طبارة لـ«جنوبية»: المجتمع الدولي لن يسلم لبنان إلى إيران!

رياض طبارة
بالرغم من كل الانهيارات الداخلية التي يشعر بها المواطن اللبناني يوميا، إلا أن هيكلية الدولة اللبنانية لا تزال صالحة للرهان عليها، بحسب مفهوم المجتمع الدولي. و لذلك هم يعملون على قدم وساق كي لا يحصل الانهيار الكبير، أي إنفراط عقد المؤسسات الامنية وإستمرار عمل مجلس النواب و الحكومة المستقيلة، والمساعدة على تأليف الحكومة. أما تسليم البلد إلى جهة إقليمية واحدة كي تدير شؤونه، فهذا أمر مستبعد لإعتبارات عدة، والمطلوب هو بقاء لبنان حيا ولو على أجهزة التنفس الاصطناعي، و ليس مهما إذا وقف على قدميه مجددا أم لا.

في الوقت الذي ترتفع فيه أسهم التوقعات بولادة الحكومة قريبا، بعد الإتصالات التي تقودها فرنسا مع الجانب الايراني وبمباركة أميركية، للدفع نحو إزالة العقبات من إمام إبصارها النور، ثمة من يقول أن هذه المحاولة ستكون الأخيرة قبل أن يلجأ المعنيون بالملف اللبناني، إلى الإستثمار أكثر فأكثر، بالإنهيار الاقتصادي والمالي والاجتماعي، الحاصل لفرض خياراتهم، وربما يجد اللبنانيون أنفسهم أمام مشهد سياسي، شبيه بما حصل في بداية تسعينات القرن الماضي، حين تسلم النظام السوري، مهمة إدارة الملف اللبناني بعد إتفاق الطائف، لأن المجتمع الدولي تعب يومها، من محاولاته في إعادة الانتظام إلى الحياة السياسية اللبنانية.

قد يكون ما يعيشه اللبنانيون اليوم، على المستوى الاقتصادي والمعيشي أسوأ بكثير مما عاشوه في عزّ الحرب الاهلية، لكن الظروف الداخلية والخارجية التي تعيشها بلاد الارز، تمنع المجتمع الدولي من تسليم إدارة الملف اللبناني إلى جهة إقليمية محددة، لإعتبارات وتفسيرات متعددة، أولها أن هيكل الدولة اللبنانية لم ينهار تماما بعد على رؤوس اللبنانيين والدليل هو قيام مؤسسة الجيش بمهامها ( بالرغم من كل الصعوبات) وعدم إنفراط عقد مجلس النواب، وإستمرار عمل السلطة التنفيذية بشكل أو بأخر (حكومة تصريف الاعمال وإجتماعات مجلس الاعلى للدفاع )، ما يعني أن الجهد الدولي سينصب على إبقاء الوضع اللبناني تحت السيطرة، وإستمرار عمل هذه المؤسسات بوتيرة أفضل ولو قليلا تحت مسمى تشكيل حكومة إنقاذ.

لم يصل المجتمع الدولي إلى مرحلة اليأس من إمكانية تأمين الحد الأدنى من هيكلية الدولة اللبنانية

والسؤال الذي يطرح هنا ماذا بعد هذا المخاض العسير الذي يمر فيه لبنان، والمنطقة وإلى ماذا ستؤدي الاستثمارات الحاصلة في الوضع اللبناني؟

يجيب سفير لبنان السابق في واشنطن رياض طبارة “جنوبية”على هذا السؤال بالقول :”صحيح أن هناك إهتماما دوليا لإبقاء لبنان على قيد الحياة، لكننا لسنا في مرحلة تسليم لبنان إلى جهة إقليمية واحدة كي تدير شؤونه، على غرار ما حصل في تسعينات القرن الماضي وتم تسليم إدارة لبنان السياسية إلى سوريا”، مشددا على أن “المعطيات اليوم مختلفة، ولم يصل المجتمع الدولي إلى مرحلة اليأس، من إمكانية تأمين الحد الأدنى من هيكلية الدولة اللبنانية، والدليل هو الجهد الفرنسي المبذول مع إيران، ( بمباركة) أميركية للحث على تأليف حكومة تؤمن إستمرار هذا الهيكل، ولو كان يعاني  من الكثير من التصدعات”.

الجهد الفرنسي المبذول مع إيران للحث على تأليف حكومة هو بمباركة أميركية

يجزم طبارة أن “المجتمع الدولي لن يسلم لبنان إلى إيران، لأن إسرائيل لن تقبل بهذا الامر، ولأن الايرانيين لن يتفاوضوا مع إسرائيل على غرار ما حصل في تسعينات القرن الماضي بين سوريا وإسرائيل، بالاضافة إلى تطبيق  شروط لوجستية على أرض لبنان وهذا ما لن يقبل به لا إيران و لا حزب الله”، مشددا على أننا “في مرحلة الجهد المبذول من قبل المجتمع الدولي، لتدارك إنهيار لبنان، ولذلك نجد أن الادارة الاميركية تجاوزت عقوبات قانون قيصر، وسمحت بالمفاوضات  بين لبنان سوريا والاردن ومصر لإستجرار الطاقة الكهربائية”، ويرى أن “إيران لا تريد إنهيار لبنان، لأن ذلك سيؤثر على سلاحها المتواجد بيد حزب الله،  ولا تريد إستعماله في حرب أهلية، أما الدول الغربية ولا سيما الولايات المتحدة، فهي تريد الخروج من المنطقة ولا تريد أن تنجر إسرائيل إلى حرب، في حال إنهار لبنان كليا لأن ذلك قد يجرها إلى التدخل العسكري أيضا”.

يضيف:”كي لا ينهار لبنان هم مستعدون لدعمه ماديا، لكنهم يريدون إدارة رشيدة لإستخدام هذه الاموال في مكانها، و ليس سرقتها من قبل الطبقة الحاكمة كما حصل سابقا”، مذكرا أنه “بالنسبة للدول الغربية لم يحصل الانهيار الكامل في لبنان، والدليل قدرتهم على التأثير على مفاصل الدولة (الجيش – مصرف لبنان – مجلس النواب – المخيمات الفلسطينية- النزوح السوري)، وهذا الامر فقدوه خلال الحرب الاهلية وحاولوا السيطرة على مفاصل الدولة، من خلال إسرائيل في العام1982 من خلال إسرائيل، وفشلوا ثم حاولوا من خلال فرنسا وإيطاليا و فشلوا أيضا”.

إيران لا تريد إنهيار لبنان لأن ذلك سيؤثر على سلاحها المتواجد بيد حزب الله

ويلفت إلى أن “المجتمع الدولي حينها، لم يجد خيارا إلا تسليم لبنان لسوريا بالاتفاق مع إسرائيل، حول الحيز الجغرافي لإنتشار القوات السورية، وخريطة تحركهم وعديدهم وأسلحتهم، أي ان هذا التسليم حصل من بعد ما إستنزف المجتمع الدولي، كل الطرق لإبقاء هيكلية الدولة اللبنانية وعندما إنتهى دور السوريين في لبنان أصدروا القرار 1559”.

يوضح طبارة أن “الفرنسيين حاليا يقومون بالدور الرئيسي، للتفاوض بين الافرقاء المعنيين بالملف اللبناني، لإزالة العقبات أمام تأليف حكومة وإستجرار الكهرباء، ومن المنتظر ان يكون تأليف حكومة، تتمتع بالحد الادنى من المصداقية، كي يتأكدوا أن المساعدات لن يتم نهبها”.

المرحلة المقبلة هي مساعدات إنسانية وبنى تحتية وليس لإستعادة دور لبنان المزدهر 

ويختم:”لن يكون الإهتمام الدولي هو بإعادة إنتعاش لبنان، بل أن لا يتم الانهيار والخروج عن السيطرة، بحسب مفهوم المجتمع الدولي، والمرحلة المقبلة هي مساعدات إنسانية وبنى تحتية وليس لإستعادة دور لبنان  المزدهر”. 

السابق
«إذا ما جد شي».. عزيز يُعلِن موعد الولادة الحكومية!
التالي
بعد رفع الدعم.. اليكم تسعيرة السيرفيس!