الرواية الكاملة لرحلة قاسم تاج الدين من سيراليون إلى ماريلاند: الرجل الذي موّل حزب الله من جيوب الأميركيين

استقبال قاسم تاج الدين من قبل العائلة بعد وصوله الى بيروت في الثامن من تموز

مقدمة

  1. من طفل ترك المدرسة باكرا إلى رجل أعمال عصامي ناجح
  2. تاج الدين تحت المجهر: مداهمات “أنتويرب” البلجيكية والماس الدموي  
  3. تاج الدين إلى لائحة “الإرهاب الدولي”
  4. الإخوة تاج الدين: من طريق الجنوب والجبل إلى “تاجكو” ومتفرعاتها
  5. عملية “كاسندرا”: من الدار البيضاء إلى البيت الأبيض
  6. مفاجأة الإفراج عن تاج الدين في الـ64: نصرالله كان يعلم؟

هي رحلة غير اعتيادية البتة. المسافات فيها طويلة، والمشقات مرهقة. رحلة طبعتها السرية والكتمان، لرجل أعمال إختار العتمة، فخرج إلى الضوء من باب “الإرهاب الدولي”.

قاسم تاج الدين، لبناني غادر أرض بلاده، مراهقاً، في خضم حرب أهلية دامية، إلى أرض أفريقية خصبة للأعمال. بنى مع أخواته إمبراطورية مالية كبيرة إمتدت من أنغولا إلى جذر العذراء البريطانية. لكن في مطلع الألفية الثالثة، بدأت الشبهات تحوم حوله حتى أضحى في نهاية العقد الأول منها إسما مدرجا على لائحة الإرهاب الأميركية.

تُروى في هذه السطور رحلة تاج الدين الطويلة، تتداخل فيها روايات إعلامية مع أخرى على المنابر الرسمية، كما ينطق فيها تاج الدين البعيد عن الأضواء، في جلسة داخل مقهى بيروتي ذات يوم من شهر أيار، وقبل 4 سنوات كاملة من الإفراج عنه من السجون الأميركية. هنا القصة الكاملة.

1- من طفل ترك المدرسة باكرا إلى رجل أعمال عصامي ناجح

وُلد قاسم تاج الدين في كنف عائلة متواضعة في بلدة حناويه الجنوبية الواقعة قرب مدينة صور، قبل فترة طويلة من تأسيس المقاومة الإسلامية في لبنان، أو حزب الله.

ترك تاج الدين المدرسة في عمر الحادية عشر. حطّ الشاب اليافع في سيراليون الأفريقية عام 1976 في بداية الحرب الأهلية عندما كان يبلغ من العمر 21 عاما، على غرار أسلافه اللبنانيين الفارين من جحيم الفقر منذ القرن التاسع عشر نحو أفريقيا.

يقول تاج الدين في مقابلة أجراها في مقهى بيروتي عام 2016 مع مراسل صحيفة “ذا غادريان” البريطانية غاريث سميث “بدأت في سيراليون حيث كان خالي يعيش. لقد كانت العائلة هناك مع لبنانيين آخرين هناك منذ وقت طويل، يعود بعضهم إلى القرن التاسع عشر”.

ويضيف “كان لديهم متجراً، وقد ساعدت (في الأعمال). في البداية، كان علي أن أتعلم. ساعدتني عائلتي، وعندما تمرست في القليل من الأعمال التجارية، فتحت متجري الخاص في كينيما، المدينة الجنوبية” حين كان يبلغ من العمر 23 عامًا.

بعد بضع سنوات، إنتقل من جنوب سيراليون إلى العاصمة فريتاون. ففتح متجرا للمواد الغذائية إلى جانب شقيقه حسن تاج الدين الذي توفي لاحقا في حادث تحطم الطائرة الأثيوبية عام 2010. لاحقا، جاء أخاه حسين تاج الدين، وفتحا المزيد من المتاجر. عام 1986 انتقل قاسم تاج الدين إلى ساحل العاج وبعدها بثلاث سنوات إلى بلجيكا بعد أن حطت النزاعات في سيراليون أوزارها قبل أن تتحول إلى حرب أهلية عام 1991.

عن الحاجة إلى الإنتقال إلى أوروبا يقول تاج الدين “كانت الاتصالات تحديًا، وكانت المعاملات المالية والتحويلات صعبة، رأيت أننا بحاجة إلى مكتب في أوروبا. الحصول على شركة في أوروبا هو امتياز. كانت إفريقيا مجرد اتصالات، حتى الفاكس كان قد بدأ للتو”.

ويتابع “كان من الأسهل في أوروبا فتح خطاب الاعتماد، وساعد وجود مكتب في أوروبا على توسعنا في إفريقيا”. في هذا الوقت، كان تاج الدين يوسّع أعماله في أنغولا حيث فتح شركة تجارية تطورت إلى شركات عدة، كان لها علاقة بمجموعة “تاجكو” الغامبية التي تملكها عائلة تاج الدين إلى جانب مراكز “Kairaba” للتسوّق.

يشير تاج الدين في المقابلة المذكورة إلى عدم علاقته بالسياسة وبأنه لم يصوت أي مرة في الإنتخابات النيابية في لبنان. تتحدث صحيفة “الأخبار” المقربة من حزب الله عن أن عائلة تاج الدين لم تكن تنتمي إلى أي جهة حزبية (على الرغم من تقارير تؤكد أن أحد أشقائه واسمه علي هو مسؤول عسكري في الحزب).

وتكمل صحيفة “الأخبار” عن العائلة قولها “بجهدهم الخاص، بدأوا من الصفر وتنقلوا في قطاعات تجارية مختلفة، حتى تطورت مصالحهم وباتوا يمثّلون عصب الاقتصاد الأنغولي ويقبضون على قطاعات المقاولات والبنى التحتية والمواد الغذائية وبعض الزراعات والاتصالات. ووصل حجم وجودهم في هذه القطاعات إلى حد مشاركتهم مع عائلة الرئيس الأنغولي في مؤسسات عدة”.

2- تاج الدين تحت المجهر: مداهمات “أنتويرب” البلجيكية والماس الدموي

في العاشر من أيلول 2003، دهمت الشرطة البلجيكية بأمر من النائب العام عددا من المقرات والشركات والمحلات في منطقة “أنتويرب” التي تلقب بـ”منطقة الماس”.

وفقًا لموقع “De Standaard”، قام 60 محققًا، بقيادة قاضي التحقيق البلجيكي تييري فرين، بدهم 28 عنوانًا في هذه المنطقة والسبب الإشتباه بتجارة “الماس الدموي” بين بلجيكا وعدد من الدول الأفريقية بينها أنغولا والكونغو الديمقراطية.

منذ سنوات كثيرة، شارك العديد من اللبنانيين في تجارة الماس وكانوا على خطّ تجارته في الأسواق الدولية. على مرّ السنين، أنشأ هؤلاء الأفراد شركات خاصة بهم في أنتويرب لتسهيل نقل الأحجار الكريمة وزيادة أرباحهم. واشتبه المحققون في أن تجار الماس أصدروا بشكل منهجي فواتير كاذبة عن الماس الذي اشتروه في جمهورية الكونغو الديمقراطية لتمويه تجارتهم غير القانونية في “الماس الدموي” كما يقال له إذ أنه يتاجر به في مناطق الحرب الأفريقية.

التحقيق عام 2003 لم يشمل عائلة تاج الدين بالدرجة الأولى، بل عائلة الأحمد التي كانت تعيش في أفريقيا ولديها باع طويل في هذا النوع من التجارات، مع شركاء لها مثل دوغلاس فرح وابراهيم نصور.

رجل الأعمال اللبناني قاسم تاج الدين

لكن المداهمات شملت أيضا شركة “Soafrimex” التي يديرها قاسم تاج الدين نفسه. هذا الأخير كان في بيروت عندما تلقى اتصالا يبلغه بدهم الشركة. فذهب هو وزوجته طوعا إلى بلجيكا حيث تم اعتقالهما فورا إلى جانب أحد زملاء تاج الدين ومحاسب الشركة.

بحسب تقرير إخباري لموقع “diamonds.net”، إشتبهت السلطات أن “Soafrimex” تقوم بتصدير المنتجات الغذائية إلى أفريقيا وتدفع بالماس إضافة إلى اتهامات غسل الأموال والإحتيال الضريبي. كذلك تلقت وزارة أمن الدولة معلومات مفادها أن الشركة تمول منظمة غامضة تدعى “الجامعة العربية الأوروبية” ويرأسها دياب أبو جهجة. وكانت هذه التهم كافية لاحتجاز تاج الدين لمدة خمسة أشهر في السجن بموجب قانون الطوارئ قبل إطلاق سراحه.

في كتاب “البصمات الدولية لحزب الله” الصادر عام 2013، يتحدث الباحث ماثيو ليفيت عن عملية التوقيف هذه ويشير إلى تهم “الاحتيال الضريبي على نطاق واسع، وغسل الأموال، وتجارة الماس المشكوك في تحصيلها، بقيمة عشرات الملايين من اليورو”. لكنه لا يذكر أنه بعد ست سنوات، تم إسقاط جميع التهم المتعلقة بالإرهاب والماس.

استغرق الأمر ست سنوات لإسقاط معظم التهم، وهي الفترة التي مكث فيها تاج الديم بشكل رئيسي في بلجيكا، على الرغم من أنه احتفظ بجواز سفره البلجيكي وسافر دوليًا، بما في ذلك إلى الولايات المتحدة ولبنان. وأوضحت المحكمة البلجيكية أن لا علاقة له بأي منظمة “إرهابية” أو تجارة الماس غير شرعية لكنها أجبرته على دفع غرامة قدرها 150.000 يورو بسبب المخالفات المالية.

أما لماذا حوكم بمخالفات مالية، فالسبب يفسّره تاج الدين نفسه في مقابلة “ذا غارديان” البريطانية ويقول “كان (أخي) أحمد في الكونغو. عندما لا يتمكن من تمويل بعض السلع، أضع بعض المال وأحصل على بعض الأرباح (في المقابل). كان (التعاون مع إخواني) عن طريق الصفقة وليس الشراكة أو الملكية المشتركة. عندما يحصلون على شحنة من الأرز ولا يتمكنوا من تمويلها، كنت أمولها. مع الإخوة، تثق في بعضكما البعض، وقد لا يكون لديك دائمًا سجلات رسمية مفصلة. لقد تعاملت مع تجار الماس المسجلين الذين لديهم ترخيص للتصدير والاستيراد، في أفريقيا وبلجيكا، كوسيلة لتحويل الأموال “.

ويصر تاج الدين على إنه لم يشترِ أو يبيع الماس بشكل شخصي، بل استخدم تجار الماس لإجراء التحويلات المالية.

3- تاج الدين إلى لائحة “الإرهاب الدولي”

يوم خرج قاسم تاج الدين عام 2009 من محاكم بلجيكا دافعا مبلغ الـ150 ألف يورو، إعتقد أن مشاكله المالية قد حُلّت، لكن الرياح الغربية هبّت حيث لم تشته سفن وأعمال ابن الشرق. حينها، وفي هذا العام تحديدا، فُتحت نار جهنّم عليه.

في السابع والعشرين من أيار، تدرج وزارة الخزانة الأميركية تاج الدين على لائحة “الإرهابيين الدوليين” إلى جانب عبد المنعم قبيسي، والتهمة إنه “مساهم مالي مهم لحزب الله يدير شبكة من الشركات في لبنان وأفريقيا”.

وتقول الوزارة في بيانها ان “تاج الدين ساهم بعشرات الملايين من الدولارات لحزب الله” وأرسل أموالاً إلى الحزب خلال شقيقه علي تاج الدين (لم تسمِّ الوزارة علي بالإسم في بيانها). وقال أن شركات تاج الدين وأخواته تشكل غطاء لتمويل حزب الله. كما ربط البيان بين التصنسف وعملية أنتويرب وتهم غير مثبتة بـ”غسل الأموال وتجارة الماس”.

وعلّق تاج الدين على القرار “لقد فوجئت لأنني اعتقدت أن أمريكا ديمقراطية. اتصل بي صديق في منتصف الليل ليخبرني، وأيقظني. في اليوم التالي رأيت محامياً [في بلجيكا] ، على الرغم من أنه لم يكن يعرف بالضبط ماذا يعني ذلك”.

حاول في البداية تكليف محامٍ في الولايات المتحدة لكنه لم يكن راضياً عن التقدم في الملف، فلجأ إلى المحامي اللبناني شبلي الملاط.

أخذ ملاط على عاتقه ملف تاج الدين. منذ بداية الطريق أخبره أنه إذا أراد إخفاء أي شيء، فمن الأفضل عدم البدء بالإجراءات وأنه إذا تناول القضية ووجد في وقت لاحق أي حقيقة تظهر أنه دعم حزب الله مالياً فسوف يتوقف عن الدفاع عنه، كما روى ملاط نفسه لصحيفة “ذا غارديان”.

تعقدت الأمور لدرجة أن تاج الدين استعان بشركة محاماة رائدة في واشنطن واسمها ” WilmerHale” ثم شركة محاسبة دولية كبرى. لكن كل المحاولات أفضت إلى إدراج اسمه مرة ثانية عام 2015 على لائحة العقوبات ولكن هذه المرة انتقلت التهمة من إعطاء “عشرات الملايين من الدولارات لحزب الله” ، كما زُعم في عام 2009 ، إلى تقديم تبرعات غير محددة لمدارس حزب الله وتوظيف عضوين من الحزب. لكن بين عامي 2009 و2015، كُشِف الكثير عن العلاقة بين تاج الدين وإخوانه على الأرض الأفريقية، ودارت علامات استفهام حول أعمال لهم على الأرض اللبنانية.

4- الإخوة تاج الدين: من طريق الجنوب والجبل إلى “تاجكو” ومتفرعاتها

أ- تاج الدين على طريق الشوف: مخاوف جنبلاطية من تمدد الحزب 

قبيل التطرق إلى تصدر تاج الدين المشهد العالمي، لا بد من ذكر الجدل الذي أثاره رئيس الحزب “التقدمي الإشتراكي” وليد جنبلاط حول دور عائلة تاج الدين في تملّك أراضٍ بين الجنوب والجبل تنفيذا لمشروع تمدد حزب الله العسكري في عدد من القرى اللبنانية.

عام 2007 ، إتهم جنبلاط عائلة تاج الدين بأنه تقوم بشراء أراضي بشكل مشبوه على طول الساحل الجنوبي وصولا إلى قرى في الشوف. وتم التداول في أوساط حزب الله أن هذه الإتهامات كان لاحقا حجة للأميركيين لإدراج العائلة على لائحة الإرهاب وهذا ما كتبته صحيفة “الأخبار” المقربة من الحزب. لكن هذه ليست القصة الكاملة.

اللاعب الأول في هذه القضية علي تاج الدين وهو لاعب أساسي في شركة “جهاد البناء” التي تعهدت إعادة الإعمار بعد عدوان تموز 2006. ويقول الباحث ليفيت أن الإخوة تاج الدين استخدموا شركة أخرى لشراء أرض نيابة من حزب الله.

ليفيت بدوره اعتمد على كتاب “Warriors for God”، وهو كتاب للصحفي البريطاني نيك بلانفورد عام 2011 ، يفيد بأن علي تاج الدين اشترى أرضًا بين جزين ووادي البقاع في منطقة حيث قيل أن “حزب الله يبني مجتمعات شيعية تهدف إلى في ربط المجتمعات الشيعية في الشرق بالقرب من النبطية مع الآخرين في الغرب.

وكتب بلانفورد أن “جهاد البناء” قامت بتحويل مسار مملوء بالقليل من الحفر عبر الجبال بين جزين ووادي البقاع الجنوبي إلى طريق سريع أسفلت لامع”. وأضتف “بدأتُ في سماع قصص مساحات شاسعة من الأراضي في المنطقة التي عمل عليها تاج الدين (..) في قرية درزية صغيرة اسمها السريرة، أخبرني أحد السكان أن تاج الدين كان يدفع ما بين 2 و 4 دولارات لكل متر مربع من الأرض ، وغالبا ما يقبل سعر الطلب الأولي للبائع ويدفع نقدا”.

في الإطار عينه، كشفت صحيفة “نيويورك تايمز” عام 2011 أن الحزب عمل على مشاريع مماثلة إحدها “ربما تضمنت أغنى صفقة أرض في تاريخ لبنان، وهي شراء 240 مليون دولار في أواخر العام الماضي لأكثر من 740 فدانًا نقيًا تطل على البحر الأبيض المتوسط في منطقة الشوف”.

وكانت الصحيفة تقصد عقارا تبلغ مساحته ثلاثة ملايين وخمسمائة الف متر مربع إشتراه أحد أعضاء عائلة تاج الدين من رجل الأعمال المليونير روبير معوض، في بلدة “الدلهمية” التابعة عقاريًا لبلدة “الدبّية وتتميز بموقع استراتيجي مميّز.

وفي هذا الإطار قال مصدر معني متابع لحركة حزب الله على طول الساحل الممتد على طريق الجنوب – بيروت لموقع “جنوبية” عام 2016 أنّ “حزب الله يعمل منذ سنوات للسيطرة على الخط الساحلي بين الجنوب – بيروت عبر تملكه شققا سكنية في خلدة والناعمة وجدرا. وبناء مجمّع “المصطفى” في الجيّة. وهو أكبر المجمعات التابعة لحزب الله على خط الساحل. ومجمعاً سكنيا في السعديات استحدثه قبل ثلاث سنوات. وهناك أيضًا مجمّع “البحار” في وادي الزينة، وهو مجمع ضخم يقع على مدخل إقليم الخروب ذات الأغلبية السنية”.

في الواقع هناك مشاريع تملك كثيرة وردت تقارير عنها في وسائل الإعلام بينها مشروع “مديار” السكني وبعضها يمتد حتى إلى نهر الليطاني بجانب قوات الطوارئ الدولية “اليونيفيل”.

كل هذه المخاوف التي بدأت منذ عام 2007 كما أشرنا سابقا لم تردع المحامي شبلي ملاط عندما تولى قضية قاسم تاج الدين عام 2009 من ترتيب لقاء بين موكله وبين جنبلاط في المختارة، مكان إقامة الأخير.

وقال ملاط في حديث نشر عام 2016 في “ذا غارديان” أن جنبلاط “كان متشككًا في البداية. كان هناك الكثير من الخرائط (تظهر موقع الأرض). التقيا أكثر من مرة ، بل وأصبحا ودودين. كانت أرض تطوير”.

وكشف ملاط أنه “في عام 2011، كتب جنبلاط إلى مكتب مراقبة الأصول الأجنبية (OFAC) قائلاً إنه حقق في القضية ولا يعتقد أن تاج الدين له أي علاقة بحزب الله”. لكنه قال أيضا “ربما تكون هذه قطعة أرض مختلفة عن تلك التي (يشير إليها) ليفيت ، لكنها ضبابية. المؤامرة التي نوقشت مع وليد ليس لها علاقة بجزين”.

ب- الإخوة تاج الدين على لائحة “الخزانة” الأميركية

في 12 أيلول من العام 2010، صدر بيان جديد عن وزارة الخزانة الأميركية تعلن فيه فرض عقوبات على أخوي قاسم تاج الدين و”شريكي التجارة” علي وحسين تاج الدين.

وقالت الشركة أن شبكة الشركات التي يملكها أو يسيطر عليها الإخوة تاج الدين تقع في غامبيا ولبنان وسيراليون وجمهورية الكونغو الديمقراطية وأنغولا وجزر العذراء البريطانية.

وقال وكيل وزارة الخارجية لشؤون الإرهاب والاستخبارات المالية ستيوارت ليفي إن شبكة علي وحسين تاج الدين المتعددة الجنسيات تولد ملايين الدولارات من التمويل وتؤمن معاقل جغرافية استراتيجية لحزب الله.

كما أوضحت الخزانة أن علي تاج الدين هو لاعب رئيسي في جهاد البناء، وهي شركة بناء مقرها لبنان أسسها ويديرها حزب الله وحسين تاج الدين هو من هواة جمع التبرعات الأساسيين لحزب الله ومؤيد بارز لحزب الله في غامبيا. أما قاسم تاج الدين فيتبين أنه مالك لعدد من الشركات التي وردت على لائحة العقوبات. هذه الشركات هي بحسب بيان الخزانة:

  1. تاجكو TAJCO: شركة تجارية متعددة الجنسيات تشارك في التجارة الدولية وكذلك العقارات ويترأسها علي وحسين وقاسم . حتى شباط 2007، كان قاسم تاج الدين يملك تاجكو “واستخدم عائدات هذا العمل لتوفير ملايين الدولارات من الدعم المالي لحزب الله”.عمل حسين تاجدين ، المالك المشارك لشركة Tajco Ltd في غامبيا، كمدير إداري للشركة. كان علي تاج الدين و قاسم تاج الدين شريكين تجاريين ومالكين مشاركين لشركة تاجكو s.a.r.l، التي تعمل كشركة “تاجكو ال ال سي” في مدينة صور الجنوبية، مع علي تاج الدين بمثابة الشريك الإداري.
  2. سوبرماركت Kairaba: هي شركة فرعية تابعة لـ Tajco Ltd
  3. كونغو فيوتشر Congo Futur: كونغو فيوتشر: امن منتصف عام 2007، كان الأخوان علي وحسين تاج الدين يديران شركات تجارة المواد الغذائية والماس ويصدرها إلى حزب الله. منذ ذلك الحين، تقول الخزانة “يمتلك قاسم تاج الدين Congo Futur، الذي يعمل في تجارة المواد الغذائية والماس.
  4. Ovlas Trading S.A: يمتلك قاسم تاج الدين شركة Ovlas Trading التي تعمل في مجال تصنيع المواد الغذائية.
  5. Golfrate Holdings (أنغولا): مملوكة من قبل قاسم تاج الدين، Golfrate هي شركة فرعية مملوكة بالكامل لشركة Ovlas Trading، مع جزء من عملياتها الرئيسية الموجودة في أنغولا.
  6. غروبو اروسفران Grupo Arosfran: أسسها قاسم تاج الدين في لواندا بأنغولا عام 1991 وأدرجتها الخزانة كفرع أو شركة تابعة لـ Ovlas Trading في العديد من مواقع الأعمال الدولية.

لكن إسما رابعا من العائلة لم يدخل على لائحة العقوبات الأميركية وهو أحمد تاج الدين، شقيق الإخوة تاج الدين، والذي يقول أنه هو من يدير شركات سمّتها الخزانة الأميركية وأخرى لم تسمّها.

محلات Kairaba للتسوق التابعة لقاسم تاج الدين

ج- الشقيق الرابع إلى الواجهة: أحمد تاج الدين لخرق العقوبات؟

في تقرير خاص نشرته وكالة “رويترز” في آذار من العام 2012، كُشف أن جمهورية كونغو الديمقراطية منحت امتيازات لشركة ” Trans-M” التي يديرها أحمد تاج الدين، في أعمال بيئية داخل آلاف الهكتارات من الغابات لمدة تستمر 25 عاما.

ما كشفته أيضا “رويترز” أن الشقيق الرابع، غير الخاضع للعقوبات، يدير أيضا شركة “Congo Futur” التي وردت على لائحة وزارة الخزانة الأميركية.

وقال أحمد تاج الدين للوكالة البريطانية إن لا حصة لأخواته في “كونغو فيوتشر” أو “ترانس إم” وأن الشركات ليشت مرتبطة مباشرة ببعضها البعض. وأضاف “أنا المساهم الأكبر في الشركتين. لقد أنشأت الشركتين بشكل مستقل عن بعضهما البعض وإخواني لا علاقة لهم بالشركات”.

بعد أربعة أشهر فقط من إدراج العقوبات على الشركتين المذكورتين، تم تغيير إسم “Trans-M” إلى ” Cotrefor” وتمت إزالة أحمد تاج الدين من قائمة المساهمين فيها فيما بدا أنها محاولة إخفاء علاقة الشركة بـ”Congo Futur” الأمر الذي من شأنه أن تواصل تجارتها المربحة مع الولايات المتحدة نفسها.

والدليل على أن الشركة استمرت تحت قيادة الإخوة تاج الدين، هو تقرير نشرته وزارة التجارة الكونغولية عام 2013 يدرج ” Cotrefor” على أنها شركة تابعة لمجموعة “Congo Futur” وترسل الصادرات إلى الولايات المتحدة تحت إسم “Pacific Trading”. في الوقت نفسه إحتفظت الشركة بالعملاء والوكلاء في التجارة الدولية نفسهم. وللمفارقة بقيت في التداول تحت إسم ” Trans-M” حتى في الولايات المتحدة.

في هذا الوقت، وتحديدا في عام 2011، كانت أنغولا تجمّد نشاط شركات تاج الدين وكل أنشطتهم الإقتصادية، وأمرت شركة “تاجكو” بفض تعاملاتها وتصريف أعمالها إلا أنها لم تمنع أفراد العائلة من الدخول إليها والخروج منها كأشخاص عاديين، كما أفادت صحيفة “الأخبار” المقربة من حزب الله. وقال مصدر قريب من آل تاج الدين للصحيفة عينها فإن “القرار الأنغولي جاء تلبية لطلب من الولايات المتحدة بذريعة أن أفراد العائلة يدعمون الإرهاب”.

وسبق هذا الإجراء في أنغولا، دعوى أميركية تتعلق بغسيل أموال ضد البنك اللبناني الكندي، أودت بالمصرف اللبناني إلى الإفلاس وسيطرة بينك “سوسييته جنرال SGBL” على أصولة. إلا أن قاسم تاج الدين، الذي كان موجودا في أنغولا عند صدور القرار حاول تسوية الوضع، واستمر في الوقت نفسه بأعماله التجارية حتى مع شركات في الولايات المتحدة.

د- قاسم تاج الدين لم يتراجع: جني المال من جيوب الأميركيين!

بدا أن تاج الدين استمر في أعماله التجارية في فترة ما بعد العقوبات الأميركية، وحارب العقوبات ضده وراسل الحكومة الأميركية مرات عدة بغية توضيح طبيعة أعماله وبأنها منفصلة عن أشقائه، لكن الأخيرة كانت تعتبر ما يقوم به تضليل.

في هذا الوقت، إستمر عمل شركات تاج الدين أو متفرعاتها مع شركات أميركية على الأرض الإفريقية. وقد كشفت صحيفة “وول ستريت جورنال” في تحقيق لها عام 2016 أن إحدى الشركات التابعة لشركة Seaboard في وسط أفريقيا عملت مع شركة مرتبطة بعائلة تاج الدين بعد إدراجها في القائمة السوداء.

كذلك وجدت الصحيفة شركات أميركية قامت بأعمال تجارية مع شركات يديرها الإخوة تاج الدين، “بما في ذلك قاسم تاج الدين، الأخ الأكبر”، مشيرة إلى أن “بعض هذه الشركات تتاجر في الدواجن، والبعض الآخر في الأخشاب”.

اعتادوا زيارتنا في بلجيكا وأفريقيا، وكنت أزورهم في أتلانتا

قاسم تاج الدين

في جمهورية الكونغو الديمقراطية، على سبيل المثال ، أرسلت الشركات الأمريكية سلعًا، بما في ذلك الدواجن ، تقدر قيمتها بأكثر من 80 مليون دولار إلى الشركات المرتبطة بالإخوة تاج الديين في السنوات الثلاث التي تلت إدراج قاسم تاج الدين في القائمة السوداء.

من جهته نفى قاسم تاج الدين ارتكاب أي مخالفات وقال إنه لم يسمع قط بشركة Seaboard Corp. وقال للصحيفة عينها “أنا متأكد 100٪ من أنني لم أرتكب أي خطأ (..) لا علاقة لي بأي جماعة إرهابية” ما يعني انه كان مستمرا بأعماله.

وأجري تحقيق فدرالي أميركي عن العلاقات بين الإخوة تاج الدين والشركات الأمريكية عندما قام مكتب التحقيقات الفيدرالي عام 2012 بزيارة لعملاق تجارة الدواجن “تايسون فودز كورب”. وقال شخص مطلع على الأمر للصحيفة الأميركية إن مكتب التحقيقات الفدرالي كان مهتمًا بما إذا كان تايسون قد شحن إلى الشركات التابعة للإخوة تاج الدين في أنغولا بعد إدراج شركاتهم على لوائح الإرهاب.

وفيما نفت “تايسون” أي علاقة بالإخوة تاج الدين، لم ينف قاسم تاج الدين أن العلاقة معها تعود إلى سنوات مضت، وصرّح في حديث من بيروت إلى صحيفة “ذا غارديان” أن أي شركة أمريكية أرادت القدوم إلى أنغولا كانت تتصل به وكانت وزارة الزراعة الأمريكية “ترسل لنا الموردين، لأنهم أحبونا ورأوا أننا موثوق بهم، ودفعنا في الوقت المحدد”.

وأضاف “أصبحنا وكيل شركة Tyson في إفريقيا لمدة تتراوح من 10 إلى 15 عامًا، وتبادلنا في السنوات الخمس أو الست الماضية (كان يتحدث عام 2016) حوالى 100 مليون دولار أمريكي سنويًا. اعتادوا زيارتنا في بلجيكا وأفريقيا، وكنت أزورهم في أتلانتا. عندما ذهب ابني وابنتي، أعطاهم السيد تايسون طائرته للذهاب لرؤية المصنع”.

أيضا، أنشأ قاسم تاج الدين شركة “International Cross Trade Co” في الإمارات العربية المتحدة عام 2012 وأعلن أنها ليست مدرجة في قائمة الإرهاب الأميركية.

لكن في عام 2015، طلب المسؤولون الأمريكيون إذنًا في المحكمة الفيدرالية للاستيلاء على أكثر من 1.2 مليون دولار مرتبطة بالشحنات لشركات تاج الدين، بما في ذلك International Cross Trade. وفي عام 2016، تحركت وزارة العدل الأميركية لاسترداد هذا المبلغ.

هذا كله إضافة إلى شكاوى أخرى وردت إلى محكمة اتحادية في واشنطن منها ممارسات مكافحة غسيل الأموال الداخلية في HSBC و Deutsche Bank و Wells Fargo بالإضافة إلى بنك الخدمات المصرفية الائتمانية للائتمان ومقره نورث كارولينا .

في أوراق المحكمة المرفوعة، قال المدعون إن مصدراً للحوم المجمدة في ولاية كارولينا الشمالية، تم تحديده فقط باسم “الشركة أ” ، أرسل ما يقرب من سبعة ملايين جنيه إسترليني من البضائع إلى أنغولا لتسليمها إلى شركة سيكام المحدودة، وهي شركة مملوكة لشركة قاسم تاج الدين، بين كانون الأول 2013 وحزيران 2015. وبالمقابل ، قامت شركة International Cross Trade Company بتحويل مبلغ 460,800 دولار أمريكي من البنوك الإماراتية إلى حساب الشركة “أ” في فرع الخدمات المصرفية والائتمان.

وشملت دعاوى أخرى اتهامات لحزب الله بالمساعدة على تلبية الطلب المتزايد على المخدرات في أوروبا والشرق الأوسط عن طريق نقل الكوكايين من أمريكا الجنوبية إلى غرب إفريقيا وسوريا ولبنان. لكن الحزب كان ينفي دوما هذه الإتهامات.

https://twitter.com/AaronBeir/status/1070904763275894785

5- عملية “كاسندرا”: تاج الدين من الدار البيضاء إلى البيت الأبيض

في السابع من آذار 2017، قررت الولايات المتحدة تضييق الخناق على قاسم تاج الدين، واتهمته (إلى جانب متهم آخر واسمه عماد حسون) بالتآمر والاحتيال وغسل الأموال وانتهاك لوائح عقوبات الإرهاب العالمية.

بحسب نص الإدعاء المكون من 27 صفحة، استفاد تاج الدين خلال العقوبات عليه من لائحة طويلة من الشركات بينها ” Epsilon Trading FZE” و” Intemational CrossTrade Company”.

وجاء أيضا أن تاج الدين واصل التعامل مع أشخاص أميركين على الرغم من قانون حظر مثل هذه المعاملات التي تفرضها حكومة الولايات المتحدة واستمر في جني الأرباح المالية والفوائج المالية من الخدمات التي قدمها لأشخاص أميركيين وتضليل الحكومة الأميركية.

ما هي إلا ثلاثة أيام حتى صدرت مذكرة اعتقال بحقه عن مكتب الإنتربول في واشنطن. وفي 12 آذار إعتقل في مطار الدار البيضاء بالمغرب بينما كان في طريقه من العاصمة الغينية كوناكري إلى بيروت. على الفور أصدر محاميه شبلي الملاط بيانا شرح فيه أن “ان المزاعم كلّها التي صدرت بحق السيّد تاج الدين، سواء من الولايات المتحدة الاميركيّة، او المغرب، او اي بلد اخر، حول ارتباطه بنشاطات ارهابيّة، هي عبارة عن ادعاءات كاذبة”.

وفي 24 آذار أعلنت وزارة العدل الأميركية أن الاعتقال والاتهام “هما نتيجة تحقيق دام عامين بقيادة إدارة مكافحة المخدرات (DEA) وبمساعدة من الجمارك الأمريكية وحماية الحدود (CBP)”.

و قالت الوزارة أن “هذا الجهد هو جزء من مشروع كاساندرا التابع لإدارة مكافحة المخدرات، والذي يستهدف شبكة الدعم الإجرامي العالمية لحزب الله – والتي يطلق عليها إدارة مكافحة المخدرات اسمها كعنصر شؤون الأعمال (BAC) الذي يعمل بمثابة الذراع اللوجستي والمشتريات والتمويل لحزب الله”.

وأضافت “إخترقنا شبكة وسطاء تاجيدين المزعوم أنهم استخدموا لإخفاء تورطه، وتم إحضاره إلى الولايات المتحدة لمواجهة العدالة “.

بحسب لائحة الاتهام التي فسرتها الوزارة، زُعم أن تاج الدين ترأس أعمال توزيع سلع بمليارات الدولارات تعمل في المقام الأول في الشرق الأوسط وأفريقيا من خلال شبكة من الشركات والشراكات والأسماء التجارية المتكاملة رأسياً. كما تدعي لائحة الاتهام أن تاج الدين وآخرين يشاركون في مخطط متقن للانخراط في أعمال مع الشركات الأمريكية بطريقة خفية.

خلال هذه الفترة قال شقيقه أحمد تاج الدين لإذاعة “أوكابي” المغربية إنه هو من يملك شركة “Congo Futur” – ولا علاقة لشقيقه الموقوف بها. وبالطبع إن قاسم تاج الدين أنكر علاقته بالتهم الأحد عشر التي وُجّهت له.

في 2018، اعترف تاج الدين بالذنب في اتهامات تتعلق بالتهرب من العقوبات الأمريكية المفروضة عليه، وبغسل الأموال في انتهاك لانتهاك قانون السلطات الاقتصادية الدولية للطوارئ. وقال أنه تعامل مع خمسة أشخاص آخرين شخاص لإجراء معاملات بأكثر من 50 مليون دولار مع الشركات الأمريكية.

وبحسب موقع “العربية” وشملت التحويلات والبضائع هيوستن في تكساس، وسافاناه في جورجيا، ونيواورلينز في لويزيانا، وموبيل في ألاباما، بالإضافة إلى أنغولا والإمارات.

بالإضافة إلى ذلك، شارك تاج الدين “والمتآمرون معه عن علم في معاملات خارج الولايات المتحدة، والتي تضمنت تحويلات تصل إلى مليار دولار عبر النظام المالي للولايات المتحدة” بحسب بيان وزارة العدل.

وفي آب من عام 2019، حُكم عليه بالسجن لمدة خمس سنوات تبدأ منذ لحظة اعتقاله وأمرت المحكمة بمصادرة 50 مليون وقبل وفق الإتفاق القضائي بدفع هذا المبلغ تعويضا عن خرقه للقوانين الأميركية.

أنا مسلم ، وأنا من جنوب لبنان. هل يجب أن أغير اسمي

قاسم تاج الدين عام 2016

6- مفاجأة الإفراج عن تاج الدين في الـ64: نصرالله كان يعلم؟

فجأة، وفي جلسة استماع في 28 أيار الفائت، منح قاضي محكمة المقاطعة الفيدرالية بواشنطن ريجي والتون الإفراج عن تاج الدين الذي أصبح يبلغ من العمر 64 عاماً بسبب “الظروف الصحية الخطيرة” التي جعلته عرضة لخطر الإصابة بجائحة فيروس كورونا المستجد داخل سجن كمبرلاند الفدرالي في ولاية ماريلاند.

بحسب وكالة “فرانس برس”، قدمت وزارة العدل حججها بأن تاج الدين في حالة جيدة نسبيا لرجل بعمره، ولم يكن هناك وجود لحالات فيروس كورونا في السجن، إلا ان القاضي ريجي والتون رفض هذه الحجج.

في 11 حزيران تم إطلاق سراحه من السجن الفيدرالي بعد الحجر الصحي لمدة أسبوعين وانتقل إلى مركز احتجاز المقاطعة في انتظار الترحيل.

وقالت المحكمة الجنائية الدولية بحسب ما أوردته الوكالة الفرنسية، “في هذا الوقت ، تم تحديد موعد لرحلة طيران مستأجرة إلى لبنان في يوليو 2020” وبهذا لم يكمل محكوميته التي كان من المفترض أن تستمر حتى عام 2023.

وعندما سألت الوكالة محاميه عن التكهنات بأن إطلاق سراحه جاء ردا على إطلاق السلطات اللبنانية سراح عمر الفاخوري ، وهو لبناني يحمل الجنسية الأميركية ومتهم بتعذيب معتقلين لبنانيين في سجن الخيام إبان الإحتلال الإسرائيلي للبنان، ردّ محاميه وليام تايلور “لقد كان هذا الإفراج بدافع الرأفة بشكل مباشر، يمكنك أن ترى ذلك من الصحف. لا علاقة له بفاخوري”.

وبالفعل، وطأت قدما تاج الدين أرض بيروت في الثامن من تموز. ومنذ ذلك الحين، ساد الصمت المطبق من قبل السلطات اللبنانية على عكس التصريح المباشر للرئيس الأميركي دونالد ترامب الذي شكر فيه رسميا الحكومة اللبنانية لإطلاق سراح الفاخوري. كذلك، ساد الصمت من جانب حزب الله الذي نفى أمينه العام السيد حسن نصرالله في آذار الفائت وجود صفقة مقابل إطلاق الفاخوري قائلا “ما نعلمه هو عدم وجود صفقة، وبالتالي نحن لسنا طرفاً في صفقة أو نغض الطرف عنها أو نسكت عنها”.

لكن بالرجوع بعض الشيء إلى الوراء، لم يكن خافيا على العديد من الوسائل الإعلامية وعلى مسرح التصاريح السياسية أن تاج الدين خرج وفق صفقة دولية، فيما بدا أن حزب الله وافق على مضض.

سبب هذا الإعتقاد ما كشفه نزار زكا المعتقل السابق لدى ايران منذ 19 حزيران الفائت في حديث لقناة “LBCI” أن قاسم تاج الدين “سيطلق قريبا”.

في الشهر نفسه، حصلت عمليتا إفراج بين الولايات المتحدة وإيران: واشنطن تفرج في 3 حزيران عن العالم الإيراني سايروس عسكري بعد نحو ثلاثة أعوام من سجنه بتهمة التجسس، وفي اليوم التالي طهران تفرج عن الجندي الأمريكي السابق مايكل وايت الذي تم توقيفه في تموز 2018 في إيران بتهمة إهانة المرشد الأعلى للثورة الإسلامية في إيران علي خامنئي.

عليه، يقول زكا بحسب ما نقل عنه موقع صحيفة “إندبندنت عربية” إن عملية الإفراج عن قاسم تاج الدين هي “ذات بعد إقليمي وليست فقط تسوية داخلية لبنانية”، ويضيف “كل الأطراف في بيروت كانت على علم بخلفيات الموضوع” مؤكدا أن “حزب الله أُبلغ محلياً بكل المعطيات ووافق على إتمام عملية الإفراج وإيران أنجزت كل التسهيلات الممكنة بما في ذلك الطلب من حزب الله عدم الاعتراض”.

قاسم تاج الدين في صورة مع عائلته بعد عودته إلى بيروت في 8 تموز 2020 (AFP)

وتابع زكا “لولا الضغوط المحلية والخارجية التي تعرّض لها الحزب لما كان وضع نفسه في مواجهة مع عقيدته وبيئته وخطاباته الرافضة لأي صفقة مع الولايات المتحدة الأميركية”.

أضف إلى ذلك، تقرير حديث لوكالة “رويترز” البريطانية نشر باللغة الإنجليزية في 13 تموز، نقلت فيه عن ثلاثة مسؤولين كبار في الشرق الأوسط إن إطلاق سراح تاج الدين هو “نتيجة لاتصالات غير مباشرة بين طهران وواشنطن يتوقع أن تسفر عن مزيد من عمليات الإفراج”.

وفي التفاصيل، إن الإفراج عنه كان جزءا من المسار نفسه الذي أسفر العام الماضي عن الإفراج عن زكا من إيران والمواطن الأميركي سام جودوين من سوريا. ونقلت الوكالة عن مسؤول في الشرق الأوسط لم تسمّه، أن الإفراج هو “مقدمة لمزيد من الصفقات المحتملة التي تشمل نحو 20 شخصا”. هذا وذكر اثنان من المصادر أن مدير عام الأمن العام في لبنان عباس ابراهيم يقوم بدور الوسيط الرئيسي في العملية.

في هذا الوقت، ما زالت الخارجية الأميركية، يضاف إليها عائلة تاج الدين نفسها، والمحامي شبلي الملاط، ينفون وجود أي صفقة.

وحتى تتبلور الصورة كاملة، يلتزم قاسم تاج الدين نفسه الصمت. هو الذي ما زال على لائحة العقوبات الأميركية وممنوع من ممارسة الأعمال عبر نظامها المالي. وعلى غرار أخيه الذي قال لصحيفة “وول ستريت جورنال” انه يحبّ حزب الله “والكل يحب حزب الله لكن لا علاقة لي معهم”، ربما سيختار الصمت مجددا. صمتٌ خرقه عام 2016 في مقهى بيروتي قائلا “أنا مسلم ، وأنا من جنوب لبنان. هل يجب أن أغير اسمي؟ هل سيحل ذلك المشكلة؟ الأميركيون لديهم سجلات للجميع ، إنهم يعرفوننا جيدًا. إذا كان شخص ما يكذب، تعرف (أميركا). ربما لا يمكنك التأكد بنسبة 100٪، ولكن في أغلب الأحيان يمكنك معرفة ذلك”.