وداعاً شاعر البنفسج

غادرنا أخيراً شاعر البنفسج مظفّر النواب، الذي كتب أكثر القصائد عذوبة ورقة وجمالاً. ظلّ حالماُ، بل مشروع حلم كبير على الرغم من أن بعض أحلامنا كما يقول هناك من رماها على قارعة الطريق، لكنّه ظلّ منحازاً إلى الفقراء والحريّة والعدالة.

        عاش مظفّر النواب زاهداً أقرب إلى قدّيس، مستقيماً وصادقاً وشجاعاً في مواجهة الزيف والكذب والخنوع، وقد نذر نفسه للجمال والإبداع والأغنية الشعبية.

أي حزن يمتلك المرء حين يرحل صديقه، فما بالك بصديق بوزن مظفّر. هاتفني العديد من الأصدقاء العرب والعراقيين وهاتفت عدداً منهم، كانت كلماتهم أو كلماتي تتسابق مع بعضها: نعزّيكم ونعزّي أنفسنا. و كأن الكل كان يتفّق على أن مثل هذا الحزن العارم أخذ يلفّ الجميع مع أن مظفّر لم يرحل، فإنه يبقى فينا ومعنا ولنا وللمستقبل والأجيال القادمة، صوتاً هادراً ومعطاءً ومتفانياً وجميلاً مثل قصيدته… لكنه الحزن يتمكّن منا، حتى ولو جاهدنا لنقبل الصبر الجميل:

مو حزن ..لكن حزين
مثل ما تنكطع تحت المطر شدّة ياسمين
مو حزن لكن حزين
مثل صندوق العرس
ينباع خردة ْ عشك
من تمضي السنين ْ

مو حزن لكن حزين

مثل بلبل كعد متأخر
لكه البستان كلها
بلايا تــــــين

******************       

    جدير بالذكر أن هذه اللقطة كانت عبر اتصال هاتفي مع الكاتب، والذي أرسل لنا مشكوراً دراسة كان قد قدّمها إلى مؤتمر كلاويش الثقافي في السليمانية احتفاءً بمظفّر النواب تحت عنوان “مظفّر النواب يتلألأ في ضمائرنا”.

السابق
«غيوم سود» في سماء لبنان… والبطريرك مرتابٌ من «انقلاب على نتائج
التالي
بتوجيه من بري.. رفع الإجراءات وتخفيف التدابير الامنية في محيط مجلس النواب