
وصدرت هذه الوصايا عن الجامعة اليسوعية في لبنان في اربع لغات العربية والفرنسية و الانكليزية والاسبانية، كما تمت ترجمتها الى اللغة الايطالية في اطار ابحاث جامعية، وايضاً تم توزيعها مرتين مع جريدة “السفير” في اطار كتاب الشهر، حيث كانت المرة الاولى عام ٢٠٠٦ في اعقاب الحرب مباشرة والمرة الثانية عام ٢٠١٥.
التسجيل يعكس وهناً في صوت الامام وثقلًا في التنفس خاصة في اول تسجيل (وفي مقاطع اخرى ايضاً لأنه سجل وصاياه بصوته خلال عدة ايام وليالٍ)، وذلك عائد الى مرضه الشديد وخضوعه لعلاج كيماوي كان شديد الوطأة عليه، لكنه كان يتماسك رغم اوجاعه ويقوم بتسجيل هذه الوصايا بعزيمة عظيمة، لإدراكه ببصيرته المخاطر التي قد يتعرض لها لبنان، واللبنانيون الشيعة فيه خاصة وفي العالم العربي عموماً، من سلوكيات واحتمال انجرافات خاطئة وخطرة، ربما في القرارات والمسارات السياسية التي قد تتخذها الجهات المعتَبرة فيهم، او تلك التي قد يُساقون فيها.
بُعد نظر للامام شمس الدين
و تأتي أهمية هذه التسجيلات الصوتية للإمام شمس الدين بعد 20 عاما، لتوكيد الأصل ودحض ما تردد من بعض المغرضين ان الوصايا موضوعة بعد وفاة الإمام من اجل التشويش ومحاولة الانكار، كما انها تكشف بُعد نظر الإمام، الذي استشرف ما سوف يلمّ بلبنان والعالم العربي من نزاعات وحروب طائفية، بفعل المشاريع السياسية الخاصة لكلّ فئة، فيظهر بذلك ان وصاياه تصلح لبرنامج فكري وسياسي واجتماعي للشيعة العرب في البلدان العربية خاصة، ولجميع المسلمين عامة.
تسجيلان يفصل بينهما ثلاثة أيام
التسجيل الأول يبدأ به الامام الراحل على النحو التالي: بسم الله الرحمن الرحيم والحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا ونبينا محمد واله الطيبين الطاهرين.
الامام شمس الدين حذر في وصاياه من خطورة المشاريع الشيعة الخاصة وسيكون تأثيرها سلبياً عليهم لكونهم اقلية في المنطقة!
أبدأ في هذه الليلة الساعة الرابعة وعشر دقائق من سحر ليلة الاثنين الخامس والعشرين من شهر كانون الأول لسنة 2000 ميلادية وهو سحر ليلة الإثنين في التاسع والعشرين من شهر رمضان المبارك لسنة 1421 هجرية، وانا في باريس في منزل الأخ المحسن النبيل محمد مهدي التاجر اتلقى العلاج من داء السرطان.
واسأل الله ان يجعله نافعاً وشافياً أبدأ بإملاء هذه الوصايا السياسية والإجتماعية والثقافية والعلمية لعل الله يجعل فيها نفعا للناس، للناس عامة للمسلمين وخاصة ولخصوص اتباع اهل البيت بوجه خاص.
ثم يشرح الامام الراحل موقع الشيعة ووظيفة التشيّع وفي لبنان وغيره من الأوطان، ووجوب عدم تشكيلهم لمشاريع خاصة حتى لو كان غايتها رفع الظلم، لأن نشاطهم يجب ان يظلّ وطنيا وليس خاصا أي (طائفيا) لانه سيرتد عليهم سلبا بوصفهم أقلية في المنطقة.
التسجيل الثاني
أما النص الشفوي للتسجيل الثاني بعد ثلاثة من التسجيل الأول قيقول فيه: بسم الله الرحمن الرحيم هذا هو الشريط الثاني من الاشرطة التي نسجل عليها وصايانا العامة السياسية والاجتماعية وغيرها للشيعة اللبنانيين والعرب ولسائر اللبنانيين.
وقد بدأنا بتسجيله في مساء يوم الخميس الثاني من شهر شوال لسنة 1421 هجرية ولليوم الثامن والعشرين من شهر كانون الأول لسنة 2000 ميلادية.
ونتابع حديثنا في هذه الوصية عن ما ختمنا به الشريط الأول وهو الالحاح على تفعيل دور ومأسسة الاب عن العامة للقمة الروحيةالاسلامية في لبنان لأنها ضرورة من الضرورات التنظيمية لكل المسلمين في الشأن الاسلامي الخاص وفي الشأن الوطني العام.
وأكرر للمرة الثالثة على ما أظن في هذه الوصايا على الشيعة اللبنانيين أن يندمجوا في محيطهم الاسلامي اللبناني اندماجا كاملا وان لا يقوموا بأية خطوة تمايزهم عن غيرهم من اخوانهم المسلمين اللبنانيين.
وفي نفس الوقت هذا الاندماج لا يكون على قاعدة طائفية مذهبية وانما يكون منسجما مع الاندماج في الوطن العام مع الشعب اللبناني كله وعلى قواعد الثوابت الميثاقية للشعب اللبناني، التي تؤكد بالدرجة الأولى على أن المسيحية في لبنان جزء مكوّن للبنان كالإسلامية في لبنان، وأن لبنان لا يقوم الا بالتكامل والا بالعيش الواحد وليس العيش المشترك فقط والحمد لله رب العالمين .