لغز منشأ كورونا يعود إلى الواجهة: هل أخفت الصين معلومات خطيرة؟

عاملون صحيون يأخذون عينات من سكان في ووهان (Getty)
هذا المقال هو ضمن ملف "فيروس كورونا: جائحة تمتحن الأرض" من موقع "جنوبية" المهتم بنقل كواليس التطورات التي يحدثها فيروس كورونا المستجد حول لبنان والعالم. تبحث في التحليلات التي ترافق عمل الحكومات وخلفيات الأحداث التي استجدت في المشهد العالمي على وقع انتشار وباء كوفيد 19.

يضيق الخناق على الصين للتحقيف بمنشأ فيروس كورونا المستجد الذي تفشى عبر وباء كوفيد 19 في العالم منذ أشهر، في حين لم تتوصل الدول إلى خطوات ملموسة يسمح بتحدد المصدر الأساسي للوباء الذي شغل البشرية.

وفي حين برزت دراسات جديدة تعيد نظرية “المختبر” إلى الواجهة، وافقت الدول الأعضاء في منظمة الصحة العالمية على إجراء تحقيق مستقل حول استجابتها للوباء والتعامل معه.

وخلصت إلى قرار يدعو إلى “تحقيق محايد ومستقل وشامل” حول استجابة المنظمة للأزمة، بما في ذلك التحقيق في إجراءاتها و”جداولها الزمنية المتعلقة بجائحة كوفيد 19″.

لكن هذا القرار، وقبل التوصل إليه بموافقة جميع الدول بينها الصين واليابان وروسيا، تحول قبل الجلسة إلى ما يشبه محاكمة للصين، بتحويل التحقيق إلى الكشف عن مصدر الوباء وارتباط منظمة الصحة العالمية بكتم معلومات من الصين كما تتهمها الولايات المتحدة.

صياغة القرار أتت ضعيفة مقارنة مثلا بدعوات أستراليا السابقة للتحقيق في دور الصين ومسؤوليتها في أصل الوباء.

لكن ما الذي أعاد اللغز إلى دائرة الضوء مجددا وما هي المعلومات والدراسات الجديدة حول هذا الأمر؟

نظرية “المختبر” إلى الواجهة من جديد

في دراسة على موقع للدراسات البيولوجية bioRxiv من تأليف علماء من جامعتي كولومبيا البريطانية في وهارفارد ومعهد ماساتشوستس للتكنولوجيا في الولايات المتحدة، قالت النتيحة “أنه بحلول الوقت الذي تم فيه اكتشاف السارس – CoV-2 لأول مرة في أواخر عام 2019 ، كان قد تم تكييفه مسبقًا للانتقال البشري إلى حد مشابه للوباء المتأخر السارس – CoV”، ما يعني عودة نظرية المختبر إلى الظهور.

لكن التحليل يشرح أنه لا يوجد حتى الآن دليل واضح يشير إلى أصل محدد للفيروس. وأوضح الباحثون، بناء على التركيب الجيني وعينات من الفيروس، أنه لا يزال من غير الواضح ما إذا كان السارس – CoV – 2 يتكيف داخل حيوان وسيط، أو داخل الإنسان أو في بيئة علمية. من المحتمل أن يكون قد قفز من الأنواع إلى الأنواع داخل المختبر.

وكتب المؤلفون: “حتى احتمال أن يكون السلائف غير المعدلة وراثيا قد تكيفت مع البشر أثناء دراستهم في المختبر يجب النظر فيه ، بغض النظر عن مدى احتمالية أو عدم احتماله”.

في الختام، تحذر الدراسة من أن الاحتمالات المختلفة لكيفية بدء تفشي المرض في البشر “تعني أننا بحاجة إلى اتخاذ الاحتياطات ضد كل سيناريو لمنع عودة الظهور”.

من جهته حذّر موقع “bioRxiv” من أن الدراسات المنشورة على موقعه يجب ألا “تعتبر حاسمة، أو توجه العلاج السريري/السلوك المتصل بالصحة، أو يتم الإبلاغ عنها في وسائل الإعلام كمعلومات ثابتة”.

الأسئلة حول المختبرات تعود مجددا

مسؤول صيني يعترف: سلطات ووهان تكتمت عن الكثير

فيما يعتبر أول تصريح رسمي خطير، قال الدكتور تشونغ نانشان، كبير المستشارين الطبيين للحكومة الصينية والوجه العام المألوف في معركة الصين ضد Covid-19، أن السلطات المحلية في ووهان، المدينة التي تم الإبلاغ فيها عن فيروس كورونا المستجد لأول مرة في كان ديسمبر قد حجبت تفاصيل رئيسية حول حجم تفشي الفيروس.

في 20 يناير، كان تشونغ أكد على محطة CCTV الإذاعية الحكومية أنه يمكن أن ينتقل الفيروس التاجي بين الناس، بعد أن أكدت سلطات ووهان الصحية لأسابيع أنه لا يوجد دليل واضح على انتقال الفيروس من شخص إلى آخر، وأن الفيروس كان ” يمكن منعه والسيطرة عليه”.

زار تشونغ ووهان في 18 يناير. وقال إنه عند وصوله ، تلقى العديد من المكالمات من الأطباء والطلاب السابقين، محذرًا إياه من أن الوضع كان أسوأ بكثير من تقارير المسؤولين في المنطقة.

وعلّق في حديثه الأخير لمحطة “CNN” الأميركية قائلا “إن السلطات المحلية لم تشأ قول الحقيقة في ذلك الوقت”. واضاف “في البداية بقوا صامتين ثم قلت على الارجح ان لدينا (اكبر) عدد من المصابين”.

وتابع قائلا أنه شعر بالريبة عندما استقرّ عدد الحالات المبلغ عنها رسميًا في ووهان عند 41 إصالة لأكثر من 10 أيام – على الرغم من ظهور الإصابات في الخارج. وقال “لم أصدق هذه النتيجة ، لذلك بقيت أسألهم عن الرقم الحقيقي. أعتقد أنهم كانوا يحجمون عن الإجابة على استفساراتي”.

ماذا يقول عن نظرية ترامب؟

وحول نظرية الرئيس الأميركي ومعه العديد من المسؤولين الأميركيين بأن الفيروس نشأ في مختبر ووهان، رفض تشونغ هذه النظرية.

وقال إنه سأل مرارا شي زنغلي، كبيرة علماء الفيروسات في معهد ووهان للفيروسات، عن هذه المزاعم و”قالت إن هذا سخيف للغاية”، وأضافت كما نقل عنها ” بناء على معداتهم وقدراتهم والقوى العاملة … لم يتمكنوا من فعل أي شيء، أي نوع من الفيروسات الاصطناعية في الوقت الحالي”.

وقال تشونغ إنه في أوائل شباط ، أمضت سلطات مكافحة الأمراض في الصين أسبوعين في التحقيق في مختبر ووهان “ولم تجد أي شيء”.

هل تم تدمير الأدلة؟

موقع ” wionews، نقل عن أحد مندوبي الصين لدى منظمة الصحة، ليو دينغ فنغ المسؤول بقسم العلوم والتعليم، قوله بأن بكين أمرت “مختبرات غير مرخصة” بتدمير عينات من فيروس كورونا في المراحل الأولى من تفشي المرض.

وقال دينغ فنغ أن الصين لم تفرض قيودًا على تجارب العينات فحسب ، بل حظرت أيضًا المختبرات من جمع أو نقل عينات من الفيروس.

ومع ذلك، حاول المسؤول الإستدراك قائلاً إن القرار يتماشى مع الممارسة المعيارية للصين في التعامل مع العينات شديدة الإمراض وأنه تم اتخاذه لأسباب تتعلق بالسلامة البيولوجية ومنع الكوارث الثانوية.

ولم يستطع “جنوبية” تأكيد هذا التصريح من مصادر معروفة عالميا، لكن بحثنا عن الإسم المذكور وتبيّن أنه وارد كأحد المسؤولين الصحيين في موقع منظمة الصحة العالمية.