الحياة تعود إلى طبيعتها.. هل طوى لبنان صفحة «كورونا»؟

بائع خضار في مخيم شاتيلا في لبنان يرتدي كمامة للوقاية من فيروس كورونا (رويترز)
هذا المقال هو ضمن ملف "فيروس كورونا: جائحة تمتحن الأرض" من موقع "جنوبية" المهتم بنقل كواليس التطورات التي يحدثها فيروس كورونا المستجد حول لبنان والعالم. تبحث في التحليلات التي ترافق عمل الحكومات وخلفيات الأحداث التي استجدت في المشهد العالمي على وقع انتشار وباء كوفيد 19.

عادت الحياة تدريجيا إلى طبيعتها في لبنان بعد حوالى ثلاثة اشهر شهدت بعضها اغلاقا تاما وبعضها الآخر اغلاقا جزئيا، لمكافحة انتشار جائحة فيروس كورونا المستجد.

على غرار العديد من الدول، فتحت الحكومة قطاعاتها جرئيا، تمهيدا للفتح الكلي. وما زاد من وجود الناس في الشارع هو إلغاء قرار المفرد والمزدوج الذي كان الإلتزام به أصلا نسبيا.

إلا أن لبنان، لم يعلن حتى الآن، السيطرة على الوباء مثل تونس أو نيوزيلندا أو غيرها من الدول. إذا، بين المظاهر الطبيعية للحياة والخوف من اعلان القضاء على الوباء، ما الذي يجب أن نعرفه وفي أي خانة نحن حاليا.

أين وضع لبنان الآن؟

وفق التصنيفات التي تعتمدها وزارة الصحة ومكتب منظمة الصحة لعالمية في لبنان، ما زالت بيروت في المرحلة الثالثة من “الجهوزية والإستجابة” للوباء. وكل ما يقال عكس ذلك، هو حتى الآن غير رسمي ولا تسير وزارة الصحة (أقله رسميا) على أساسه.

هذه المرحلة الثالثة عنوانها «محاولة احتواء الوباء» وتشمل هذه المرحلة  اجراء تقييم قدرات المستشفيات الحكومية لاستيعاب الحالات وتجهيز المستشفيات الحكومية بالأدوات والأجهزة الطبية اللازمة.

وبالفعل تسلم وزير الصحة حمد حسن الثلاثاء ثلاثة عشر جهاز تنفس إصطناعي تقدمة من «نقابة مستوردي المواد الغذائية» لوضعها برعاية وزارة الصحة في تصرف القطاع الصحي. وفي حال اشتداد الأزمة، توصي المرحلة الثالثة في احدى نقاطها بـ«تفعيل خطة الطوارئ الخاصة بالمستشفيات داخل المستشفيات الخاصة بتجهيز نفسها استعدادا للمرحلة الرابعة» أي التفشي المجتمعي.

وزارة الصحة: خائفة.. غير خائفة!

من يتابع تصريحات وزير الصحة، يتيقّن أن «كورونا» في لبنان انتهت ولم تنته. فمن ناحية، نعلن النجاح ومن ناحية أخرى نعلن أن المعركة لم تتنه بعد.

ففي العاشر من الجاري، قال الوزير حمد حسن أن لبنان على تحدٍ جديد في التعامل مع وباء كورونا، يتمثل في اقتراب إعادة فتح مطار رفيق الحريري الدولي واستقبال المغتربين اللبنانيين والموسم السياحي، مشددا على أن المعركة مع الفيروس «لم تنته حتى الآن».

أما في السادس عشر من حزيران فقال حسن إن «نجاح وزارة الصحة العامة في مكافحة وباء كورونا هو نجاح لجميع اللبنانيين والحكومة والإدارات والمجتمع الذي التزم إلى حد كبير بكل الإرشادات والتعليمات الصادرة عن اللجنة الوطنية لمكافحة وباء كورونا ووزارة الصحة العامة».

أكثر من ذلك، يبدو أن قرارات التعبئة العامة التي تمتد إلى الخامس من تموز، توحي بهذا الخوف والتردد، إذ كيف تسمح الدولة بإجراء انتخابات الجامعة اللبنانية في 22 حزيران (بحسب تعميم صدر عن رئاسة الجامعة)، وتعلن التعبئة حتى الخامس من تموز في الوقت عينه؟ وكيف يُعلن فتح المطار في الأول من تموز فيما التعبئة مستمرة حتى الخامس منه؟

لماذا لا يمكن للبنان أن يعلن الإنتصار الآن؟

هناك عوامل كثيرة لا تسمح للبنان، الاعتبار بشكل كلي انه انتصر على جائحة فيروس كورونا المستجد، على الرغم من كل مظاهر الحياة الطبيعية ومن نسبة الإصابات القليلة. أبرز هذه العوامل

  1. فتح المطار: كما قال وزير الصحة، إن مرحلة ما بعد فتح مطار رفيق الحريري الدولي في الأول من تموز هي مرحلة صعبة. بالفعل، لا يمكن التكهن بنتائج هذه العودة المشروطة خصوصا ان المرحلة الثالثة تفرض مراقبة شديدة للحدود البرية والبحرية والجوية معا. يعزز هذا الخوف النسبة المرتفعة من الاصابات بين الوافدين. نسبة الاصابات من الوافدين شكلت 33.3% يوم 16 حزيران و50% يومي 14 و15 حزيران على سبيل المثال.
  2. مؤشر الإصابات: لا يدل شهر حزيران على انخفاض ملحوظ في عدد الاصابات. إذ، وبحسب إحصاء موقع «جنوبية» سجّل شهر حزيران من بدايته حتى تاريخ 16 حزيران 253 إصابة. بالمقارنة مع شهر أيار (الذي سجّل أعلى نسبة إصابات حتى الآن) فقد سجّل من بدايته حتى السادس عشر منه 120 إصابة فقط. صحيح أن هذه المقارنة ليست مقارنة علمية شاملة لكنها كفيلة بأن تدلنا على أن مؤشر الإصابات لم ينخفض، خصوصا إذا أضفنا إليها على سبيل المثال أن شهر نيسان بكامله سجّل 262 إصابة فقط
  3. نسبة الوفيات: نسبة الوفيات هي من المؤشرات المهمّة التي تبنى على أساسها معطيات تقدم الدول في مكافحة الوباء. في لبنان، انخفضت هذه النسبة ووصلت حاليا إلى 2.17% بعدما كانت 3.3% الشهر الفائت. إلا أن هذا لا يعني أن الوفيات توقفت. بالإضافة إلى ذلك، لا تقتصر الإصابات على البالغين وهذا مؤشر غير صحي. مثلا في الخامس عشر من حزيران كان هناك 11 إصابة من أصل 18 ممن يبلغون من العمر أقل من 18 عاما.