بعد التحرك الشعبي الذي حصل امس الثلاثاء والذي استمر الى اليوم متمثلاً بقطع عدد من الطرقات تنديداً بالارتفاع القياسي بسعر صرف الدولار، لفتت منظمة العمل الشيوعي الى انه “لم يكن مفاجئاً نزول الناس إلى الشوارع في مختلف المناطق اللبنانية، فالمقدمات التي سبق وتراكمت على مدى الأشهر الماضية كانت تنذر بهذه العاصفة من التحركات، التي لم تترك طريقاً الا وقطعته، وشارعاً الا وشلت الحركة فيه”.
وتابعت المنظمة في بيان صادر اليوم الاربعاء: “اندرجت هذه المقدمات تحت العناوين التالية:
– أزمة سياسية عاصفة تعبر عن نفسها بالعجز عن اجتراح تسوية لتشكيل الحكومة المعلقة بدلاً عن تبادل تهم التعطيل باسم الصلاحيات منذ حوالي خمسة أشهر دون أي أفق بإيجاد حل لها. وما يضاعف من دلالات الأزمة، الطروحات التي تدفع باتجاه الحياد والتدويل في مقابل تصعيد الارتهان للمحاور المتصارعة وتزخيم الانقسام الطائفي والمذهبي والتلويح باشعال نيران الحرب الأهلية.
– حكومة تصريف أعمال لا تصرّف من الأعمال شيئاً، ولا تقوم بالحد الأدنى من واجباتها وفق مسؤولياتها الدستورية في إدارة شؤون البلاد المتروكة على غارب غياب القرار عن إتخاذ أية تدابير أو اجراءات لمواجهة مضاعفات الانهيار التام ووسط حالة الفوضى الشاملة.
– ارتفاع متصاعد في سعر صرف الدولار وبلوغه العشرة الآف ليرة ما أطاح بالبقية الباقية من قيمة الأجور والمداخيل الشرائية التي انهارت إلى مستويات قياسية وباتت الأدنى عالمياً، وسط انفلات الأسعار واحتكار مختلف السلع بما فيها المدعومة والمفقودة من الأسواق جراء استمرار التهريب. أما واقع الفقر فإلى مزيد من الاتساع وسط عجز أكثر من 60 % من الأسر عن تدبير طعامها وحليب أطفالها.
– أزمة حادة تهدد بانهيار تام للقطاع الصحي نتيجة دولرة المستلزمات الطبية وصعوبة تأمينها والحصول عليها، جراء عدم صرف المبالغ المطلوبة من قبل المصرف المركزي، ما يدفع بعضها إلى رفع تكاليف الاستشفاء، أو التوقف عن تقديم خدمات لمرضى تتوقف حياتهم بالحصول عليها.
– تفشِ حاد في وباء الكورونا، وفضائح بالجملة على آلية توزيع اللقاحات، وتقديم ما يصل منها بالقطارة إلى غير مستحقيها من مرجعيات أهل السلطة من رؤساء ونواب ووزراء وملاحقهم “مكافأة” لهم. أما الاستعراض الاعلامي فهو لتضليل المواطنين المستحقين الذين لا يعلمون متى يصل دورهم.
– انهيار في الكهرباء العامة وترك المواطنين فريسة لأصحاب المولدات الذين يستغلون حال الفوضى، والانقطاع المتكرر لرفع أسعار الكيلوات بدعم ورعاية من الوزارة المعنية. وما يصح على الكهرباء يصح على مختلف الخدمات والحاجات الأساسية بما فيها ارتفاع أسعار الخبز والمحروقات وفقدان الدواء من الصيدليات”.
وتابع البيان: “لأن المواطن يدرك جيداً تفاصيل واسباب قهره ومعاناته، يمكن القول إن الصرخة المدويِّة والمستمرة التي يرفعها المواطنون لم ولن تصل إلى آذان المسؤولين الصماء. ما يتطلب من الجميع الإفادة من تجربة الانتفاضة في تشرين الاول من عام 2019 والتخلي عن الفئويات وإعادة تأطير العلاقات بين مكوناتها المناضلة، وصياغة برنامج سياسي ونقابي ومطلبي موحد يقوم على الإلحاح بتشكيل حكومة اختصاصيين مستقلة عن رموز الفساد بأسرع وقت ممكن، وضمان استقلالية القضاء ووضع خطة اصلاح اقتصادي عاجلة لإنقاذ ما يمكن إنقاذه من رمق في الاقتصاد الوطني وقطاعاته المتعددة، وفتح أبواب النقاش مع الدائنين وصندوق النقد الدولي والدول الصديقة من أجل جدولة المساعدات الملحة والديون المتوجبة، وضمان إعادة الاعتبار للنقد الوطني، وإقرار البطاقة التموينية بديلاً للدعم الذي يذهب في معظمه إلى جيوب التجار والمهربين ومَنْ وراءهم من الممسكين بمقاليد زمام السلطة الفعلية في البلاد، الذين ينحصر همهم في نهب ما تبقى من مقدراتها ولفلفة فضائحهم بما فيها جريمة تفجير المرفأ وكل ما يتصل بالفساد”.
ولفت الى ان “ما تؤكد عليه الانتفاضة المتجددة للبنانيين من عموم المناطق والمنابت الاجتماعية هو أن البلد بات مفتوحاً على انفجارات سياسية ـ اجتماعية خطيرة لا تبقي ولا تذر، ما يتطلب أن يمسك المتضررون قضيتهم بأيديهم ويبادروا إلى تنظيم صفوفهم وبرمجة طروحاتهم وتأطير تحركاتهم. وذلك قبل أن نصل جميعاً إلى موضع يصعب فيه إنقاذ ما تبقى من مقومات وركائز الكيان ووحدة الشعب والسلم الاهلي ومؤسسات الدولة وأجهزتها، التي أهدرتها وهمشتها هذه الطبقة السياسية المافياوية الفاسدة والمدمرة على مذبح المحاصصة الطائفية. وذلك من أجل قطع الطريق على أطراف السلطة التي تستسهل ممارسة العنف وقمع الحريات والزج بالمحتجين في السجون. وذلك بالتزامن مع استغلال تحركات المواطنين المتضررين الاحتجاجية والمشروعة، لتوظيفها في صراعاتها ولتغطية سياساتها وممارساتها الميليشياوية والتضليل حول مسؤولياتها عن أحوال البلاد والعباد، إضافة إلى اختراق التحركات لحرفها عن غاياتها عبر ممارسات مشبوهة، يسهل معها تحميل المتضررين المسؤولية عما هم فيه من مآسٍ وكوارث اجتماعية”.