسية أو عبر الامم المتحدة، لأن إسرائيل تضرب بعرض الحائط كل القرارات الدولية  التي تتعارض مع مصالحها”.

يمكن أن نصل إلى حل وسطي بين الخطين 23 و 29 أو ُيمنع هذا الحقل  على إسرائيل 

ويرى أن “إسرائيل إستغلت فرصة التفاوض مع لبنان لمدة عام ونصف، لتجهيز كل البنى التحتية للبدء بإنتاج الغاز، وقامت بتطوير حقل كاريش وإتفقت مع شركة إنيرجيا اليونانية لبناء الباخرة  “أنرجين باور “في سنغافورة لكي تتمكن من عبور قناة السويس، واليوم هذه السفينة وصلت وتجري حاليا العمليات التقنية واللوجستية، للبدء بضخ الغاز التجاري عبر الشواطئ الاسرائيلية”.

يشدد ياغي على أنه قبل “الكلام عن الحلول التقنية والدبلوماسية، على لبنان حل المسألة قانونية عبر تصحيح المرسوم، الذي يحدد حدود المنطقة الاقتصادية الخالصة الذي تمّ إرساله إلى الامم المتحدة في العام 2011 وتغيير كل الاحداثيات والمتعلقة به والتي تم بناؤها على أساس الخط 23 “، معتبرا أنه “اليوم بعد مضي 11 عاما على هذا التبليغ نطلب أن يكون الخط 29، أي أنه بدلا من أن نطالب إسرائيل ب 860 كلم متر مربع نطالبنها حاليا ب2400 كلم متر مربع، وهذا يقتضي على السلطات التنفيذية والتشريعية والقضائية الاتفاق على تعديل المرسوم 6433 المتعلق بالحدود البحرية  وإرساله إلى الامم المتحدة، ثم الانطلاق برعاية الوسيط الاميركي بإحياء المفاوضات مع اسرائيل والتي بدأت منذ عام ونصف”.

لا يمكن المراهنة على حلول تأتي من قبل الامم المتحدة لأنه ببساطة إسرائيل لن تتقيد بها

 يضيف:”لبنان متأخر في هذا الملف على كل الاصعدة وليس فقط على الصعيد القانوني لجهة فرض سيادتنا على البلوكات والحقول البحرية، بل أيضا على صعيد الاستكشاف وبناء البنى التحتية للتنقيب والحفر، ونماطل في تسوية هذه الامور في الوقت الذي إستغلت إسرائيل الفرصة لإنجاز كل الأعمال اللوجستية المطلوبة للبدء بإستخراج الغاز”، مشيرا إلى أنه “إذا كان الوسيط الاميركي وسيطا نزيها يمكن التوصل إلى حل مقبول للبنان، لأنه لا يمكن المراهنة على حلول تأتي من قبل الامم المتحدة، لأنه ببساطة إسرائيل لن تتقيد بها، والحل هو سياسي عبر الولايات المتحدة ويمكن أن نصل إلى حل وسطي بين الخطين 23 و29، أو أن يبقى هذا الحقل في في طور التجمسد ويُمنع على إسرائيل إستخراج الغاز التجاري منها، وهذا الامر يعتمد على نشاط الدبلوماسية اللبنانية”. 

يرى ياغي أنه من “الناحية الدبلوماسية لا يمكن للبنان فرض على إسرائيل تجميد عملها في الحقل، ويستبعد اللجوء إلى الحلول العسكرية لأن النتائج لن تكون لصالح أي طرف، لأن الحرب ليست لعبة خصوصا أن لبنان ليس الاقوى في كل هذه المعادلة لأنه منهار سياسيا وإقتصاديا”، موضحا أن “إسرائيل إستغلت هذا الامر وأنجزت كل الخطوات التي ستمكنها من إستخراج الغاز ومارست القرصنة بدهاء، وهي لن تتراجع عن هذا الامر إلا بضغط أميركي وإلا سيكون مصيرنا مثل أي أرض عربية تمّ إحتلالها سابقا”.

السابق
بالأسماء: فوز أعضاء لجنتَي البيئة والزراعة والسياحة النيابيتين بالتزكية
التالي
الجميل يسأل بري: ماذا تفعل لجنة المهجرين.. وهكذا ردّ