
ليست جبهة إدلب وحدها التي تشتعل في سوريا، فقد عاد الجنوب للواجهة من بوابة مدينة الصنمين في ريف درعا، يستشرس النظام السوري ليعيد هيمنته على الجنوب بعدما حصل على ضوء أخضر لإنهاء العمل باتفاقيات المصالحة، كما رشح من اوساط قريبة من النظام، التي رعتها روسيا في درعا وسحب على إثرها السلاح الثقيل مع دخول الشرطة العسكرية الروسية كحل بديل عن التهجير القسري الذي يفرضه النظام على كل من يرفض تسليم السلاح والانصياع للأسد.
وبدأت الخلافات بعد قيام عناصر من الجيش الحرّ بأسر عنصرين للنظام في حاجز في بلدة الكرك الشرقي، ليقومَ النظام باعتقال 10 من المدنيين، ما اضطر عناصر الجيش الحرّ للإفراج عن العنصرين، حيث قام النظام بالإفراج عن المدنيين بعد ذلك.
وكانت قوات الأسد قد سيطرت بشكل كامل على محافظتي درعا والقنيطرة في 1/8/2018، بعد معاركَ عنيفة أجبرت فصائل الجيش الحر على القبول باتفاقية التسوية التي قدّمتها روسيا لهم، وتتضمّن إبقاءَ عناصر الجيش الحر الذين وصفتهم بـ المعتدلين بسلاحهم الخفيف في مناطقهم وتسليمَ السلاح الثقيل والمتوسط، وعمل مصالحات في المناطق التي دخلت هذه الاتفاقية، ومن يرفضها يحق له التهجير إلى مناطق الشمال السوري.
إلا أنه وبعد مرور عدة أشهر، عاد النظام لتعنته في التعامل مع درعا عبر إشكالات تضمنت اعتقالات شبّان على الحواجز العسكرية وسوقهم إلى مراكز الجيش، مع استخدام أسلوب الترهيب لأهالي المنطقة.
إقرأ أيضاً: الأسد يُصعّد في وجه أردوغان.. سفارة لحكومة «شرق ليبيا» في دمشق!
اتفاقية الصنمين
على إثر الاشتباكات التي حدثت في الصنمين خلال اليومين الفائتين تدخّل وجهاء من المدينة، ولكن تخلّلها قصف متقطع بقذائف الهاون على منازل المدنيين من قبل النظام، ما دفع المعارضين المتحصنين في المدينة إلى اجراء مفاوضات مع النظام انتهت بين الطرفين إلى تهجير الرافضين للتسويّة إلى الشمال السوري، وتسليم جميع أسلحتهم بأنواعها.
ناشطون من درعا أكدوا لـ”جنوبية” تحول الاتفاقية إلى نهج يتبعه النظام في إعادة السيطرة الكاملة على الجنوب، مع إلغائه العمل باتفاقية التسوية الموقعة مع الروس، ودون حضور فعلي للقوات الروسية في الاقتتال الذي أخذ طابعاً محلياً مع تجاهل المجتمع الدولي لوضع درعا مقارنة بالمعارك الدائرة على جبهة إدلب.
وهذا ما مكّن النظام بحسب الناشطين من سعيه لفرض سيطرته بالقوة، بعدما وجد أن اتفاقيات روسيا مع الفصائل المسلحة دون جدوى، في مخطط واضح لتطبيق ذلك على كافة المدن والقرى التي سبق ووقعت اتفاقيات تسوية.
فبحسب بنود هذه الاتفاقية ستكون “الصنمين” خاضعة بالكامل لسيطرة النظام، ولن تخضع لاتفاقية التسوية الأولى التي وقعت مع روسيا، واعتبارها لاغية.
بالمقابل لم يوقف النظام غيّه بفرض التهجير نحو الشمال حيث لا مساحة تتسع لمهجّرين جدد وقرى ومدن إدلب بات نصفها مدّمر جراء قصف الأسد، مع عدم وجود طرق آمنة لنقل المهجّرين.
يحدث ذلك وسط غياب للموقف الإسرائيلي من تبعات هيمنة قوات الأسد والميليشيات الإيرانية على الجنوب، الأمر الذي لطالما حذرت منه إسرائيل بأنها لا تريد تواجد لمقاتلين داعمين لحزب الله على حدودها الشمالية.
فهل تفتح اتفاقيات الجنوب الباب أمام معركة قادمة تحدد شكل خريطة السيطرة على خاصرة دمشق الطرية؟!