العائدون على «متن» كورونا: هل تنفجر قنبلة المرحلة الثالثة؟

أحد العمال يرش مادة مطهرة كإجراء احترازي ضد انتشار كورونا في مطار رفيق الحريري الدولي - بيروت (EPA)
هذا المقال هو ضمن ملف "فيروس كورونا: جائحة تمتحن الأرض" من موقع "جنوبية" المهتم بنقل كواليس التطورات التي يحدثها فيروس كورونا المستجد حول لبنان والعالم. تبحث في التحليلات التي ترافق عمل الحكومات وخلفيات الأحداث التي استجدت في المشهد العالمي على وقع انتشار وباء كوفيد 19.

على مدى الشهرين المنصرمين، شكّل ملفّ المغتربين بندا أساسيا في أولويات الدولة ووزارة الصحة اللبنانية لناحية التعامل مع انتشار وباء كوفيد 19 الناجم عن جائحة فيروس كورونا المستجد في البلاد.

دخل هذا العامل الأساسي على خط الأزمة، في بلد ينتشر أبناؤه في أصقاع الأرض وأراد قسم منهم العودة في زمن “كورونا” لاعتبارات عدة بينها الضغوط الإقتصادية والمالية الهائلة لدى قسم كبير منهم في بعض البلدان.

ولمّا كان هذا الملف إنسانيا بالدرجة الاولى، شكل محل تجاذب سياسي بين أفرقاء الحكومة إلى حين تقررت عودتهم وبدأت المرحلة الأولى من عودة المغتربين في الخامس من نيسان الفائت.

قُسّمت هذه العودة على مراحل، بدأت المرحلة الثالثة منها في 14 أيار الجاري. إلا أن هذه المرحلة تثير الكثير من التساؤلات، سيّما أن العدد مرتفع جدا هذه المرة، من دون وجود خطة واضحة للدولة في ضبط انتشار الوباء.

الوقائع: أرقام المغتربين

  • في المرحلة الأولى من العودة، عاد 2300 مغترب إلى الأراضي اللبنانية أي بين الخامس والثالث عشر من نيسان
  • في المرحلة الثانية، أي من 28 نيسان حتى 8 ايار وصل حوالى 5500 على متن 40 رحلة بحسب موقع “الميدل إيست” أولها من لارنكا وآخرها من لندن إلى بيروت
  • المرحلة الثالثة هي المرحلة الأكبر: 73 رحلة بحسب جداول الموقع نفسه. وقال رئيس شركة طيران “الشرق الأوسط” محمد الحوت أن عدد الركاب سيكون حوالى 11 الف و300 شخص علما أن هذه المرحلة تمتد من 14 أيار حتى 24 من الشهر عينه

في قراءة الأرقام: أسئلة للمعنيين

  • بحسب الرقم المزود من السلطات أي 2300+5500  يكون مجموع العائدين قبيل انطلاق المرحلة الثالثة 7700 شخص، يبقى 850 شخصا وصلوا وأجروا فحوصات تحت اسم الوافدين لأن الرقم حتى الآن يشير إلى 8550. إذا كان الرقم المتبقي هو عدد الوافدين قبل تاريخ الخامس من نيسان، هل هو العدد الذي دخل إلى لبنان قبل قرار إقفال مطار رفيق الحريري الدولي وماذا حلّ بهذا العدد من ناحية الإصابات والشفاء وغيره؟  
  • ما هو عدد الطائرات الخاصة التي تحطّ في مطار بيروت بشكل يومي (لا استناءات منذ أكثر من شهرين إلا يوم واحد في 8 أيار) وهل يخضع الآتون عبرها لفحوصات PCR؟
  • في حين يقول الحوت أن العدد يناهز الـ12 ألف عائد ماذا عن معلومات صحيفة “الاخبار” في عددها الصادر يوم 15 أيار أن العدد قد يصل إلى 19 ألف شخص؟
مسافرون يرتدون كمامات داخل مطار رفيق الحريري الدولي في بيروت للوقاية من فيروس كورونا (Anadolu Agency)

ماذا عن قنبلة المرحلة الثالثة؟

تقول الحكومة في بياناتها الرسمية عبر المواقع الخاصة بها أن العائدين هي من فئتين: فئة من أجروا فحوصات الـPCR لن يكرروا الفحص في لبنان، وفئة من لم يجروا الفحوصات وسيفعلونها عند العودة إلى بيروت: والسؤال: كم هو عدد من لم يجروا هذه الفحوصات؟ واذا كانوا بالآلاف هل فعلا الدولة قادرة على إجرائها جميعها؟

وفيما لو كانت وزارة الصحة ستجري الفحوصات للجميع، هل ستنخفض فحوصات المقيمين كما شهدنا سابقا؟ وهل هذا يساعد في مكافحة انتشار الوباء. بالطبع كلا، لأن حتى هذه اللحظة أجرى لبنان فقط 57715 فحصا بينها 8550 للوافدين، ما يعني ان نسبة فحصوصات المقيمين ما زالت متدينة جدا وهي التي وعدنا وزير الصحة أن تكون وصلت إلى رقم 75 ألفاً في العاشر من أيار الجاري

إضافة إلى ذلك، إن هذه المرحلة خطيرة للغاية، لأن العامل الأهم، وهو مراقبة العائدين لمدة 14 يوما في الحجر، ما زال خطوة لا تطبق من الدولة والبلديات، إلا بعد استشعار الخطر كما حصل في منطقة شحيم وقبلها منطقة بشري. وحتى اللحظة، لم تعلن الدولة عن أي خطة للمراقبة وتطبيق الحجر الفعلي. وإذا كان عدد حالات الحجر يبلغ حاليا 5340 حالة (لا نعرف ما هو رقم الذين يطبقون فعليا الحجر) فهو بالتأكيد سيرتفع كثيرا في الأيام العشرة المقبلة.

خلاصة الأمر، أن الدولة والمواطنين في مرحلة اختبار جدي وضبط أنفاس من الآن وحتى نهاية الأسبوع الأول من شهر حزيران، تاريخ انتهاء حالات الحجر لآخر العائدين.

كي نتفادى الكارثة هناك طريقان لا ثالث لهما: إما أن تسارع الدولة إلى تكثيف الفحوصات وإجراء مراكز حجر في البلديات، وهذا أمر مستبعد، وإما أن تتدخل الصدفة أي أن تكون الإصابات بين المغتربين العائدين قليلة جدا ونسبة التزام الحجر التام بينهم مرتفعة جدا.

وحتى وصولنا إلى النتيجة النهائية، سيدفع الذين التزموا منازلهم لمدة أكثر من شهرين الثمن وسيضطرون للجلوس في منازلهم أكثر، ذاك أن هناك مستهترين بين من عادوا أولا، وأن هناك تقصيرا فاضحا  من الدولة ثانيا.