يشوعي لـ«جنوبية»: المصارف تتحايل على المودعين والمغتربين لتمويل الـ٢٢٥ مليون دولار

ايلي يشوعي خبير اقتصادي
لم يتعلم المسؤولون السياسيون و المصرفيون من الدروس القاسية التي مرت على الشعب اللبناني على مدى سنتين ، بل على العكس يعيثون فسادا وقرارات عشوائية، و آخرها وضع سعر جديد لصرف الدولار على منصة صيرفة (بسعر 19 ألف ليرة) لتأمين دعم المحروقات على سعر 8000 ليرة، فإلى أين سيوصل هكذا قرار؟

مهمة جديدة أضيفت إلى منصة صيرفة، التي تمّ إطلاقها بناءا على التعميم 157، لتأمين الدولار للتجار لشراء البضائع على سعر 12 ألف ليرة، قبل رفع الدعم نهائيا عن المواد الغذائية، هذه المهمة تتمثل بتأمين الدولار على سعر 19 ألف ليرة للتحويلات التي تصل من الخارج عبر شركات تحويل الاموال، إذ يقبض متلقي هذه التحويلات نصف المبلغ بالعملة الصعبة، والنصف الاخر بالليرة اللبنانية على سعر دولار 19 ألف ليرة، من أجل تامين مبلغ 225 مليون دولار تعهدت الحكومة بتأمينها، لسداد فارق دعم المحروقات على دولار 8000 ليرة لبنانية.

إذا الدور الجديد للمنصة ( بعد موافقة المجلس المركزي في مصرف لبنان)، هو بيع 50 بالمئة من التحويلات التي تأتي من الخارج، عبر شركات التحويل لـتأمين أموال الدعم، ما يدفع للسؤال عما إذا كان هذا الامر بجوز قانونيا وما هي مفاعيله المصرفية؟ 

يجيب الخبير المالي والاقتصادي الدكتور إيلي يشوعي “جنوبية” على هذا السؤال بالقول:”صرف العملات ليست مسألة إتخاذ قرار، والكلام عن منصة صيرفة أو تحت أي إسم آخر، يعني عمليا إتخاذ قرار مركزي لمسألة خارجة عن هذا الاطار تماما”، معتبرا أن  “تحديد سعر صرف الدولار يجب أن يكون خارج عن سيطرة ومراقبة المركزي، وضمن  إطارها الطبيعي أي العرض و الطلب”.

يضيف:”تم  تثبيت سعر الصرف  قبل نحو 25 عاما، وقد ساعدتنا  الظروف الدولية والاقليمية، على تأمين مصادر خارجية من الدولارات، كي تغطي أخطاء الداخل في السياسة النقدية و المالية و الانتاجية والاستثمارية”، مشددا على أن “هذه المصادر الخارجية، لا يمكن التعويل عليها بشكل دائم، لأنها ظرفية وتتأثر بعوامل خارجية وداخلية، مثلا إرتفاع سعر برميل النفط، أدى إلى فورة إقتصادية في دول الخليج، وزيادة الودائع المغتربين في المصارف اللبنانية( 12 مليار دولار)، كما أن الازمة المالية العالمية، جذبت رؤوس أموال عربية و لبنانية جديدة إلى المصارف، بالاضافة إلى الاحداث في العراق و سوريا حيث أودع العديد من المتمولين السوريين والعراقيين بأموالهم إلى لبنان”.

يتابع:” إذا لعبت بعض الاحداث الاقليمية دورا لصالح لبنان، فإن العنصر الاساس لرفد لبنان بالعملة الأجنبية، هي الصادرات وبناء قطاعات منتجة متنوعة و متطورة، وهذا الأمر يفترض سياسة تسليفية سهلة، وكلفة إقتراض شديدة الاعتدال، و العمل على إستقرار نقدي وليس تثبيت نقد”، مشيرا إلى أن ذلك “يعني إحياء سوق الصرف، الذي ألغاه حاكم مصرف لبنان كما ألغى أيضا سوق النقد ( مهمته تحديد نسبة الفوائد مركزيا)، وكل هذه الاخطاء كانت تمحى، بواسطة تلك المصادر الشديدة التأثر بالعوامل الاقليمية والدولية وحتى الداخلية “. 

سعر الصرف لا يمكن ولايجوز أن يكون نتيجة قرار مركزي، بل يجب أن يكون ناتج عن تفاعل حر لعرض وطلب

يلفت يشوعي إلى أنه “لم يحصل أي إنجاز على صعيد بناء قطاعات منتجة، أو على صعيد العوامل الخارجية، فكانت النتيجة الانهيار الذي نعيشه، لأن سعر الصرف ليس قرارا،  بل هو تفاعل في قوتين هي قوة العرض والطلب و هما محكومتان بعامل الثقة والحاجة”، مشددا على أن “الناظم لعمل هذه الاسواق، والمراقب المتدخل الوحيد، والضابط لإيقاع تقلبات سعر الصرف هو المصرف المركزي، لكن مع كل ما حصل في لبنان، ومع نهب أموال اللبنانيين بشكل مقونن ومنظم و مغطى سياسيا، وأصبح أضعف مضارب في سوق الصرف الحقيقية هو أقوى من المصرف المركزي”.

آخر ممارسة مصرفية هو أن تحويلات المغتربين إلى أقربائهم سيتم منح نصفها بالليرة اللبنانية على سعر 19 ألف ليرة

ويوضح أن “كل ما تقدم، هو لنفهم أن سعر الصرف لا يمكن ولايجوز أن يكون نتيجة قرار مركزي، بل يجب أن يكون ناتج عن تفاعل حر لعرض وطلب، بحسب الحاجات والتوقعات للمتعاملين، إن كان بسوق النقد أو سوق القطع”، مشددا على أن “كل كلام على منصة هو كلام ساقط  ولا قيمة له، و يدل على ان صاحبه لم يتعلم شيئا من فشله الذريع، في سياسة نقدية بنيت على قرار مركزي بخصوص سعر صرف ثابت لليرة اللبنانية تجاه الدولار، و في ما يتعلق بالارقام العالية و غير المبررة للفوائد كوسيلة لتحقيق هذا الهدف”.

ويرى أن “لبنان هو بلد منهوب بشكل صادم، وآخر ممارسة مصرفية هو أن تحويلات المغتربين إلى أقربائهم، سيتم منح نصفها بالليرة اللبنانية على سعر 19 ألف ليرة”، معتبرا أن “الاهم في هذا الموضوع أن المصارف اللبنانية تخالف الاعراف والقوانين،  والهدف منها تذويب دولارات المودعين في المصارف،  علما أنه قانونا يلتزم بدفعها بكامل قيمتها و بعملة إيداعها،  ولو بعد 100 عام ( إلا إذا تمت تصفية المصرف)”.

و يختم:”المصارف تريد دفع المودع لسحب وديعته على سعر 3900 ليرة، وحتى في سوق “اللولار فإن المصرف يشتري الودائع بربع قيمتها”.

السابق
بعد البعريني.. اشتباكات «عكار-فنيدق» تحصد ضحية جديدة!
التالي
كورونا لبنان.. ما مستجدات الاصابات والوفيات؟