لطالما كان المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى، المؤسسة الرسمية للطائفة الشيعية في لبنان وبلاد الإغتراب، مركزا للإنفتاح والتلاقي والحوار، أسسه الإمام السيد موسى الصدر رئيس حركة “المحرومين أمل”، ووضع أهدافه من أجل الإنسان وخدمته، وذلك انطلاقا من رؤية إصلاحية وسياسية وإقتصادية وإجتماعية، ليكون كيانا سيدا حرا مستقلا، له رمزيته ووجوده ومشروعه المتكامل، الذي يصب في مصلحة الشيعة بشكل خاص ولبنان بشكل عام، بعد أن كان واقع الطائفة يغلب عليه الضعف والتقهقر.
تميز الامام الصدر بالثقة بالنفس، كعالم شيعي قدم نفسه وقدم فكره على مستوى كل لبنان، وكان يملك القدرة والجرأة بالذهاب الى اي مكان، الى الكنائس والى كل المناطق والطوائف، ويقدّم فكره ومذهبه ورؤيته الواسعة للبنان والعلاقات بين الطوائف، فاحترمه الخصوم قبل الحلفاء.
بات المجلس، مكانا فارغ المحتوى، غاب فكر السيد موسى وصورته وحضرت العصبية والأنانية
يتحسر أحد رموز الطائفة الشيعية المخضرمين عبر “جنوبية” الى ما آلت اليه أوضاع المجلس، و يقول”: لم يتوقع أكثر المتشائمين، أن يُترك المجلس الشيعي لمصيره، ويتم العبث بأمانة موسى الصدر، ويصل الحال بالمجلس بعد وفاة رئيسه الشيخ عبد الأمير قبلان، الى ما هو عليه اليوم، كالكهف المهجور، يتردد منه أصوات تثير القلق والخوف، وقد إنحرف عن الأهداف التي أسس لأجلها”، ويردف”: وبات المجلس، مكانا فارغ المحتوى، غاب فكر السيد موسى وصورته وحضرت العصبية والأنانية والمحسوبيات الضيقة، والكيديات و الكومبينات”.
ويلفت الى ان “الأخطر من ذلك، أن هذا المجلس الذي كان يعبّر عن كل محروم ومظلوم، تحوّل الى صدى لصوت “حزب الله” ومروجا لمشروعه، وعنوان التبجيل والمديح بإيران، ومنصة رسمية للتطاول على دول الخليج ومهاجمة أميركا”.
الشيخ علي الخطيب المنتهية صلاحياته، يسابق الوقت المتبقي له على كرسي المجلس هاربا الى الأمام
واقع الحال، كما يكشف عنه مصدر مواكب لـ “جنوبية”، ان “الشيخ علي الخطيب المنتهية صلاحياته، يسابق الوقت المتبقي له على كرسي المجلس هاربا الى الأمام، فيكرر أمام زواره شريط قناعاته البعيدة كل البعد عن المصلحة العامة للشيعة، ففي معظم لقاءاته العامة والخاصة، يحاول جاهدا تلميع صورة “حزب الله”، مستخدما قاموس عباراته، كما ويتحدث عن إنجازات إيران وفضائلها الكثيرة على لبنان، حتى يظن الزائر أنه يستمع الى النائب علي عمار في أحد مكاتب الحزب او أمانته العامة”.
و على الرغم من أن الشيخ الخطيب، أبعد المقربين من حركة أمل وشكّل فريق دائرته الضيقة من محازبين، الا أن أوساط مقربة من “حزب الله” تنفي ل “جنوبية”، الحديث عن أن الشيخ الخطيب يتلقى تعليماته من قيادة الحزب، و توضح ان “هذا لا يعني أنه بعيد، بل العكس تربطه بقيادة الحزب علاقة وثيقة، وبالتالي هو ليس بحاجة لاملاءات فهو يعبر عن قناعاته وينسجم مع خطاب حزب الله محليا وإقليميا”.
موظفي المجلس يبدون انزعاجهم الشديد، من مقاربة الخطيب للملفات الداخلية والخارجية
الى هذا، تنقل مصادر خاصة ل “جنوبية”، ان “موظفي المجلس يبدون انزعاجهم الشديد، من مقاربة الخطيب للملفات الداخلية والخارجية، وهم بصدد تشكيل جبهة علنية معارضة، تهدف الى تحرير المجلس وإصلاح ما أفسدته الإدارة الحالية، وتصويب الإعوجاج الحاصل، والمطالبة بالحقوق المهدورة والمسلوبة للموظفين”.
ويعرب أحد الموظفين المتعاقدين عن انزعاجه من خطاب الشيخ الخطيب ويقول:” هذا الخطاب لا يمثلني”، متسائلا “من سمح له بزجّي في هذا المحور أو ذاك، وأن يفرض عليّ خطابا فئويا متشنجا، ومن أعطاه الإذن بتسوّل المال من المغتربين او السفارات في خطبه وتصريحاته باسم المجلس، أو أن يقصد السفارة الإيرانية طالبا للمال ويعود خال الجعبة”؟
و يتابع “فليتجرأ الشيخ الخطيب ويستثمر في كل الأوقاف، أو يطالب بأموال المقامات الدينية في لبنان، التي يعود ريعها لأنشطة حزب الله وخزينته، ويعيد الجمعيات الدينية الى كنف هذه المؤسسة”!
من جهته يصف أحد المبعدين حديثا عن الدائرة الضيقة للخطيب ذهنيته، ب”الصعبة”، ويتشبث بآرائه، وأنه يصعب الحوار والتفاهم معه، وكان يشكو أمام العديد من الموظفين، من سوء المعاملة ومعاناته اليومية مع الخطيب، الذي يتصل به بعد منتصف الليل او عند الفجر، دون أي مراعاة للوقت ليستشيره في كل شاردة وواردة، مستغربا هكذا تصرف من رئيس طائفة “لا يفقه باللياقات”، على حد تعبيره.
لم تستبعد مصادر إقتصادية ل”جنوبية”، وضع مؤسسة المجلس “على لائحة العقوبات الأميركية وتصنيفه خليجيا كداعم للإرهاب
وفي هذا السياق يكشف عضو في الهيئة التنفيذية للمجلس لـ”جنوبية” انه فوجئ من خلال عدة إجتماعات، أن القرار في المجلس يعود للحزب فقط، ولا مكان للإعتراض إنما للإطلاع، وإذا أبدى احدهم رأيه، قد يسمع إنما لا يؤخذ به”.و في المقابل، لم تستبعد مصادر إقتصادية ل”جنوبية”، وضع مؤسسة المجلس “على لائحة العقوبات الأميركية وتصنيفه خليجيا كداعم للإرهاب، إذا إستمر على هذا النحو في خطابه وتصريحاته “غير المسؤولة” وإدارته”.
هذا الواقع، يدفع بأحد رجال الدين المقربين من المجلس ب”المحزن”، لافتاً “الى ضرورة إعادة الاعتبار على مستوى الأفكار والتجربة، لشخصية الإمام الصدر الاستثنائية في تاريخ لبنان والعالم”.وأذ يحذر مراقبون من انحدار المستوى الثقافي والفكري والسياسي للمجلس، يعربون عن إستغرابهم الشديد، كيف أن “مجلس أسسه عالم متعلم كموسى الصدر واثق الخطوات، ثاقب الرؤية، يتربع على عرشه اليوم، رجل لا يملك أدنى مقومات القيادة والسماحة، تتغلب عليه “الأنا” وتسيطر عليه الشكوك والظنون، يعبث بالمؤسسة وينكّل بموظفيها مستعينا بإدارة فاشلة؟..
ويسألون هل “أفلست الطائفة الشيعية وفقدت علماءها ومثقفيها وكفاءاتها، وأين حكماء الشيعة يعيدون الروح لهذه المؤسسة قبل أن تصبح جثة هامدة أو مجلس شورى لحزب الله بصفة رسمية”!