هو عام الانهيارات الكبيرة بامتياز، شهد لبنان خلاله ثورة شعبية عارمة وأزمة سياسية وانهيارا مصرفيا وماليا وكارثة اجتماعية، بالإضافة إلى تفشي فيروس كورونا وجاء المسمار الأخير في تابوت البلاد مع انفجار مرفأ بيروت الذي حصد أكثر من 200 شخص وأحدث دمارا هائلا في العاصمة، اضافة الى أزمات أمنية متلاحقة يستعرضها موقع “جنوبية” في هذا التقرير.
أسبوع غضب: احتجاجات ومواجهات قمعية
بدأت الأحداث تتلاحق منذ خروج اللبنانيين للشارع أواخر العام الماضي، للتعبير عن سخطهم من الواقع السياسي والاقتصادي الذي وصلوا إليه، ومن هناك لم يعد أي شيء إلى سابق عهده.
ومع مطلع سنة 2020، نشبت اشتباكات عنيفة بين الشرطة ومحتجين في بداية ما سمي بـ “أسبوع الغضب”، وذلك على خلفية استهداف عدة مصارف في بيروت من قبل محتجين. وجاء ذلك بعد أن فرضت المصارف سقفاً منخفضاً على عمليات السحب النقدي والائتماني، فضلاً عن تدهور سعر صرف الليرة اللبنانية أمام الدولار الأمريكي بعدما فقدت أكثر من 40 في المئة من قيمتها.
في 14 كانون الثاني 2020. أُغلقت الطرق السريعة والطرق الرئيسية في عدد من المناطق بسبب الاحتجاجات وإحراق الإطارات. وفي بيروت اشتبك محتجون مع قوات الأمن بالقرب من البنك المركزي. كما خرجت احتجاجات خارج منزل حسان دياب لفشله في تشكيل الحكومة. وقد شارك طلاب المدارس والجامعات في بعض المظاهرات.
الاحتجاجات أمام مجلس النواب
واستمرت المظاهرات في الشارع، في مختلف مناطق، مع مواجهات كبيرة حصلت مع الأمن والجيش، كانت ذروتها في 15 كانون الثاني، الليلة التي اصطُلح على تسميتها ليلة المصارف حيث تم حرق العديد من الأفرع وتحديداً قرب مصرف لبنان في شارع الحمرا واعتقلت قوات الأمن حوالي 59 متظاهراً، وشهدت الأيام التالية استخداماً مضاعفاً للعنف الذي طال الصحافيين والمحتجين وقام الأمن باعتقال عشرات الأشخاص.
إقرأ ايضاً: جنوب لبنان..حبس أنفاس على حرب لن تقع!
في ذلك اليوم، تجمع متظاهرون أمام ثكنة شرطة الحلو في بيروت مطالبين بالإفراج عن تظاهرين الذين تم اعتقالهم، وقد أطلقت شرطة مكافحة الشغب الغاز المسيل للدموع ومارست العنف المفرط لفصل المتظاهرين. بالإضافة إلى ذلك، تم جر عدد يقدر بـ 15 متظاهراً إلى الثكنات. وافيد عن سقوط أكثر من 30 إصابة نتيجة الاشتباكات التي دارت بين المتظاهرين وشرطة مكافحة الشغب.
كما وصل الجيش اللبناني إلى الموقع في وقت لاحق من تلك الليلة. وأفاد الصليب الأحمر أن عدد الجرحى وصل في ذلك اليوم إلى 45.
عُثِر على أحد قادة “حزب الله” ويدعى علي محمد يونس جثة داخل سيارته جنوبا وربط بعض المراقبين اغتياله بقضية العميل الفاخوري
مع دخول الاحتجاجات اللبنانية شهرها الرابع في 17 كانون الثاني، أغلق المتظاهرون عدة طرق رئيسية في جميع أنحاء لبنان. ودعت هيومن رايتس ووتش السلطات إلى الإفراج عن المحتجزين الذين لم توجه إليهم تهم بارتكاب جريمة معترف بها، وأن على وزارة الداخلية أن تحاسب ضباط الأمن بسرعة عن الاستخدام المفرط للقوة ضد المتظاهرين. كما زعمت هيومن رايتس ووتش أن المتظاهرين والمسؤولين الإعلاميين تعرضوا للضرب من قبل شرطة مكافحة الشغب.
تصعيد العنف
في محاولة لتفريق تجمعات المتظاهرين المناهضين للحكومة الذين حاولوا الوصول إلى ساحة الشهداء في 18 كانون الثاني، أُصيب عشرات الأشخاص عندما استخدمت قوات الأمن خراطيم المياه والغاز المسيل للدموع لتفريق المتظاهرين.
علاوة على ذلك، تم رصد متظاهرين في ساحة الشهداء يلقون الحجارة والألعاب النارية وزجاجات المولوتوف على قوات الأمن، بالإضافة إلى تسليط أشعة الليزر عليهم لعرقلة سلسلة من قنابل الغاز المسيلة للدموع.
واستدعى عون في المساء القوات المسلحة إلى الشوارع من أجل حماية الممتلكات الخاصة وكذلك المتظاهرين السلميين. وقد أفادت وكالات اخبار رسمية ان 30 شخصاً اُعتقلوا بسبب اضطرابات يوم السبت، على الرغم من إطلاق سراح المعتقلين في وقت لاحق.
وذكر الصليب الأحمر اللبناني أن أكثر من 60 جريحاً قد تلقوا العلاج، بينما تم نقل 40 شخصاً على الأقل إلى المستشفيات. في المجموع، ذكرت وكالة رويترز أن أكثر من 370 شخصاً أْصيبوا في احتجاجات ذلك اليوم.
واستمر الوضع على ما هو عليه، احتجاجات تواجه بالعنف من قبل الأمن إلى 22 كانون الثاني التاريخ الذي شهد إعلان تشكيل حكومة جديدة في لبنان برئاسة حسان دياب وعدت بتحسين الوضع المالي، وقامت بعد أيام، في 27 كانون الثاني بالإعلان عن موازنتها والسياسة المالية التي تعتمدها لتحسين الأوضاع الاقتصادية، ولاقت ردود فعل مختلفة غالبيتها كانت سلبية.
لبنان بين الاحتجاجات و”الكورونا”
وشهد يوم 11 شباط عودة المحتجين إلى الشارع بعد غياب قصير، توازياً مع جلسة دعا إليها رئيس مجلس النواب نبيه بري للتصويت على إعطاء الثقة لحكومة دياب، وحاول المحتجون منع وصول النواب واستطاعوا تأخيرهاً لساعات قبل أن يؤمن لهم النصاب نواب الحزب التقدمي الاشتراكي.
إقرأ أيضاً: لبنان 2021..مئوية لا مئويتان!
وفي وقت هدأت الاحتجاجات في الشارع على وقع انشغال العالم بأخبار جائحة “كورونا” سجل لبنان أول حالة كورونا في 20 شباط لشخص آت من إيران التي كانت إحدى بؤر انتشار الفيروس في بداياته، ومن ثم تم تسجيل حالة أخرى آتية من إيران ليبدأ العدد بالارتفاع وليعلن وزير الصحة في 29 شباط أن عدد الإصابات وصل إلى 7 وكرت السبحة فيما بعد.
قضية العميل فاخوري وقتل الحايك
توالت فصول قضية العميل الإسرائيلي عامر فاخوري، فأصدرت محكمة الاستئناف العسكرية في 16 آذار قراراً بإطلاق سراحه كون التهم سقطت بالتقادم لمرور أكثر من 10 سنوات على القضية، ليفرج عنه في 19 من الشهر نفسه بالرغم من محاولة قاضٍ عسكري استئناف الحكم.
ولم تنته فصول القضية هنا، إذ وفي سياق متصل، قُتل المواطن أنطوان الحايك، يوم 22 آذار في محله في منطقة المية ومية قرب مرفأ صيدا وهو كان حارساً في سجن أدارته ميليشيا لحد طيلة فترة الوجود الإسرائيلي في لبنان.
قتل أحد قادة “حزب الله”
عُثِر على أحد قادة “حزب الله” ويدعى علي محمد يونس، جثة داخل سيارته جنوبا في 5 نيسان، مصابة بطلقات نارية عدة وطعنات سكين. وقد اشارت وكالة أنباء فارس الإيرانية أن يونس “مسؤول عن ملاحقة العملاء والجواسيس”، حيث ربط بعض المراقبين اغتياله بقضية العميل الفاخوري.
وشهر نيسان، لم يكن أفضل مما سبقه، إذ وفي ظل الوضع الاقتصادي والصحي الدقيق مع انتشار فيروس “كورونا” في البلاد، سُجل في بلدة بعقلين في منطقة الشوف، في 21 من الشهر نفسه، جريمة قتل طالت 7 أشخاص بينهم 5 سوريين كانوا يعملون في مكان قريب من موقع الجريمة الأولى التي نفذها القاتل بحق زوجته، في منزلهما.
ولم ينته الشهر بأقل الأضرار، إذ قامت القوى الأمنية والعسكرية في 27 من الشهر ذاته بإطلاق النار على متظاهرين في شوارع طرابلس في شمال لبنان ما أدى إلى مقتل الشاب فواز سمّان وعمره 27 عاماً، بعد أن أصيب بطلق ناري، لتستمر في اليوم التالي المواجهات مع القوى الأمنية وقام المتظاهرون بحرق مصرفين، لتتوسع الاحتجاجات في 29 نيسان إلى عدة قرى ومدن في تحدٍ لحظر التجول المفروض.
مظاهرة 6/6 .. شبح الحرب الأهلية
ومع خروج البلاد شيئاً فشيئاً من الإغلاق القسري الذي فرضته حكومة حسان دياب في محاولة للضبط عدّاد “كورونا”، تداعى ناشطون لاحتجاجات جديدة في السادس من حزيران وسط بيروت، حيث ظهرت شعارات منددة بالسياسات الحكومية، كذلك شعارات ضد حزب الله وسلاحه ما أدى إلى شن أنصار الحزب هجوما منظما على المحتجين، واندلعت مواجهات حاول الجيش اللبناني وقفها عبر الفصل بينهم، وبعد تراجع مناصري الحزب، بدأت المواجهات بين المحتجين وقوى الأمن واستمرت حتى وقت متأخر من الليل، أصيب في خلالها عشرات المحتجين وحوالي 25 عسكرياً كما صرح الجيش اللبناني.
حاول أنصار حزب الله وحركة أمل اقتحام منطقة عين الرمانة مطلقين عبارات طائفية واستعادت الحادثة مشاهد من الحرب الاهلية
وفي وقت كانت الأنظار متركّزة على مواجهات ساحة الشهداء، انتقل التوتر إلى محور الشيّاح عين الرمانة اعاد بالأذهان الحرب الأهلية وخطوط تماس، حين حاول أنصار حزب الله وحركة أمل اقتحام منطقة عين الرمانة لأسباب غير معروفة، مطلقين عبارات طائفية، وحصل تضارب بالعصي والآلات الحادة مع شبّان من المنطقة غالبيتهم من مناصري حزب “القوات اللبنانية”، وسُجّل إطلاق نار في الهواء قبل أن يتدخّل الجيش بقوة واعادة الهدوء إلى المنطقة.
وفي وقت لاحق، تدخّل مسؤولون من حركة أمل والقوات اللبنانية وعملوا على تهدئة الشبّان الذين تبادلوا الشتائم.
وحاولت السلطات تهدئة الشارع، فوافق مصرف لبنان على ضخ المزيد من الدولار في السوق آملاً بوقف الانهيار السريع للعملة إلا أن القرار لم يمنع اللبنانيون من النزول إلى الشارع والاحتجاج ومطالبة الحكومة بالاستقالة فوراً.
جريمة قتل مدير مصرف بيبلوس
في صباح 4 حزيران عثر على المواطن أنطوان داغر، وهو مدير الأخلاقيات وإدارة مخاطر الاحتيال في بنك بيبلوس، وهو في العقد السادس من العمر، داخل موقف سيارات في منطقة الحازمية قرب أوتيل دوفين، “مقتولا بآلة حادة على رأسه في موقف السيارات في المبنى الذي يقطنه في الحازمية”.
وأتى اغتيال داغر حينها في وقت يعيش لبنان أزمة اقتصادية يحمل خلالها اللبنانيون المصارف جزءا أساسيا منها، واللافت كان أن من نفذ علمية الاغتيال لم يبغ القيام بعملية سرقة وهو ما يرجح بحسب الأمنيين أن الاغتيال كان بدافع آخر.
وهنا تتعدد التحليلات من دون أن يكون هناك معطى واضحا حول خلفية الجريمة سوى ما صرح به مقربون من الضحية من أنه “كان يعمل على ملفات حساسة بحكم موقعه في المصرف”.
وعلى وقع الانهيار المالي، بدأت بوادر الانهيار الأمني، بعد تزايد عصابات الخطف والابتزاز، حيث قامت مخابرات الجيش في 14 حزيران بتحرير 23 مخطوفاً كانوا محتجزين في بلدة بريتال البقاعية، بعد خطفهم قبل أسبوعين.
توترات على الحدود الجنوبية مع اسرائيل
في ختام شهر تموز، وتحديداً في 27 منه، حصل تبادل لإطلاق النار بين الجيش الإسرائيلي وعناصر من حزب الله على طول الحدود الإسرائيلية اللبنانية المضطربة إذ أعلن الجيش الإسرائيلي إحباطه “عملية تخريبية” حاولت تنفيذها خلية تابعة لـحزب الله على الحدود وحصل تبادل لإطلاق نار وسمع دوي انفجارات في مزارع شبعا المتنازع عليها، بينما نفى حزب الله هذه المزاعم.
كارثة الرابع من آب
يمكن اعتبار آب 2020 شهر إعلان بدء حقبة جديدة في لبنان مغايرة لكل ما سبق، وستبقى في ذاكرة اللبنانيين لسنوات طويلة قادمة.
كُل الأحداث التي سبقت، هي للنسيان مقارنة بما جرى في 4 آب موعد اللبنانيين مع انفجار لم يكن يتوقعه أشد المتشائمين. مع انفجار حوالي 2750 طن من نيترات الأمونيوم المخزنة في العنبر رقم 12، انفجرت لتُخلف دماراً لم تشهد بيروت مثيله في عز المعارك والحروب.
وسجّلت وزارة الصحة مقتل أكثر من 204 أشخاص وإصابة أكثر من 6500 آخرين، وأُعلن عن تضرّر مباشر لنحو 50 ألف وحدة سكنية، وبات نحو 300 ألف شخص بلا مأوى، وقدرت الخسائر المادية الناجمة عن الانفجار بما يقارب 15 مليار دولار، بحسب السلطات المحلية التي يقول اللبنانيون إنهم لا يثقون بها.
وامتدت الأضرار إلى آلاف المنازل على بعد كيلومترات من موقع الانفجار، وكشفت الجهات الأمنية اللبنانية أن سبب الانفجار “مواد شديدة الانفجار” كانت مخزنة في المرفأ منذ أكثر من ست سنوات وتعددت الروايات حينها، ووجهت أصابع الاتهام لحزب الله الذي يستخدم هذه المواد عادة في تصنيع المتفجرات.
وتحركت الأجهزة الأمنية وألقت القبض على 16 شخصاً، جميعهم يتولون مراكز غير مؤثرة كثيراً، من دون المس بوزراء ورؤساء حكومات ورؤساء جمهورية تعاقبوا على مر السنوات وعرفوا بالنيترات وبخطورتهم دون أن يحركوا ساكناً.
“سبت المشانق”
وتداعى اللبنانيون إلى التظاهر وسط بيروت في 8 آب اليوم الذي سمي بـ”سبت المشانق”، للمطالبة باستقالة الحكومة ومعاقبة المسؤولين عن الانفجار والإهمال الذي أوصل إلى هذه الكارثة، اذ ترجم الغضب الكبير الذي شعر به اللبنانيون بعد انفجار المرفأ، بمشانق رمزية علّقها المتظاهرون السبت في ساحة الشهداء، حيث لفّت الحبال لأوّل مرة حول مجسمات أعدّت لكل من رئيس الجمهورية ميشال عون وأمين عام حزب الله السيد حسن نصرالله، ورئيس مجلس النواب نبيه برّي، ورئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع، إضافة إلى رئيس الحكومة دياب والوزير السابق جبران باسيل والرئيس سعد الحريري.
واما كان أمام قوات الأمن باستخدام العنف بحقهم حين حاولوا الاقتراب من مجلس النواب، التظاهرات التي بدأت السبت وانتهت ليلاً باقتحام عدد من الوزارات، ثمّ الانسحاب منها تحت ضغط الأجهزة الأمنية، استؤنفت الأحد تحت عنوان “المحاسبة والانتقام”، وتجدد معها العنف المفرط الذي استخدمته الأجهزة الأمنية لحماية السلطة من الغضب الشعب مستخدمة الرصاص المطاطي.
مواجهات يوم السبت أسفرت عن إصابة أكثر من 120 شخصا، 26 شخصا تم نقلهم إلى مستشفيات المنطقة و94 مصابا تم إسعافهم في المكان، وذلك وفق الصليب الأحمر، مع العلم أنّ فوج إطفاء بيروت كان قد رفض المشاركة في قمع المتظاهرين.
وقالت “هيومن رايتس ووتش” إنّ القوات الأمنية اللبنانية استعملت قوّة مفرطة، وفي بعض الأحيان فتّاكة، ضدّ متظاهرين سلميين أغلبهم في وسط بيروت في 8آب 2020، فتسبّب بمئات الإصابات.
اذ أطلقت القوات الأمنية الذخيرة الحية، والكريات المعدنية (الخردق)، والمقذوفات ذات التأثير الحركي مثل الرصاص المطاطي، على أشخاص منهم موظفون طبيون، كما أطلقت كميات مفرطة من الغاز المسيل للدموع، بما في ذلك على محطات الإسعافات الأولية.
صُوّبت عدة قنابل غاز مسيل للدموع مباشرة على المتظاهرين، فأصابت بعضهم في الرأس والعنق. عمدت القوات الأمنية أيضا إلى رمي الحجارة على المتظاهرين وضربهم، وشملت هذه العناصر “شرطة مجلس النواب”، و”قوى الأمن الداخلي”، و”الجيش اللبناني”، وقوى غير محدّدة بملابس مدنية.
وفي 13 آب أعلن مجلس النواب حالة الطوارئ وسلم السلطة للجيش في العاصمة.
وبعد 13 يوماً من الانفجار، أُعلن عن اعتقال مدير عام الجمارك بدري ضاهر بعد أن تم استجوابه، وهو محسوب على رئيس الجمهورية ميشال عون، ومقرب من صهره جبران باسيل.
اشتباكات خلدة
وفي 27 آب، خيّم الرّعب على منطقة خلدة بعد اندلاع اشتباكات عنيفة بين مناصرين لحزب الله وآخرين من العشائر العربية في خلدة أسفرت عن سقوط قتيلين وعدد من الجرحى. ورافق تشييع الشاب عمر غصن من عرب خلدة إطلاق عيارات نارية بشكل كثيف، ثم توجيه الرصاص مجددا إلى “سنتر شبلي” في خلدة التابع لأحد المقربين من حزب الله والذي احترقت أجزاء كبيرة منه وطال الحريق تعاونية “الرمال” في الطابق الأرضي.
إقرأ ايضاً: 2020..شراهة سياسية أكلت أخضر البلاد ويابس العباد!
واشترطت العشائر العربية لسريان التهدئة عدم عودة علي شبلي إلى خلدة، في وقت وُجهت انتقادات إلى أداء حزب الله بعد صدور حكم المحكمة الدولية في جريمة اغتيال الحريري، إذ يصر أنصار الحزب على استفزاز جمهور “تيار المستقبل” وعدم إقامة أي اعتبار لأهالي الضحايا والإصرار على رفع لائحة للمتهم سليم عياش في حاروف وفي خلدة، مستفيدا من فائض القوة بدل العمل على ضبط مثل هذه التصرفات التي تثير النعرات والشحن الطائفي والمذهبي.
حسم ملف اغتيال الشهيد الحريري
وفي 18 آب وبعد 15 سنة من الاغتيال الذي أودى برئيس الوزراء الأسبق رفيق الحريري في بيروت، وجدت المحكمة الخاصة بلبنان، في جلسة محاكمة علانية حضرها نجل الحريري، رئيس وزراء لبنان السابق سعد الحريري، أن سليم عياش وحده المُدان بالاغتيال بواسطة شاحنة مفخخة.
وبُرئ المتهمون الآخرون وهم حسين عنيسي وأسعد صبرا وحسن مرعي وكان قتل الرجل الخامس مصطفى بدر الدين في سوريا عام 2016 وأسقطت التهم الموجهة إليه بعد ذلك.
جريمة كفتون
وفي منتصف ليل 21 آب، أقدمت سيارة مجهولة على إطلاق النار في بلدة كفتون أثناء مرورها في البلدة. وفي التفاصيل، أنه اثناء مرور السيارة التي لا تحمل أي رقم بشكل مريب في البلدة،
عمد شرطي البلدية إلى إيقافها إلاّ أن من بداخلها أطلقوا النار من سلاح كان بحوزتهم وأردوا ثلاثة أشخاص من أبناء البلدة هم ابن رئيس البلدية واثنين من شرطة البلدية.
وتبين بعد رفع البصمات عن سيارة الجناة أنّ بعضها عائد لشخصين أوقفا سابقاً في قضايا إرهاب.
شبح انفجار بيروت
شبح انفجار بيروت عاد مجددا في 10 أيلول حيث شب حريق ضخم في المرفأ وغطت السحب الدخان بيروت ما أثار هلعاً لدى اللبنانيين ليتبين أن المواد المشتعلة غير خطرة ومن مخلفات الانفجار.
وحاول مجموعة من الناشطين القيام بمسيرة احتجاجية إلى قصر بعبدا في 12 أيلول إلا أنهم جوبهوا برصاص مطاط ورصاص حي في الهواء لتفريقهم ومنعهم من الوصول إلى مقربة من بعبدا للتعبير عن سخطهم من أداء رئيس الجمهورية.
مقتل خالد التلاوي
الأحداث الأمنية لم تتوقف طيلة العام، ففي 13 أيلول أعلن الجيش اللبناني، مقتل خالد التلاوي، قائد الخلية المنفذة لعملية “كفتون” شمالي البلاد، في 22 آب والتي راحض ضحيتها 3 شبان، فيما أدى المداهمة التي قام بها الجيش إلى مقتل ثلاثة من عناصره.
وفي 17 أيلول، وصلت إصابات كورونا إلى سجن رومية، المكتظ أساساً والذي يُعد أكبر سجن في لبنان وفيه حوالي 3000 سجين، أصيب منهم 200 وسرت شائعات أن السجناء أخلوا أخذ الاحتياطات اعتقاداً منهم أن إصابتهم ستُعجل بإطلاق سراحهم.
انفجار عين قانا
توازياً استمر مسلسل الأمن، هذه المرة مع انفجار حصل في منطقة عين قانا في مركز لحزب الله يحوي على ذخائر ومتفجرات، وقال مصدر أمني لوكالة رويترز حينها أن الانفجار حصل بسبب خطأ تقني.
وانتهى شهر أيلول بمقتل جنديين في المنية بالشمال ومهاجم بعد أن فتحت مجموعة من المتطرفين الإسلاميين النار على حاجز للجيش اللبناني، وحصل تبادل لإطلاق نار أسفر عن قتلى وجرحى
اشتباكات العشائر
في السابع من شهر تشرين الأول، وقعت اشتباكات مسلّحة بين المسلّحين التابعين للعشائر في بعلبك والهرمل وغيرهما. ولكنّها ربّما المرة الأولى التي يحصل فيها مثل هذا الاستعراض بالسلاح في الأحياء وعلى الطرقات وتقام الحواجز، مع التهديد بالقتل بين آل جعفر وآل شمص، وكأنّ عمليات الثأر لم تعد فردية وعائلية بل تحوّلت إلى مشكلة سلاح ومسلحين وحرب شاملة بالمفهوم البعلبكي العشائري.
أما سبب هذه العراضات المسلّحة فهو إقدام آل جعفر على قتل عباس شمص في وسط مدينة بعلبك ثأراً لجريمة قتل عيسى علي جعفر قبل 3 سنوات في وسط المدينة على يد شخصين من آل شمص. غير أن اللافت هو أن العملية تمّت على الرغم من تسليم الجانيَين حينها إلى القضاء بموجب مصالحة عشائرية جنّبت بعلبك ومنطقتها مشكلة كبيرة.
انفجار طريق الجديدة وشهداء الزوارق
هزّ انفجار منطقة طريق الجديدة، في التاسع من تشرين الأول ليعمّق المأساة، مع سقوط 4 ضحايا وعشرات الجرحى جراء انفجار خزان مازوت داخل مستودع في مبنى سكني أدّى إلى اندلاع النيران ومحاصرة السكان لساعات.
وتوالت الكوارث واخبار الموت في لبنان، بعد محاولات لبنانيين الهرب عبر زوارق الموت إلى قبرص ومقتل نساء وأطفال وشباب غرقاً في البحر، لتُعلن قبرص في 6 تشرين الاول عن توصلها لاتفاق يسمح للسلطات اللبنانية باستعادة اللاجئين إلى أراضيها قبل أن يُكملوا رحلتهم إلى أوروبا إن نجحوا بالوصول إليها.
تكليف الحريري وحرق مجسم الثورة
عشية استشارات التكليف التي ستعود بالرئيس الحريري الى رئاسة الحكومة، صدرت دعوات للتظاهر وقطع الطرقات في 21 تشرين الأول. وتجمّع محتجون في ساحة الشهداء عصر الأربعاء رفضاً للتوجّه نحو تكليف الحريري، وصودف أن مناصرين للحريري كانوا متواجدين قرابة ضريح رفيق الحريري، مما أدى إلى توتّر بين الطرفين وتولّى الجيش والقوى الأمنية الفصل بينهما.
وبعد ذلك بقليل، اندلعت النيران في مجسم “قبضة الثورة” في وسط بيروت وأفيد بتحطيم مجسم طائر الفينيق. وبعد اتهام مواقع إلكترونية مناصري الحريري بعملية الحرق، نفى “تيار المستقبل” ما تم تداوله بصورة قاطعة.
وأعلنت قوى الأمن الداخلي عقب أقل من ساعة من إحراق المجسم، أن شعبة المعلومات تمكنت من تحديد هوية مرتكبي الجريمة وإلقاء القبض على 4 أشخاص منهم.
اقفال البلاد للمرة الثانية على التوالي
وفي سياق آخر، استمر الارتفاع المخيف بعداد كورونا ما استدعى السلطات لإعلان نيتها الإغلاق التام لمحاولة وقف التزايد المستمر بالحالات، وهو ما حصل في 14 تشرين الثاني حين دخلت البلاد في إغلاق قالت السلطات إنه تام لكنه كان باستثناءات جعلته غير فعال.
وفي حادثة طرحت العديد من علامات الاستفهام، هرب 69 سجيناً من سجن بعبدا في 21 تشرين الثاني، بعد خلعهم للأبواب، وأدت هذه العملية إلى مقتل 5 سجناء بحادث سير بعد مطاردتهم من قبل القوى الأمنية.
صوان يفجر قنبلة تحقيقات المرفأ وجرائم غريبة
وفي 10 كانون الأول، وفي خطوة لافتة لكنها ناقصة كونها لم تشمل كل المسؤولين عن انفجار المرفأ، ادعى المحقق العدلي فادي صوان، على رئيس حكومة تصريف الأعمال حسان دياب وعلى وزير المال السابق علي حسن خليل ووزيري الأشغال العامة السابقين غازي زعيتر ويوسف فنيانوس، بجرم الإهمال والتقصير والتسبب بوفاة وايذاء مئات الأشخاص.
وأصدرت المحكمة الخاصة بلبنان حكمها على سليم عياش المتهم باغتيال الحريري في 11 كانون الأول، بالسجن المؤبد خمس مرات متزامنة غيابياً بسبب تورطه في اغتيال رئيس الوزراء اللبناني السابق رفيق الحريري عام 2005.
أما في 2 كانون الاول عُثر على العقيد المتقاعد في الجمارك، منير أبو رجيلي، مقتولا في منطقة قرطبا، وقد أظهرت التحقيقات الأولية أن أبو رجيلي تعرض لضرب على الرأس بواسطة آلة حادة ما أدى إلى مقتله.
وتعددت الروايات حول دوافع الاغتيال، اذ ربطها البعض بمحاولة طمس حقائق حول تفجير المرفأ.
انفجار جباع الغامض
وفي السابع من الشهر الجاري، وقع انفجار غامض في خارج بلدة جباع في إقليم التفاح، اذا لا تزال تفاصيله مبهمة وفي وقت أفيد ان الانفجار وقع في مركز تابع لـ”حزب الله”، نفت مصادر الأخير مشيرة ان الاصوات التي سمع صداها في بلدة جباع عبارة عن مناورة للجيش اللبناني في منطقة كفرفالوس، ما أدى الى حدوث هذه الاصوات في الجو. وفي المقابل اشارت مصادر عسكرية لـ”الجديد” الى أنّ الجيش اللبناني ليس لديه اي معلومات عن انفجار في خراج بلدة جباع ولا يقوم بمناورات عسكرية.
جريمة الكحالة وألغازها
وقبل أيام قليلة، في 21 من الشهر الحالي، عثر أيضا على المواطن جو بجاني مقتولا في سيارته أمام منزله الواقع في الكحالة وهي منطقة أمنية تتواجد فيها مراكز عسكرية كثيرة ووزارة الدفاع وهي أيضا تقع في نطاق جغرافي قريب من قصر رئاسة الجمهورية، وتم ربط الجريمة قتل بانفجار مرفأ بيروت، اذ تم تداول اخبار غير مؤكدة عن ان “بجاني لديه صور أعطاها للمحققين الفرنسيين حول انفجار المرفأ.