لبنان في عين عاصفة كورونية تهب.. مرتين!

ممرضون وممرضات في مستشفى أوتيل ديو دو فرانس في الأشرفية (AFP)
هذا المقال هو ضمن ملف "فيروس كورونا: جائحة تمتحن الأرض" من موقع "جنوبية" المهتم بنقل كواليس التطورات التي يحدثها فيروس كورونا المستجد حول لبنان والعالم. تبحث في التحليلات التي ترافق عمل الحكومات وخلفيات الأحداث التي استجدت في المشهد العالمي على وقع انتشار وباء كوفيد 19.

كثر الحديث في الآونة الأخيرة عن موجة ثانية لفيروس كورونا في لبنان تزامنا مع تحذيرات دولية تصب في الإتجاه نفسه، وما دفع بهذا الحديث قدما هو الإرتفاع المفاجئ في عدد الإصابات بعد “زلّة” عائدين من السفر و”اختناق” مقيمين من الوضع الإقتصادي الرديء و”تباطؤ” مسؤولين في اتخاذ القرارات المناسبة.

وقد اعترفت الحكومة هذا الأسبوع بأن مؤشر انتشار الفيروس قد تسارع في ثلاثة أيام فقط، كما أعلنت التكثيف من الإجراءات المتخذة على الأرض لناحية التجول في الشوارع والإغلاق التام من لمدة 4 أيام ونيف من الأربعاء مساء وحتى صباح الإثنين في 18 أيار.

لكن ماذا تعني الموجة الثانية وهل نحن فعلا في صلبها؟ ولماذا يجب أن يخاف المواطنون والمواطنات في حال حدوثها؟

ما هي الموجة الثانية من الوباء؟

تحدث الأوبئة بسبب مسببات الأمراض الجديدة التي لا تتمتع الغالبية العظمى من البشر بحماية مناعية ضدها. هذا ما يسمح لها بأن تصبح وباء عالميا.

الأوبئة غير شائعة، ولكن الأنفلونزا هي أحد المسببات الأكثر شيوعًا. ما يحدث غالبًا هو أن نوعًا جديدًا من فيروس الإنفلونزا ينتشر في جميع أنحاء العالم ثم يتراجع، نوعًا ما مثل تسونامي. بعد بضعة أشهر، تعود وتنتشر حول العالم أو أجزاء كبيرة منه مرة أخرى.

في خريف عام 1918، حدثت موجة ثانية من تفشي الإنفلونزا الإسبانية وتسببت في معظم الوفيات في هذا الوباء. يعتقد بعض الباحثين أنه ناتج عن طفرة جعلت الفيروس غير معروف مرة أخرى لمعظم أجهزة المناعة لدى الناس.

متغير مهم آخر هو انتقال الفيروس إلى السكان الذين لم يتعرضوا من قبل وليس لديهم مناعة. بالإضافة إلى ذلك ، قالت منظمة الصحة العالمية في 24 نيسان الفائت أنه لا يوجد دليل حتى الآن على أن الأشخاص الذين تعافوا من Covid-19 ولديهم أجسام مضادة محميون من عدوى ثانية.

أقفلت العديد من المطاعم بسبب الإغلاق التام في المرة الأولى (أسوشييتد برس)

هل هناك موجة ثانية في لبنان؟

علميا، لا يمكن الحديث عن موجة ثانية في لبنان أو في أي دولة من العالم قبل انتهاء الموجة الأولى، ذاك أنه كما فسرنا سابقا إن الموجة الثانية مرتبطة بأشخاص جدد انتقلت العدوى إليهم وأشخاص قديمين انتقل وباء كوفيد 19 إليهم مرة أخرى.

إضافة إلى ذلك، لا يمكن الحديث عن الموجة الثانية ما لم يعلن فتح البلاد كاملا، وهو الأمر الذي لم يحصل حتى الآن في لبنان كما في العديد من البلدان أخرى التي أبطأت فيها الإجراءات انتشار الفيروس لكنه تركت في الوقت عينه العديد من الأشخاص عرضة للعدوى بمجرد أن يبدأوا في الخروج مرة أخرى وهذا ما تحذر منه فعليا عدد من الدول تحت إسم “الموجة الثانية”.

ومع أن عدد الإصابات ارتقع في الأيام الأخيرة لكن لبنان ما زال في المرحلة الثالثة من انتشار الوباء أي “حالات موجودة ضمن مجموعات محددة جغرافيا”، ولم يعلن الإنتقال بعد إلى المرحلة الرابعة من الموجة الاولى، ألا وهي تفشي الوباء بشكل كامل مع انتقال محلي.

العاصفة التي هبّت مرّتين

لكن، ومن دون شكّ، أحدثث الأرقام الكبيرة في الأيام الثلاثة الأخيرة صدمة كبيرة لعدد من المواطنين والمواطنات، لأن أحدها سجّل اعلى نسبة إصابات (35 إصابة) منذ الإعلان عن أول إصابة بفيروس كورونا المستجد في لبنان في 21 شباط الفائت.

هذا الأمر دفع الحكومة إلى مراجعة كل حساباتها من جديد، لا بل أنها تراجع خطة فتح البلاد الجزئية التي حددتها على مراحل خمسة تنتهي في الثامن من حزيران المقبل، ما يضع لبنان في عين العاصفة الثانية.

ولأن الدولة تعلم أن نتيجة أي عاصفة ثانية ستكون مكلفة، هي تعلم جيدا أن نتائج أي موجة ثانية اذا حصلت، ستكون كارثية ومخيفة للأسباب التالية:

  1. لم تعلن الدولة حتى الآن قدرتها على زيادة كبيرة لعدد الفحصوصات، لا بل أن يوم العاشر من أيار (بعد يوم من تاريخ صعود المنحنى الوبائي المفاجئ) شهد فقط 509 فحوص 40 منها للوافدين
  2. عدم قدرة وزارة الصحة حتى الآن على متابعة كل حالات الحجر المنزلي كما وعدت في بداية خطة الإستجابة لوباء كوفيد 19
  3. عدم تطبيق إجراءات جدية من قبل وزارة الداخلية توازي عدم تطبيق التباعد الجسدي بين عدد كبير من المواطنين
  4. عدم الإعلان الرسمي من أن المستشفيات باتت في جهوزية كاملة في المرحلة الثالثة أي تجهيز 17 مستشفى بـ860 سريرا إضافيا للمرضى