
طالما مثّلت أمريكا اللاتينية أهميةً جيواستراتيجية لكلٍّ من الولايات المتحدة وروسيا، وأصبح الأمر كذلك بالنسبة للصين مؤخراً، بسبب الموقع الجيواستراتيجي للمنطقة، والثروات الهائلة التي تمتلكها من حيث الطاقة والموارد المعدنية، والتنوّع البيولوجي (بما في ذلك الغابات ومصائد الأسماك والموارد المائية السطحية والمياه الجوفية). وعلى وجه الخصوص، تمتلك فنزويلا أكبر احتياطي نفطي في العالم بأسره يُقدر بـــــ 300 مليار برميل. وهذه الحقيقة دفعت الولايات المتحدة إلى السعي لتبنّي مُقاربة جديدة تجاه كاراكاس. فقد أفرزت الحرب بين روسيا وأوكرانيا تهديداً لأمن الطاقة، وأسهمت بسرعة في تلاشي بعض الخصومات السابقة؛ ففي مارس 2022، ومع ارتفاع أسعار النفط، الْتقى الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو في كاراكاس وفداً أمريكياً رفيع المستوى أرسلته إدارة بايدن لمناقشة أمن الطاقة مع الجانب الفنزويلي. وتدرس الولايات المتحدة حالياً مراجعة العقوبات المفروضة على فنزويلا مُقابل توفير كميات نفط أكبر من قبل الأخيرة. وبالتوازي مع ذلك، بدأ مادورو بتفعيل عملية الحوار السياسي الوطني لتحقيق السلام والتعافي في فنزويلا.
اقرأ أيضاً: أوكرانيا.. كييّف المحاصرة تحاصر موسكو
قبل عام 2019، كانت الولايات المتحدة تُصدّر إلى فنزويلا المواد المُخفِّفة لمعالجة نفطها الثقيل، وكانت في المقابل تشتري 40% من الإنتاج النفطي لكراكاس. وكانت فنزويلا آنذاك واحدة من أفضل خمسة مورّدين خارجيين للنفط إلى الولايات المتحدة. مع ذلك، وبعد عملية انتخاب الرئيس مادورو، والتي أُثير بشأنها الكثير من الجدل في عام 2018، اعترفت إدارة ترمب بزعيم المُعارضة، خوان غوايدو، باعتباره الرئيس المؤقّت الشرعي للبلاد. ومنذ ذلك الحين، قُطِعَت العلاقات الدبلوماسية والاقتصادية بين البلدين. واليوم، فإن هذه المرحلة الأوليّة من التقارب بين البلدين، والتي كان من غير المُمكن تصوّرها منذ بضع سنوات، من المُرجّح أن تُسهم في إحداث تغييرات في النظام العالمي.
تُناقِش هذه الورقة الانفتاح الأمريكي الجديد على فنزويلا، ومدى نجاح هذه الخطوة في استئناف التعاون في قطاع النفط الأمريكي مع كاراكاس، كما تناقش مدى تجاوب حكومة مادورو مع الانفتاح الأمريكي، وآفاق العلاقات بين الولايات المتحدة وفنزويلا، وكيف ستؤثّر هذه العلاقات الجديدة في سوق النفط العالمية.
عهدا شافيز ومادورو وقطاع النفط
فنزويلا هي دولة ريعية، وتُسهم إيرادات النفط فيها بــــــ 97% من الموازنة العامة للدولة. وبسبب عدم وجود تنويع اقتصادي، يرتبط ازدهار الوضع الاقتصادي أو تردّيه بشكل أساسي بتقلّبات أسعار النفط. ويعتمد مدى نجاح وتعثّر إنتاج النفط الخام في فنزويلا على شركة النفط الوطنية التي تسمى اختصاراً “PDVSA”، والتي تولّت إدارتها الحكومات المُتعاقبة في البلاد. وخلال العقد الذي تلا عام 2003، استغلّ الرئيس السابق هوغو تشافيز (1998-2013) ارتفاع أسعار النفط لتمويل قطاعات الصحة العامة والتعليم والبرامج الاجتماعية ودعم الطاقة. وفي الوقت نفسه، أدّت الزيادة الضخمة في الواردات إلى زيادة متوازية وغير مُستدامة في الديون الخارجية. واستخدمت إيرادات شركة النفط الوطنية أيضاً لدعم شبكة الفساد الحكومي، وتعزيز قبضة الحزب الحاكم الأكثر استبداداً على المجتمع الفنزويلي، ووصل به الأمر إلى تقييد حصول المواطنين على الخدمات العامة الأساسية أو توظيف الافراد في الدولة على أساس انتماءاتهم السياسية. وعلى سبيل المثال، في عام 2003، طرد الرئيس تشافيز 800 موظّف في شركة النفط الوطنية لمُشاركتهم في إضراب ضد نظامه، ما جعل صناعة النفط الوطنية تفقد مُعظم رأس مالها البشري (بما في ذلك المديرون التنفيذيون والجيولوجيون والجيوفيزيائيون، ومُهندسو النفط، الذين مُنعوا أيضاً من التعاقد للعمل في فنزويلا، ما أجبرهم على الهجرة إلى الخارج)، واستبدلوا بأفراد مُوالين للحزب الحاكم.
ما يُميّز احتياطات النفط في فنزويلا موقعها [الاستخراجي] ولزوجتها. وتمتلك فنزويلا احتياطياً نفطياً أكبر من الاحتياطي النفطي في السعودية، إلاّ النفط فيها موجود في البحر أو تحت الأرض على عمق كبير، في حين أن النفط السعودي قريب من السطح وسهل الاستخراج. وهذا يعني أن كُلفة إنتاج النفط من احتياطيات فنزويلا مُرتفعة للغاية. علاوة على ذلك، نظراً لأن النفط الخام الفنزويلي أثقل من حيث اللزوجة، فإن ثمة حاجة لتخفيفه بزيوت نفطية أو بمواد مُخفّفة من أجل استخراجه ونقله. وفي نهاية المطاف، يتطلّب هذا النفط الخام إمّا استخدام مواد مُخفّفة أو معالجته في مصفاة نفط مُتخصّصة. وفي هذا الصدد، تُركت مصافي النفط الأربع المُتخصّصة الموجودة في فنزويلا في وضع خطير بسبب نقص الصيانة؛ ففي إحدى هذه المصافي، غادر الشركاء الدوليون الذين كانوا يعملون فيها البلاد. وجرى تفكيك مراكز التدريب والبحوث في شركة النفط الوطنية؛ وبالتالي لم تُمنَح الأولوية للصناعة الوطنية الأكثر قيمة من حيث الاستثمار في المصافي والموانئ والسدود وخطوط الأنابيب، وما إلى ذلك. وتسبّب عدم توافر البنية التحتية الفعّالة في تأخير الصادرات، وإجبار شركة النفط الوطنية على بيع النفط بأسعار رخيصة جداً إلى كوبا و16 بلداً آخر. كما صادرت الحكومة جزئياً شركات النفط الخاصة.
بعد وفاة الرئيس تشافيز (2013)، وصل مادورو إلى السلطة. ومع انخفاض أسعار النفط في جميع أنحاء العالم في عام 2014، انخفضت واردات فنزويلا بنسبة 70%، ما أدّى إلى نقص في الغذاء والأدوية والسلع الأساسية. ولم يستطع القطاع الخاص، المقيّد باللوائح التنظيمية الحكومية الزائدة، تعويض ذلك النقص، وانخفض الناتج المحلي الإجمالي في فنزويلا بنسبة 50%. وبدوره، دمّر التضخم الجامح قيمة وفورات المواطنين. وقد أثار الانهيار الاقتصادي أزمةً إنسانية تميّزت بانعدام الأمن الغذائي، وكان من المُتوقّع أن يصل مُعدّل البطالة إلى 47.9%، ومعدّل التضخم الجامح إلى 10,000,000%. وتميّزت تلك الحقبة أيضاً بفشل الخدمات العامة، وارتكاب انتهاكات مُمنهجة لحقوق الإنسان، وارتفاع في معدّل الجريمة. وتسبّب ذلك أيضاً في موجة هجرة غير مسبوقة للبلدان المجاورة، حيث تجاوز عدد اللاجئين الفنزويليين آنذاك عد اللاجئين السوريين، مع بلوغه سبعة ملايين لاجئ في عام 2020.
واستطاعت حكومة مادورو التماسُك بفضل الاستثمارات والقروض السخيّة من الصين وروسيا، وغالباً ما تُسدَّد عبر شحنات النفط (الأمر الذي يُعرِّض خطط التصدير المُستقبلية للخطر). وشمل التعاون مع موسكو وبيجين مُختلف القطاعات، بما في ذلك مشاريع النفط والتعدين المُشتركة والطب والسياحة والاتفاقات الزراعية. وامتنع كلا البلدين عن مناقشة “الشؤون الداخلية”، بما في ذلك الاضطهاد السياسي للمُعارضة في فنزويلا. مع ذلك، وفي حين تأمل الصين مُقابل ذلك الحصول على المواد الخام والنفط الرخيص، إلا أن الفائدة الرئيسة بالنسبة لروسيا كانت جيوسياسية، حيث تُحاول موسكو تعزيز مكانتها كقوة عالمية مع وجود حلفاء رئيسين لها في أمريكا اللاتينية.
وفي انتخابات عام 2018 التي أُثير بشأنها الكثير من الجدل، وقاطعها مُعظم أحزاب المُعارضة، ادّعى مادورو تحقيق النصر. وأعلنت الجمعية الوطنية التي تُسيطر عليها المُعارضة، شغور منصب الرئاسة. وأعلن زعيم المُعارضة، غايدو، نفسه رئيساً مؤقتاً للبلاد، وحصل على اعتراف أكثر من 60 دولة، من بينها الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد الأوروبي ومُعظم بلدان أمريكا اللاتينية. مع ذلك، واصلت روسيا والصين دعمها لمادورو. وفي عام 2019، أوقفت الولايات المتحدة تصدير المُخفِّفات إلى فنزويلا واستيراد النفط الخام منها، كما فرضت عقوبات على شركة النفط الوطنية والبنك المركزي في البلاد. وفي تحرّك مضاد منها، اقتربت فنزويلا من روسيا، حيث نقلت مقر شركة النفط الوطنية إلى موسكو من أجل الالتفاف على العقوبات والاستمرار في بيع النفط من خلال الوسطاء.
وفي عام 2020، ونتيجة تفشّي وباء كورونا، انخفضت أسعار النفط ولم تُجرَ أي عمليات جديدة للتنقيب عن النفط في فنزويلا لمدة عام ونصف عام. وانخفض الإنتاج كذلك بسبب الانخفاض الحاد في عدد العملاء وشركات النفط التي على استعداد للعمل مع شركة النفط الوطنية. ووفقاً لبيانات مُنظّمة الدول المصدّرة للنفط (أوبك)، فقد انخفض إنتاج شركة النفط الوطنية الفنزويلية من 933،000 برميل يومياً في أغسطس 2020 إلى 336000 برميل يومياً في أغسطس 2021. ووجدت كاراكاس مُزوّداً بديلاً للمُخفّفات، وهي شركة “روسنفت” الروسية التي تعرّضت للعقوبات الأمريكية لاحقاً. مع هذا، أشارت مُنظّمة أوبك في ديسمبر 2021 إلى حدوث زيادة في إنتاج النفط في فنزويلا وصل إلى ما يقرب من 800 ألف برميل يومياً، وهو مستوى الإنتاج نفسه قبل عام 2020. وفي الواقع، تحولّت فنزويلا إلى السوق الآسيوية وتمكّنت من تجنّب العقوبات باتباع سلسلة من الاستراتيجيات، مثل التصدير من خلال الوسطاء في ماليزيا والصين. ومنذ 10 يناير 2022، استأنفت شركة النفط الوطنية صادراتها من النفط المُخفّف نتيجة إبرام اتفاقية ثنائية بين طهران وكراكاس بموجبها تقوم إيران بتزويد فنزويلا بالمواد المُخفّفة.
الصراع الروسي-الأوكراني باعتباره “نقطة تحوُّل”
بعد شن روسيا الحرب على أوكرانيا، امتنعت أربع دول فقط من أمريكا اللاتينية عن التصويت لصالح قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة الذين دان روسيا في 2 مارس 2022، حيث شملت تلك الدول كلاً من بوليفيا وكوبا والسلفادور ونيكاراغوا. وحتى مع فقدان فنزويلا حقّها في التصويت في الأمم المتحدة بسبب الأموال المُستحقّة عليها للمُنظّمة الدولية وغير المدفوعة منذ بداية العام، فقد أعلن مادورو بسرعة دعمه لبوتين في خطاب مُتلّفز، وامتدح دفاع الأخير عن “السلام في تلك المنطقة”، ما يؤكّد دور كاراكاس كحليف لموسكو دون قيد أو شرط.
وجاءت نقطة التحوّل عندما حظرت إدارة بايدن استيراد النفط الروسي، وأوضحت أن العقوبات على روسيا ستؤثّر في الحكومات التي لديها علاقات اقتصادية مع موسكو، مثل فنزويلا وكوبا ونيكاراغوا. وإن استبعاد البنوك الروسية من النظام المالي الدولي “سويفت”، وانهيار الروبل الروسي يعني أن الحكومة الفنزويلية لم يعد بإمكانها الوصول إلى الحسابات المالية الخاصة بها في روسيا. وفي الوقت نفسه، فإن قيام روسيا بتوجيه صادراتها النفطية الضخمة إلى الصين يُمكن أن يقوّض شحنات النفط الفنزويلية الأقل أهمية بالنسبة لبيجين. لكن، كما أظهر التاريخ مؤخراً، يُمكن لمادورو مُجدداً أن يتغلّب على الظروف الصعبة عن طريق إعادة تشكيل علاقات بلاده التجارية.
استوردت الولايات المتحدة في العام الماضي من روسيا ما مقدراه 8% من إجمالي وارداتها من النفط والمنتجات المكررة، أي حوالي 672,000 برميل يومياً. وبشكل عام، لا يُمكن لفنزويلا تعويض الطلب الأمريكي على الواردات النفطية الروسية، لأن إنتاج كراكاس أقل بكثير من تلك الكمية. وفي حين كانت فنزويلا تنتج ما بين 700,000 و800,000 برميل يومياً، كانت روسيا تنتج حوالي 11 مليون برميل يومياً، وتصدّر ما يقرب من 7 ملايين برميل يومياً؛ لذا، حتى لو رفعت الولايات المتحدة العقوبات المفروضة على فنزويلا، فسيكون هناك تأثير ضئيل على السوق العالمية على المدى القصير. إن النفط الخام في فنزويلا يُمكن أن يكون بديلاً مؤقّتاً للنفط الروسي المُستخدم من قبل مصافي النفط الأمريكية في خليج المكسيك، ولكن يتم تحديد سعر النفط في نهاية المطاف من قبل السوق الدولية، وليس بناءً على كمية النفط التي ستكون فنزويلا قادرة على تصديره، والتي هي غير كافية على المدى القصير. ويُمكن أن تحصل الولايات المتحدة على النتيجة نفسها من خلال زيادة إنتاجها النفطي أو إقناع دول الخليج العربية للقيام بذلك.
إن أي زيادة مُحتملة في إنتاج النفط في فنزويلا ستحتاج إلى استراتيجية طويلة الأجل، وإجماع سياسي، وتجديد الإطار المؤسسي والقانوني، واستثمار كبير في البنية التحتية في مصافي نفط جديدة وفي الكوادر العاملة هناك، وقد يكون لذلك آثار مُهمة في حال حدوثه. ويُمكن لبايدن أن يحصل على ميزة جيوسياسية عن طريق تعطيل العلاقات بين روسيا وفنزويلا. كما يُمكن أن يُساعد ذلك واشنطن بقوة في تشكيل خريطة طريق للانتقال السياسي في البلاد وتطبيع علاقات واشنطن مع كراكاس، إذ إن استقرار فنزويلا قد يُنهي أزمة المهاجرين إلى البلدان المجاورة. علاوة على ذلك، قد تُعزّز مُفاوضات الولايات المتحدة وفنزويلا أيضاً الإصلاحات في صناعة النفط لدى الأخيرة من أجل تسهيل الإنتاج وعمليات الشركات الأجنبية، ويُمكن أن يُمثّل ذلك بدايةً لمواجهة العلاقات الوثيقة التي أرستها روسيا والصين مع الحكومات اللاتينية الأخرى، بما في ذلك كوبا والسلفادور ونيكاراغوا وبوليفيا.
تكمن مُشكلة بايدن في كيفية إقناع الكونغرس أن هذه الاستراتيجية جديرة بالاهتمام على المدى الطويل. ولم ينظر الحزب الجمهوري وإدارة ترمب إلى الزحف الروسي تجاه أمريكا اللاتينية بمنزلة تَعدٍّ؛ لذا، فإنهم قد يتّهمون بايدن بالتعامل مع دولة منبوذة. وفي الوقت نفسه، تُعدّ شركات النفط من المانحين المُهمّين للحزب الجمهوري وقد تكون مُهتمّة بإعادة استئناف عمليات استخراج النفط في فنزويلا. ويشعر الشعب الأمريكي بالقلق إزاء ارتفاع أسعار النفط، وقد يكون هناك الكثير من الأمريكيين الذين على استعداد لدعم توجّهات بايدن بهذا الخصوص، أو على الأقل لا ينظرون إلى التقارب مع فنزويلا كمُشكلة في حال أُطِّر ذلك باعتباره تحرّكاً ضرورياً لخفض أسعار النفط؛ لذا، فإن احتمالية مُضي إدارة بايدن باتخاذ المزيد من الخطوات نحو تطبيع العلاقات مع كراكاس ستعتمد جزئياً على توجّهات السياسة الداخلية والاقتصاد.
من جانبه، فإن الرئيس مادورو يواجه صعوبةً في تبرير هذا التحوّل الكبير في توجهاته لقاعدته الشعبية؛ فعلى مدى العقدين الأخيرين، تبنّت النُظم الاشتراكية المُتعاقبة في البلاد سرديةً مُضادّة للّيبرالية الجديدة والتي رفعت شعار “الإمبراطورية الأمريكية” في مواجهة “فنزويلا ذات السيادة “. علاوة على ذلك، ربطت تلك السردية المُعارضةَ المحلية بمؤامرة أمريكية لتقويض مصالح فنزويلا. وبحسب هذا المنظور، فإن البديل السياسي الديمقراطي غير مرغوب فيه. ولكن نظراً للاضطرابات التي تسود المشهد في عام 2022، قد ترضخ السرديات الأيديولوجية إلى حدٍ بعيد أمام الاحتياجات الأكثر واقعية.
استنتاجات
يُمكن للرئيس الفنزويلي مادورو في الواقع تحقيق الكثير من المكاسب من خلال التفاوض مع الولايات المتحدة. وفي المقام الأول، فإن زيادة إنتاج النفط في فنزويلا مُقابل رفع الولايات المتحدة عقوباتها عن البلاد، يُعدّ خياراً أكثر جاذبية من دعم روسيا التي قد تظل معزولة دولياً إلى الأبد. وتمنحه هذه المفاوضات أيضاً اعترافاً غير متوقعاً وضمنياً بزعامته للبلاد، والتي هي محل خلاف لغاية الآن. مع ذلك، تَعتمد نتائج المفاوضات على طبيعة المطالب المُتبادلة. ومن المعروف أن المشاكل المالية والإدارية الكبيرة في شركة النفط الوطنية الفنزويلية سبقت ارتفاع أسعار النفط وانخفاضها. كما اُستخدمت الشركة أداةً في يد حزب مادورو الحاكم؛ وبالتالي، من المُحتمل أن تزيد الاصلاحات العميقة المطلوبة في الشركة من حدّة الاستقطاب السياسي ما لم تُنفَّذ من قبل مؤسّسة مُحايدة ومُحترمة. ويُمكن أن تؤثّر الولايات المتحدة في الرئيس مادورو لاعتماد نهج أكثر ليونة مع المعارضة، وسيُظهر المُستقبل مدى تقبّله لفكرة إعادة صياغة مركزيته في السياسة الفنزويلية.