سنة مرّت على رحيل الشاعرة والفنانة اللبنانية-السورية هدى النعماني (1930-2020)، عاشت عمرها الذي ناهز التسعين عاماً، على بركة الكلمة الطيبة والقصيدة العامرة أبداً. ودفنت في بيروت التي استقرت فيها منذ العام 1968.
ولادة النعماني كانت في العاصمة السورية، حيث درست الحقوق في «جامعة دمشق» واستكملتها في القاهرة. وفي العام 1968، عادت الشاعرة لتستقر في المدينة التي عشقتها، بيروت عاصمة الأمل ،كما كانت تسميها . بدأت الراحلة الكبيرة مسيرتها الشعرية الحافلة بكتابة القصيدة (المعلقة)، وكذلك امتهنت الفن التشكيلي.
إقرأ أيضاً: جديد دار الأمير .. قراءات نقدية في رواية شمس تقديم دلال عبّاس
سنوات قليلة على انطلاقتها وسرعان ما تحوّل منزلها الى ملتقى ثقافي، يحتضن كبار المثقفين والأدباء وكان للشعراء أدونيس ونزار قباني وأنسي الحاج وشوقي ابي شقرا حضور دائم في صالونها الأدبي وسواهم من الشعراء العرب والادباء. تميزت النعماني بالتصوّف، تميزت بلغتها وبمفرداتها الشعرية الخاصة، وسعت الى تطوير اللغة الصوفية الشعرية، مستعينة بقراءتها الشعرية الحديثة الأجنبية والعربية.
وفي الفترة الأخيرة راحت تعتمد على لغة الترميز الشعري النوراني الذي يضم مفاهيم صوفية عرفانية عميقة المعاني، كما رسخت في ديوانها «اذكر كنت نقطة كنت دائرة»، في مطلع الثمانينيات، تجربتها بشكل أكبر، وحظي هذا الديوان بترحيب من الشعراء والنقاد، خاصة لاستخدامها لغة عرفانية، وطرحها جدلية النقطة والدائرة شعرياً التي تظّهر الأبعاد العرفانية والميتافيزيقية.
للراحلة مؤلفات نثرية وشعرية وصوفية منها: بينها «أناملي..لم»، و«هدى أنا الحق»، و«الوجد والتواجد»، و«رؤيا على عرش»، و «الجائر عند باب الممتع». كما ترجمت دواوينها الى لغات اجنبية، كالفرنسية والانكليزية ،كذلك تحظى الشاعرة بتسجيل صوتي لقراءات شعرية في مكتبة «الكونغرس» الأميركية.
رحلت النعماني بعد أن تركت بصمة متفردة في عوالم الشعر والتصوف والتشكيل، وشكلت علامة فارقة في النتاج الشعري العربي.ولا ننساها ولا تنساه بيروت الثقافة والشعر ، بيروت الزمن الأدبي الثقافي العامر بكل أنواع الابداع.
نستذكر شاعرتنا اليوم في ذكرى رحيلها، وما أحوجنا وما أحوج المدينة لحضورها، لصالونها الثقافي الذي رسم لون الأمل في مساحة الوطن الصغير، الذي يقارع،اليوم، اليأس والألم.
وداعاً شاعرة الحق، التى كتبت”خاطبني قال.. أنا الحق”.