الطريق إلى جهنم مُعبدة بـ«فرعون حزب الله»!

باسيل حزب الله عون
لعل من سخرية القدر أن تكون الطريق إلى "جهنم" التي نعيشها اليوم، قد بدأت بعد " إنتصار " 2006 الذي وُصف بـ"الإلهي" بمواجهة العدو الصهيوني.

يوم “إنتصار تموز 2006” سأل وليد جنبلاط لمن سيهدي حزب الله هذا الإنتصار ، وكان الجواب بالإستقالة من حكومة فؤاد السنيورة التي تحولت بسحر ساحر من حكومة “مقاومة سياسية” إلى “حكومة فيلتمان” – السفير الأميركي في بيروت يومها – على خلفية الخلاف على المحكمة الدولية الخاصة بلبنان، ونزل أنصار الثنائي الشيعي والحلفاء وعلى رأسهم التيار الوطني الحر، شريك حزب الله في “إتفاق مار مخايل”، الذي كان قد أعلن عنه قبل عدة أشهر، في محاولة منهم لتوظيف “الإنتصار الإلهي” داخليا عبر إسقاط الحكومة، الأمر الذي لم ينجح يومها بسبب الظروف الإقليمية والدولية التي كانت داعمة لها، فضلاً عن إلتفاف الشارع السني وجماهير 14 آذار حولها، ما دفع بهم إلى الإعتصام في وسط البلد وإغلاقه لأكثر من سنة ونصف السنة، ولم ينتهِ الأمر إلا بأحداث 7 أيار 2008 التي أدت إلى إتفاق الدوحة، الذي فتح أبواب التعطيل على مصراعيها، بسبب من الهرطقات التي أدخلها على الحياة السياسية اللبنانية، وأغربها كان “الثلث المعطل” الذي لم نكن نسمع عنه من قبل، بالرغم من أنه نص دستوري يوضح طريقة إستقالة الحكومة، لأنه يفترض أن دخول الحكومة لم يكن يوما بهدف التعطيل، وكانت هذه بداية الطريق إلى جهنم، وكانت حكومة فؤاد السنيورة بحق هي آخر الحكومات “الطبيعية” في لبنان .

إقرأ أيضاً: حارث سليمان يكتب لـ«جنوبية»: «لبنان الأخضر» يتحول الى ثُقبٍ أسود!

في أول حكومة بعد إتفاق الدوحة وكانت برئاسة فؤاد السنيورة أيضاً – الذي كان قد تعرض لكل أنواع التخوين والإساءات السياسية والشخصية – حصل تحالف 8 آذار ومن ضمنه التيار الوطني الحر، الذي كان يسجل أول دخول له إلى السلطة التنفيذية، على الثلث المعطل على أن يكون لمرة واحدة حسب إتفاق الدوحة، لحين إجراء الإنتخابات النيابية وإعادة تكوين السلطة، ولا ننسى يومها تصريح أمين عام حزب الله السيد حسن نصرالله، بأن من يربح إنتخابات 2009 فليحكم و ” صحتين ع قلبو “، وهو الكلام الذي لم يتم الإلتزام به بعد فوز تحالف 14 آذار، وبات الحديث عن شرعية برلمانية يمتلكها تحالف 14 آذار، وشرعية شعبية يمتلكها تحالف 8 آذار، وهكذا رجعت حليمة لعادتها القديمة في التعطيل. كما كانت حكومة فؤاد السنيورة بعد إتفاق الدوحة كذلك، باكورة تسلم تحالف 8 آذار لوزارة الطاقة، التي تسلمها الوزير آلان طابوريان من حزب الطاشناق، الذي كان ضمن تكتل التغيير والإصلاح بقيادة النائب يومها ميشال عون، وهي الوزارة التي بقيت حتى اليوم بيد التيار الوطني الحر، والتي مثَّل الهدر وتكاليف التشغيل فيها جراء سوء الإدارة، والذي قدر بحوالي 45 مليار دولار ، مثَّل نصف الطريق إلى “جهنم” التي نحن نعيش في جحيمها اليوم.

بعد إنتخابات 2009 شكَّل سعد الحريري حكومته الأولى بعد خمسة أشهر ومن يومها بات تشكيل الحكومات بلبنان أشبه بمعجزة

بعد إنتخابات 2009 التي لم يتم الإلتزام بنتائجها عملياً، شكَّل سعد الحريري حكومته الأولى بعد خمسة أشهر – ومن يومها بات تشكيل الحكومات بلبنان أشبه بمعجزة – تخللها إعتذار فإعادة تكليف بسبب الخلاف على توزير جبران باسيل، الراسب يومها في الإنتخابات النيابية، وهو الأمر الذي كان النائب ميشال عون يصر عليه قبلها، ولكن عندما وصل الأمر لصهره وخليفته إنقلب وأعلنها صراحة “كرمال عيون الصهر عمرا ما تكون حكومة”، مدعوما طبعا بحلفائه في “الثنائي الشيعي” وبالأخص حزب الله، ومن يومها بات باسيل “فتى المقاومة الأغر” والطفل المدلل لحزب الله ، فكان أن رضخ الحريري وتسلم جبران باسيل وزارة الطاقة بنفسه هذه المرة وليس من وراء حجاب، كما رضخ الحريري للثلث المعطل المقنَّع، عبر بدعة الوزير الملك الذي لم يكن في الحقيقة إلا قنبلة موقوتة داخل الحكومة، ما لبثت أن إنفجرت بسعد الحريري بداية عام 2011 إبان إجتماعه في البيت الأبيض مع الرئيس الأميركي يومها باراك أوباما، فكان أن سقطت حكومة سعد الحريري ب ” إنقلاب ” أبيض هذه المرة، كما سقطت حكومة السنيورة الأولى بإنقلاب 7 أيار 2008 الأسود.

من ينسى يومها حديث ميشال عون بكل زهو عن ال “one way ticket” التي قطعها فريقه السياسي بقيادة حزب الله لسعد الحريري

ومن ينسى يومها حديث ميشال عون بكل زهو عن ال “one way ticket” التي قطعها فريقه السياسي بقيادة حزب الله لسعد الحريري، وكان يومها ميشال عون كما يقول المثل الشعبي ك “القرعة التي تتباهى بشعر بنت خالتها”، بحيث كان الكلام له والفعل هو لحزب الله، الذي فرض على اللبنانيين بعدها حكومة نجيب ميقاتي، وكانت حكومة اللون الواحد، وهو فريق 8 آذار مع وليد جنبلاط الذي كان قد أعاد تمركزه السياسي، وساهمت “القمصان السود” يومها ب “إقناعه” بدخولها، وكانت الأزمة السورية قد بدأت ترخي بظلالها على لبنان والمنطقة، وكان لبنان في هذه الأثناء وفي ظل هذه التطورات والإنقلابات الداخلية، التي أسقطته في قبضة حزب الله وفريق 8 آذار، كان قد بدأ يفقد مقوماته كدولة طبيعية مستقرة، خاصة مع إنخراط حزب الله في الحرب السورية، وما جره هذا التدخل من أعباء سياسية وإقتصادية وأمنية عليه، وبدأ النمو الإقتصادي بالتراجع وبات بلدا معطلا بدون إنتاج، مع ممارسة سياسات شعبوية عشوائية دون أدنى دراسة أو تخطيط، كمثل سلسلة الرتب والرواتب وغيرها من الأمور التي فاقمت الأوضاع المالية.

وبدأت تغطية السموات بالقبوات كما يقال، عبر ما سمي هندسات مالية يقوم بها مصرف لبنان مع المصارف التي كانت بمثابة سياسة “لحس المبرد”، ولم يكن ينقص هذه الأوضاع لتزيد الطين بلة، إلا الحرب في اليمن التي قادها بدايةً تحالف عربي – إسلامي ضد الإنقلاب الحوثي هناك، المدعوم إيرانياً قبل أن تتحول حرباً سعودية – حوثية على خلفية الصراع السعودي – الإيراني، ليجد لبنان نفسه عبر حزب الله منخرطا في هذا الصراع، الذي لا ناقة له فيه ولا جمل، على الرغم مما يسمى سياسة النأي بالنفس التي إلتزمت بها لفظياً فقط الحكومات اللبنانية المتعاقبة، الأمر الذي جر على لبنان عداوات كان بغنى عنها، ما زال يعاني منها حتى اليوم، وكانت في صميم معاناته وسبب من أسباب وصوله إلى “جهنم”، التي لم يعد المسؤولون عنا يخجلون في الحديث عنها، وأولهم رئيس الجمهورية ميشال عون الذي كان أول من بشرنا بها، وهو الذي فرضه حزب الله رئيساً على اللبنانيين بعد تعطيل إنتخابات الرئاسة على مدى عامين ونصف العام، تخللها محاولات طرح مرشح تسوية من قبل سعد الحريري، وهو أحد أقطاب 8 آذار أيضاً هو الوزير السابق سليمان فرنجية، ومع ذلك لم يرض حزب الله عن ميشال عون بديلا.

فرعون اليوم هو جبران باسيل ومن “فرعنه” هو بكل صراحة حزب الله

اليوم والوضع على ما هو عليه، لا يمكن للثنائي الشيعي وبالأخص حزب الله، أن يتنصل من مسؤوليته عن هذا الوضع، إن لم يكن المسؤول الأول، ولنقلها بصراحة أنه ومنذ العام 2008 على الأقل، كما أسلفنا، لا تتحرك شعرة في لبنان دون معرفة وتغطية حزب الله وهذا ليس سراً بل هو واقع، وما الشراسة التي واجه بها أنصار الثنائي شباب ثورة 17 تشرين، التي ما قامت إلا لطلب الإصلاح في وطنها، إلا دليل على ما نقول ونعتقد، بأن هذا الثنائي هو حامي هذا النظام وقبضته الحديدية في وجه الإصلاح ورفع الحرمان، وهي الشعارات التي قامت على أساسها أحزاب هذا الثنائي وتاريخهم، كفى مكابرة، ها هو البلد بلا حكومة منذ حوالي 300 يوم، والخدمات معدومة ولا لزوم لتكرار الحديث عن نقص الحاجيات الأساسية، ومع ذلك تشكيل الحكومة معطل لنفس الأسباب التي أوصلتنا إلى هذا الوضع منذ العام 2008، الثلث المعطل وجبران باسيل بطريقة تذكرنا بالقول المأثور “يا فرعون مين فرعنك”، وفرعون اليوم هو جبران باسيل ومن “فرعنه” هو بكل صراحة حزب الله. “فرعون” هذا بدأ منذ فترة بإطلاق بعض مساعديه للحديث بصفة “شخصية” عن سلاح حزب الله، وما يتحمله التيار من “تضحيات” في سبيل تغطية هذا السلاح.

وأمس بالذات في حديث لجريدة “النهار” يحاول هو نفسه التذاكي وإيصال الرسالة، في محاولة إبتزاز للمساومة على الموقف من تشكيل الحكومة برئاسة سعد الحريري، ولمحاولة أخذ وعد من حزب الله بتأييده للرئاسة كما ميشال عون من قبل، وهي رسائل لن يعيرها الحزب أي إهتمام، إن كان فعلا يريد تشكيل الحكومة وإخراج البلد مما هو فيه، وإلا سيكون كما دائما في صورة من لا يريد الحكومة فعلا، إلا على توقيت فيينا كما يقول البعض ويروج، لأن من عطل مسار الثورة وكبح حركتها، لن يعجز عن كبح جماح وجموح جبران باسيل رأفة بالبلد والناس، ناسه وبيئته على الأقل. فهل يفعلها حزب الله؟

السابق
بعد جدل كبير.. بسام كوسا ينفي حصوله على الجنسية الإماراتية
التالي
نوال الزغبي تفكر بدخول مجال التمثيل وتعلن انتهاء عصر الألبوم