4 ملفات بحثها غوتيريس مع الرئاسات الثلاث.. أحلاها مرّ!

انطونيو غوتيريس

اربعة عناوين تلخّص مباحثات الامين العام للامم المتحدة انطونيو غوتيريش مع القيادات اللبنانية الرسمية، ثلاثة منها لا تفرح قلوبهم، والرابع يتظاهرون بسعادتهم لتحقيقه ظاهراً ويتوجّسون باطناً، بحسب “نداء الوطن”.

اما العناوين الثلاثة التي أثقلت العبء على القيادات الرسمية، من رئاسة الجمهورية الى رئاسة مجلس النواب وصولاً الى رئاسة مجلس الوزراء، فإن مصدراً متابعاً للمحادثات الاممية في لبنان اوضح لـ “نداء الوطن” ان “هذه العناوين تتلخص بملف النازحين والمساعدات العاجلة التي يحتاجها لبنان وترسيم الحدود البحرية الجنوبية وفق المندرجات التالية:

اقرا ايضاً: هذه الطرقات الجبلية المقطوعة اليوم

اولاً: في ملف النازحين السوريين، فإن الامين العام للمنظمة الدولية استمع الى ذات الطروحات اللبنانية التي تتلخص بالاعباء الكبيرة جداً التي يرزح تحت ثقلها لبنان جراء استضافته اكثر من مليون ونصف مليون نازح وانعكاس ذلك على الوضع الاقتصادي والمالي والمعيشي، وان هذا النزوح فاقم من التحديات الخطيرة التي يواجهها لبنان جراء الازمة الخطيرة التي يمر بها مالياً ونقدياً واقتصادياً والتي تنذر بتوترات اجتماعية، والحل بتقديم مساعدات عاجلة الى لبنان لمواجهة اعباء النزوح، ووضع خطة برعاية الامم المتحدة للعودة الآمنة للنازحين على ان تتم مساعدتهم في سوريا وليس في لبنان. واذ ابدى غوتيريش “تفهّمه” للمخاوف اللبنانية “مبدياً عميق شكره” لاستمرار لبنان باستضافة هذا العدد الكبير منهم، ومعرباً عن “قلقه” مما آلت اليه الاوضاع الاقتصادية في لبنان، فإنه شدّد على اهمية استمرار لبنان في استضافة النازحين ومنع تسرّبهم الى الدول الغربية، لانه لا نريد ازمة جديدة كتلك التي حصلت مع بيلاروسيا جراء عبور عشرات اللاجئين عبر حدودها الى اوروبا، وان مصير عودتهم مرتبط بالحل السياسي في سوريا.

ثانياً: طرحت القيادات الرسمية اللبنانية مسألة تقديم مساعدات مالية واغاثية عاجلة للبنان لمواجهة الانهيار الذي يصيب قطاعاته جراء انهيار النقد الوطني، فكان الجواب الاممي ان المساعدات مرتبطة حصراً بعدة امور ابرزها: نجاح التفاوض مع صندوق النقد الدولي على خطة التعافي، والالتزام بالاصلاحات الجوهرية المطلوبة، وانتظار الانتخابات النيابية التي يجب ان تجرى في مواعيدها، وعلى ضوء النتائج التي يفترض ان تنتج مساراً مختلفاً في قيادة البلاد تتحدد طرق المعالجة والمساعدة وشروطهما.

ثالثاً: طرح ملف المفاوضات غير المباشرة لترسيم الحدود البحرية الجنوبية برعاية الامم المتحدة ووساطة مسهلة من الولايات المتحدة الاميركية، اذ اجمعت القيادات الرسمية (اي الرئاسات الثلاث) على توق لبنان لانجاز هذا الملف والوصول الى اتفاق لان في ذلك بدءاً لمسار التنقيب عن النفط والغاز تمهيداً لبدء الاستثمار والاستخراج، فكانت النصيحة الاممية “المهذبة جداً”، سيأتي في الايام القادمة الوسيط الاميركي أموس هوكشتاين، وهو “حسب اطلاعي” يحمل طرحاً جيداً تجاوبوا معه لانه فرصة مهمة لانجاز ملف الترسيم، من دون ان يتم الافصاح عن مضمون الطرح الذي يبدو ان هوكشتاين اتفق بشأنه مع الجانب الاسرائيلي”. ويشير المصدر الى أن “العنوان الرابع الذي يفرح القيادات الرسمية ظاهراً ويغيظها ضمناً، هو ملف انشاء الصندوق الاممي للمساعدة المادية للجيش اللبناني، الذي سيكون باشراف مباشر من الامم المتحدة من دون المرور “بمصافي الدولة اللبنانية” لان الهدف ايصال مساعدة مباشرة الى الجيش والاجهزة الامنية، خشية ان تضيع اموال الصندوق في المغارات المتعددة، وامر هذا الصندوق سيبحث في كل تفاصيل مراحله التي صارت شبه منجزة في اللقاء الذي سيجمع غوتيريش مع قائد الجيش العماد جوزاف عون والضباط المولجين متابعته، والامين العام للامم المتحدة تعمّد في كل لقاءاته ان يشدد على دعم الجيش ومساعدته في مهامه الكبرى التي يضطلع بها”.

ويلفت المصدر الى ان “الرسالة الدولية عبر الامين العام للامم المتحدة واضحة جداً، وهي: ملف النازحين حلّه بالتوقيت الدولي، وبدء عملية الانقاذ تكون بالامتثال لخطة التعافي وفق اتفاق مع صندوق النقد الدولي والشرط اللازم اقرار الاصلاحات الجوهرية وليست الشكلية على ان يبنى على الشيء مقتضاه بعد الانتخابات النيابية وبالتالي مع العهد الجديد، ولا تفوتوا فرصة الاتفاق على ترسيم الحدود البحرية الجنوبية، ولن ندع الجيش يسقط لانه الضمانة وخشبة الخلاص”.

لبنان في دائرة الاهتمامات ولكن: من جهة أخرى، وعلى أهمية حضور المنظمة الدوليّة الأرفع في العالم، عبر أمينها العام في لبنان وما ينطوي على ذلك من دلالات أقلها التأكيد على ان لبنان ما زال مُدرجاً على خريطة الاهتمامات الدولية، الا انّها اصطدمت بجدار الإنسداد الداخلي السياسي والحكومي الذي يعطّل كل مسارات التفاهم الداخلي، ويعوق ايّ مسعى دولي داعم للبنان، ويرفض الاستجابة لدعوات المجتمع الدولي بوضع لبنان على سكة الإنقاذ.

وبحسب معلومات «الجمهورية» فإنّ الخلاصة التي يمكن الخروج بها من مروحة المحادثات الواسعة التي أجراها غوتيريس مع القيادات السياسية والروحية في بيروت، انّه «كان مستمعاً في الجانب الأكبر من هذه المحادثات، ولا يحمل في جعبته حلّا سحريّا للأزمة في لبنان، بل انّ جلّ ما نقله كان وَصفة تشخّص مرضاً شديد الخطورة علاجه بيد اللبنانيين».

وأفادت مصادر المعلومات بأنّه «كرّر امام مَن التقاهم مضمون رسالته التي استبق فيها زيارته الى لبنان، آملاً ان يتلقف القادة في لبنان الفرصة الجديدة التي تتيحها هذه الزيارة، بترجمة خطوات اصلاحية سريعة لا بد منها للخروج من الازمة. وأيّ تأخر في هذه الخطوات من شأنه أن يُفاقم الوضع الصعب في لبنان ويزيد من معاناة الشعب اللبناني، ولعلّ اولى الخطوات في هذا الاتجاه تتجلى في استئناف العمل الحكومي، والسماح للحكومة في القيام بمهامها وتنفيذ ما هو مُلقى عليها من مسؤوليات وواجبات على هذا الصعيد».

وأشارت الى أنّ في طيّات كلام غوتيريس خشية على الانتخابات النيابية، حيث شدّد أكثر من مرّة على إنجازها من دون اي مداخلات وبكل حيادية ونزاهة، وعدم وضع ايّ معوقات في طريق إتمامها في مواعيدها، مكرراً وصف هذا الاستحقاق بالمهم جداً بالنسبة الى لبنان، بوصفه الفرصة التي يعبر فيها الشعب اللبناني عن تطلعاته في الخروج من الازمة.

وفي هذا السياق، أبلغت مصادر الوفد المرافق لغوتيريس الى «الجمهورية» قولها: لقد عاينّا في لبنان وضعاً صعباً للغاية، ولمسنا معاناة قاسية للشعب اللبناني تبعث على الحزن، ولا تحتمل ان يتخلّف المسؤولون في لبنان أكثر عن مقاربتها بعلاجات فوريّة تخفّف من وطأتها، والتقارير تفيد بأرقام مخيفة لحجم الفقر الذي سببته الأزمة في لبنان. ولقد أكد الأمين العام انّ الحل لأزمة لبنان منطلقه لبناني، وعلى المسؤولين في لبنان أن يوفوا بالتزاماتهم ويتحمّلوا مسؤولياتهم ويتعاونوا فيما بينهم لإنقاذ بلدهم، والمجتمع الدولي يريد أن يرى مبادرات عاجلة في هذا الإتجاه، والّا فإن كل تأخير سيجعل الامور اقسى وربما ميؤوساً منها.

واشارت المصادر الى ان الامين العام كان شديد التأثر حينما شاهد حجم الدمار الذي خلّفه الانفجار في مرفأ بيروت، مبدياً التعاطف مع ذوي الضحايا، وقد اكد لكل المسؤولين الدعم الكامل للتحقيق توصّلاً لإظهار الحقيقة ومعاقبة الفاعلين، وضد اي مداخلات او مؤثرات تَحرف التحقيق عن مساره.

وردا على سؤال قالت المصادر: لبنان بلا شك في حاجة ماسة الى مساعدات دولية، وهي مرهونة بإصلاحات عاجلة تجريها الحكومة اللبنانية، وفي المحادثات مع المسؤولين اللبنانيين شددنا على ان تُزال كل العقبات من امام اجتماع الحكومة.

وردا على سؤال آخر قالت المصادر: المجتمع الدولي على تضامن تام مع الشعب اللبناني، ولا يريد ان يرى لبنان دولة فاشلة، والفرصة ما زالت قائمة في ان ينتقل المسؤولون في لبنان بالازمة في بلدهم الى حيّز الانفراج.

السابق
هذه الطرقات الجبلية المقطوعة اليوم
التالي
«الخليلان» زارا ميقاتي.. هل تمت الصفقة؟