فيما كورونا يضرب بـ«السيف».. ما هو المطلوب من الحكومة بدل العراضات و«الدبكة»؟

وزير الصحة حمد حسن راقصا بالسيف خلال حفل له في راس العين (تويتر)
هذا المقال هو ضمن ملف "فيروس كورونا: جائحة تمتحن الأرض" من موقع "جنوبية" المهتم بنقل كواليس التطورات التي يحدثها فيروس كورونا المستجد حول لبنان والعالم. تبحث في التحليلات التي ترافق عمل الحكومات وخلفيات الأحداث التي استجدت في المشهد العالمي على وقع انتشار وباء كوفيد 19.

لا شك أن شهر حزيران أتى ببعض الأرقام المخيفة في عدد إصابات فيروس كورونا المستجد في لبنان. ولا شك أيضا أن شيئا لم يتغير.

إلا أن أكثر المشاهد تداولا بين الناس، هو مشهد وزير الصحة يرقص بالسيف وحوله الفرقة التي تحمل الترس، في مشهد أثار جدلا بين الكثير من اللبنانيين، خصوصا إنه تزامن مع صدور تقرير وزارة الصحة الذي يفيد عن 51 إصابة جديدة في البلاد.

للمفارقة، لو أن رقم 51 إصابة أتى في أيار، أو في نيسان، لكان الهلع دبّ أكثر في النفوس، ولكانت الناس الملتزمة بنسبة كبيرة بالإجراءات زادت من إجراءاتها خوفاً من الوباء. إلا أن المشهد ليس مماثلا اليوم، بسبب تخفيف الإجراءات وهو قرار لن تعود عنه الحكومة اللبنانية (وغيرها من الحكومات في العالم طبعا) لاعتبارات شتة أبرزها الشق الإقتصادي.

أمام هذا الواقع، ما هي الخيارات المتاحة أمام الحكومة وهل فعلا ما زال بإمكانها التحرك تجاه الوباء؟ في المقابل، ما الذي تفعله الحكومة الحالية؟

التواصل المفقود: ما المطلوب من الحكومة؟

في الحقيقة، يبدو أن التواصل بين الحكومة والناس بات شبه مفقود بعد مرحلة الفتح التدريجي للقطاعات في البلاد. وعلى ما تقول الباحثة في الصحة العامة في جامعة ألبرتا الكندية الدكتورة فاطمة الصياح، إن الإستراتيجية الناجحة للخروج من مرحلة الإغلاق “تتطلب تعاونًا واسعًا بين الحكومات والجمهور، وهو ما كان واضحًا في دول مثل نيوزيلندا”.

وتقول الصياح في تحليل نشر على موقع “المركز اللبناني للدراسات” إنه في المراحل الأولى لتفشي وباء في لبنان ، كانت هناك درجة عالية نسبيًا من الإجماع السياسي والعام على الحاجة إلى إغلاق صارم. لكن خلال فترة التفشي، تلاشى الإجماع إلى حد كبير بسبب عدة عوامل من بينها الاستقطاب السياسي الذي تفاقم بسبب الأزمة الاقتصادية المتفاقمة.

هنا، بعض الخطوات المطلوبة من الحكومة في هذه المرحلة بحسب الصياح، لتفعيل إجراءات التباعد الجسدي والتعقيم وإجراءات التنظيف المستمرة الضرورية:

  1. تعيين مسؤول في وزارة الصحة العامة (مثل كبير الأطباء) إلى جانب وزير الصحة العامة لتقديم تحديثات متكررة حول استراتيجية الحكومة وحالة تفشي كورونا في البلاد. يمكن للشخصية الطبية والعلمية غير السياسية توصيل رسائل الصحة العامة للجمهور بشكل أكثر فعالية.
  2. الانخراط والتعاون مع الخبراء العلميين والطبيين وكذلك الزعماء الدينيين وغيرهم من قادة المجتمع الذين يمكن اعتبارهم مصادر معلومات أكثر مصداقية وجديرة بالثقة في مجتمعات أو مجموعات معينة لمشاركة وتعزيز رسائل الصحة العامة
  3. تعزيز السلوك التعاوني في المجتمع والتأطير الإيجابي للمعلومات، من خلال الإبلاغ على سبيل المثال عن عدد الأشخاص الذين تعافوا، أولئك الذين يعانون من أعراض خفيفة، وقصص لأشخاص في الحجر الصحي
  4. التعرف على المعلومات الخاطئة وتصحيحها وتطوير حملات إعلامية موجهة للصحة العامة وخاصة داخل المجتمعات المهمشة مثل مخيمات اللاجئين والأحياء الفقيرة

ما الذي تفعله الحكومة حاليا؟

في الحقيقة، شحّت استراتيجية التواصل شيئا فشيء، واعتمدت الحكومة نموذجا معاكسا في هذا المضمار. أكثر من ذلك، ما زالت بعض الخطوات العملية الضرورية مبهمة بعض الشيء. الوقائع هي تقودنا إلى هذه النتيجة الحالية:

  1. استراتيجية «عرس الوزير»: في الواقع، تواصل وزير الصحة حمد حسن في هذه المرحلة الشائكة مع المواطنين عبر حفل أشبه بعرس في بلدة رأس العين البقاعية، تخلله الرقص وفق أصول “العراضة الشامية” التي تشمل الدبكة والسيف والترس. من المحتفلين من وضع كمامة ومنهم من لم يضعها. وللعلم، نشرت صور الحفل على حساب وزارة الصحة الرسمي على موقع تويتر، وفيديو الحفل على الحساب الرسمي للوزير. تزامنا، تنشر الوزارة التقارير اليومية عن الإصابات، داخلها خانة “توصيات وزارة الصحة العامة” التي تدعو إلى إلزامية ارتداء الكمامة والعزل والسلوك الفردي الوقائي مع التحذير بإن عدم الإلتزام بالتدابير الوقائية يزيد من خطر انتشار العدوى
  2. الكمامات: لطالما اتفقت دراسات عدة على أهمية استعمل الكمامات أو أقنعة الوجه للحماية من قطيرات الحامل للفيروس. بالفعل تسلمت وزارة الصحة بتاريخ 2 حزيران مليون كمامة قالت أنها ستوزعها وفق آلية محددة على المناطق. وحتى هذه اللحظة، وفيما وصلنا تقريبا إلى نهاية الشهر، لم يعلن عن توزيع هذه الكمامات على المواطنات والمواطنين.
  3. أجهزة التنفس الإصطناعي: بعد أكثر من ثلاثة أشهر على إعلان التعبئة العامة (المستمرّة للمناسبة حتى الخامس من تموز) ما زال رقم هذه الأجهزة غير واضح البتة، وهذا ما جاء على لسان وزير الصحة نفسه في الثامن من الجاري إذ قال أن الوزارة ما زالت بصدد “تحديد الحاجة الفعلية لأجهزة التنفس الإصطناعي”