ابراهيم منيمنة لـ«جنوبية»: لإيجاد ساحات إشتباك أخرى وجديدة مع هذه السلطة!

ابراهيم منيمنة

تتزامن ذكرى مرور سنة على الثورة الشعبية التي إنطلقت من رحم الفقر والجوع والحرمان، مع المزيد من الأزمات الخانقة التي تلتف على رقاب اللبنانيين لتزيد الفقير فقراً، إذ يعتبر الناشط إبراهيم منيمنة أن “ثورة 17 تشرين ليست الثورة تقليدية بمعنى أنها حراك شعبي وعلى رأسه قيادات ولم يكن لها أهداف محددة”، لافتا لـ”جنوبية” إلى أنها “إنطلقت بحركة شعبية عفوية  وكانت حالة رفضية لممارسات السلطة وتماديها في ظلم الناس وبعد أن لاحظ الشعب اللبناني الضائقة الاقتصادية  تتصاعد و إستهتار السلطة في أداء واجباتها و التوجه إلى وضع ضرائب جديدة”.

اضاف منيمنة: “في هذه الظروف إنفجرت الثورة وكان من المجموعات التغييرية أن تواكب هذا الحراك وكان هناك مساران، مسار الحراك الشعبي العفوي ونزول الناس إلى الشارع للتعبيرعن رأيها بعد إنقطاع طويل، ومن جهة أخرى كان هناك المجموعات التغييرية التي تواكب هذا الحراك من خلال وضع خارطة طريق للمطالب والتغيير عبر الشعارات والدعوات للتحركات الميدانية”.

وقال:”هاذان المكونان كانا منفصلين تقريبا ومن هنا يمكن القول أن الحراك ككل أخفق في الالتقاء بين الحراك الشعبي وبين المجموعات التغييرية وهذا  الاخفاق الاكبر برأيي”، لافتا إلى “أننا لم نستطع بلورة خارطة طريق سياسية متفق عليها وتتوحد حولها الجهود ونستطيع من خلالها فرض واقع على هذه السلطة ومطالبتها بمطالب محددة  توصل إلى تغيير حقيقي” .

ويلفت منيمنة الى ان “الانجاز الاهم هو أن ثورة 17 تشرين هي في خلقها للحظة تأسيسية، فاللمرة الاولى يشهد لبنان تحرك وطني عابر للطوائف والمناطق والفئات المجتمعية أظهر أن الشعب اللبناني بأغلبه إنتفض على هذه السلطة”، لافتا إلى أنه “كان هناك مطالب ولو لم تكن واضحة ولكن كان هناك حالة رفضية لمنطق السلطة وقيمها التي تتناقض مع فكرة الدولة ، والناس نزلت ( كل من منطلقه ) رفضا لقيم هذه السلطة ولكن المشكلة هي أننا لم نستطع أن نوحّد و نبتكر أرضية مشتركة  لهذه الفئة التي إجتمعت رفضا لقيم السلطة و ممارستها للشأن العام” .

 ويعتبر أنه “لا نستطيع إقناع الناس بأن الثورة لا تزال حية وفاعلة لأن الثورة  هي حالة تعبيرية عن رغبة بالتغيير و حالة رفض لهذه المنظومة السياسية، وفقا لهذا التعريف والشكل الثورة إنتهت، ولكن تبقى روح الثورة المتأصلة في الشعب اللبناني والحالة الرفضية  والنقمة والرغبة بالتغيير لا تزال موجودة ضد هذه السلطة بسب فشلها وإرتهانها للخارج وإهانتها لعقول وحقوق اللبنانيين ولو أنه لا يتم التعبير عنها بالساحات”، مشددا على أنه ” من الواضح أن السلطة السياسية أخذت القرار بضرب أي تحرك في الشارع وقمعهم وأصبح الميدان ليس الملعب الرابح للثوار ويبقى علينا ان نجد ساحات إشتباك أخرى وجديدة مع هذه السلطة   للدفع باتجاه التغيير، الثورة لا تزال حية و السلطة لا تزال على أداءها و لم يتغير شيء”. 

 ويرى أن “الناس إنكفأت عن الذهاب إلى الميدان لأسباب عدة أهمها هو ضياع البوصلة السياسية في عدة مراحل من مراحل الثورة وعدم ظهور فعالية التحركات الميدانية للوصول إلى التغيير المطلوب ونزول الناس إلى الشارع لم يحرك ساكنا لدى قوى السلطة التي لا تزال مكملة في حالة الاستئثار والتعنت”، مشيرا إلى أن “هذه السلطة إستعملت أدوات عدة لفرط عقد المتظاهرين من خلال غارات شبيحة السلطة على المتظاهرين ومحاولة الاختراق ميدانيا وحرق الخيم وإستعمال القوى الامنية للعنف المفرط مع المتظاهرين وبث الخطاب الطائفي بهدف تنفيس هذا التحرك وإظهاره للشعب اللبناني بأنه غير فاعل وأعتقد أنها نجحت في هذا المكان “.

 يضيف:”إنطلاقا من القراءة والتقييم للخطوات السابقة، أي خطوات مقبلة يجب معالجة الثغرات التي وقعنا فيها خلال السنة الماضية و بالدرجة الاولى يجب أن يكون هناك خطاب سياسي واضح وفرز سياسي واضح وان يكون الناس متقبلين لهذا الخطاب السياسي ويتماهون معه”، موضحا أن “أحد المشاكل التي واجهناها في الثورة هي عدم الوضوح السياسي وبوصلة “كلن يعني كلن” على أهميتها وإلتفاف الناس حولها إلا أن قوى السلطة حاولت التلاعب فيها في كثير من الاحيان”، ويلفت إلى أن “هذه الحالة الرفضية التي تبنت الشعار يجب أن تتبلور إلى مشروع سياسي يخلق فرز حقيقي في الشارع ويخلق هوية جديدة للحالة التغييرية ويكون لديه مشروع سياسي واضح المعالم”، معتبرا أن “دور هذا المشروع و مطالبه وعناصره في رفع حالة الغبن التي يرزح تحتها الشعب اللبناني من قبل قوى السلطة و المطلوب هو بلورة خطاب سياسي واضح يستطيع ان يجمع كافة المكونات ولا يفرقها ضمن هوية واضحة وجامعة حتى يخلق حالة توازن مع قوى السلطة ويفرض مشروعه السياسي ومطالبه وتنفيذها”.

 ويرى أنه “بعد ذلك نستطيع الحديث عن إطار يجمع القوى التغييرية بشكل واضح ومنظم وتستطيع عندها هذه القوى ان يكون لها مشروعية تتكلم بصفة القائد لهذا الحراك المقبل،  ومنه يمكن القول أن الرصيد السياسي الذي ينتج عن أي إنتصار بعد الاشتباك مع السلطة يستطيع أن يجير لهذه القوى ويمكن حينها خلق حلة جديدة في البلد تكون المدخل ظهور اللاعب الجديد على الساحة السياسية الذي بدأ في 17 تشرين، و يستطيع فرض نفسه كلاعب سياسي ويفرض مطالبه وعندها سيكبر أمل الناس وستكثر الاعداد المشاركة وتتحول إلى حالة شعبية كبيرة جدا “.

ويختم:” هذه الخريطة للمرحلة المقبلة ولكن علينا الصبر في هذه المرحلة، لأن حالة اليأس الموجودة لدى الناس بعد إمعان السلطة في فسادها وإمتهان كراماتهم وبعد إنفجار بيروت الاجرامي، بأن هناك حالة إنكفاء وهذا أمر طبيعي ويجب أن نتقبله ولكن علينا العمل على الخطاب السياسي للمرحلة المقبلة حتى نستطيع خلق حالة سياسية قبلة يمكن أن تترجم في عدة محطات مقبلة في بلورة هذا اللاعب الجديد على الساحة السياسية”.

السابق
محسن عبد الكريم شقيق سفير النظام في لبنان.. لص عتيق في سرقة إسمنت سوريا!
التالي
ناصر ياسين لـ«جنوبية»: تعاطي مجموعات الثورة مع القوى الدولية دليل على النضوج والوضوح!