من هو الرئيس الفعلي للبنان.. وماذا يحدث داخل «البيت العوني»؟

رياض الصلح

مع استمرار الاحتجاجات الشعبية التي وحدت اللبنانيين بطوائفهم كافة ضد النخبة السياسية التي تهيمن على مقاليد السلطة منذ الحرب الأهلية، تدور تساؤلات حول الرئيس الفعلي للبلاد.

هل هو ميشال عون، البالغ من العمر 84 عاما، والذي تحوم شكوك حول وضعه الصحي، أم صهره وزير الخارجية جبران باسيل؟

عون وباسيل كانا من بين أهداف المظاهرات التي اجتاحت لبنان منذ 17 أكتوبر، ويطالب المشاركون فيها بحكومة جديدة لا تضم سياسيين بل يشكلها خبراء قادرون على إخراج البلاد من أزمة اقتصادية خانقة فشلت الحكومات السابقة في حلها.

ويتهم المتظاهرون الطبقة السياسية بالفساد المستشري وسوء الإدارة على مدى ثلاثة عقود، ما كان له دور في تردي أوضاع البلاد.

الصحافية اللبنانية ديانا مقلد، قالت في حديث مع موقع “الحرة”، الاثنين، إن “الرئيس الفعلي للبلاد هو الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله”.

وتابعت “نعم لدينا رئيس جمهورية هو الجنرال ميشال عون، ولكنه رجل متقدم في السن، ولا أحاول الانتقاص من سنه ولكنه متعب وكانت هناك الكثير من الشائعات حول وضعه الصحي، ومنذ وصوله إلى السلطة نجد أنه محاط بأقاربه، وقدّم صهره باسيل إلى الواجهة وبات الأخير اليوم واجهة للحكم الفعلية بالنسبة لفريق رئيس الجمهورية”.

وفي 21 أكتوبر، أعلن مكتب الإعلام في رئاسة الجمهورية اللبنانية أن “لا صحة إطلاقا للشائعات التي توزع حول صحة رئيس الجمهورية”، ودعا إلى “التنبه من مثل هذه الأكاذيب التي تروجها جهات معروفة بقصد إحداث بلبلة في هذه الظروف الدقيقة التي تمر بها البلاد”.

وقالت مقلد إن جزءا من الأزمة السياسية في الأسابيع الأخيرة، تتعلق بشخص باسيل وسياسيته ومواقفه وآرائه، مشيرة إلى أن “جزءا من المشكل السياسي من دون أن نستطيع القول إنه هو رئيس الجمهورية”، لكنه “وصل ويتصرف من خلال العهد الأساسي هو حزب الله”.

وأكدت أن وزير الخارجية “لم يكن ليستطيع أن يتمادى في كل ما يفعله من دون غطاء ليس فقط من رئيس الجمهورية، ولكن من الطرف السياسي الأقوى في لبنان وهو حزب الله”.

وأغضب باسيل كثيرا من اللبنانيين الأحد، بعد إلقائه كلمة أمام الحشود المؤيدة لحزبه قرب قصر بعبدا الجمهوري، “هناك أيام صعبة تنتظرنا. أهل الخيانة قلائل في صفوفنا، في الأزمات الكبيرة يظهر أمران: الخوف ونستطيع فهمه والخيانة التي لا نستطيع فهمها وليس لها مبرر”.

وقال أيضا “ليس من العدل أن نظلم مرتين. مرة من رموز الفساد ومرة من ضحايا الفساد”، وتابع “إذا اتهمتم الكل بالفساد: الفاسدون والأوادم لا نستطيع عندها محاسبة أحد، لذلك شعار كلن يعني كلن يجب أن يكون للمساءلة وليس للظلم ولكن لسنا كلنا فاسدين. الفاسدون هم الذين بنوا قصورهم من مال الدولة والناس”.

اقرأ أيضاً: كلودين عون ترد على تخوين زوجها.. ولهذا السبب تغيّبت عن تظاهرة بعبدا

أما عون، فدعا في خطاب بث على شاشات أمام أنصاره على طريق القصر الرئاسي، “اللبنانيين للوحدة وتعهّد بمحاربة الفساد وتحسين الاقتصاد وبناء دولة مدنية”.

وأضاف “رسمنا خارطة طريق مؤلفة من ثلاث نقاط: الفساد والاقتصاد والدولة المدنية” من دون إعطاء المزيد من التفاصيل.

تصريحات باسيل، ساهمت في تأجيج الغضب الشعبي في البلاد بشكل كبير، كما قال كثير من اللبنانيين بينهم الصحافية ديانا مقلد، التي أضافت “كنا نتوقع مظاهرات حاشدة يعني، أنا أستغرب جدا كيف أن فريق رئيس الجمهورية والوزير باسيل تحديدا لم يتلق الإشارات التي أظهرها الشارع اللبناني بمختلف شرائحه تجاهه”.

وصول مؤيدي الرئيس وباسيل إلى القصر الرئاسي، وفتح الطريق أمامهم أغضب الكثيرين ممن رأوا أن ذلك يظهر عون كرئيس لحزب، وليس للشعب اللبناني بشتى انتماءاته.

ومع حلول مساء الأحد، تدفق عشرات آلاف المحتجين المناهضين للحكومة على شوارع بيروت وشمالي العاصمة وجنوبها، اعتراضا على محاولة عون تنصيب نفسه وصيا على الحركة الاحتجاجية وسعيها ضد الفساد.

وردد المحتجون في وسط بيروت هتافات “كلن يعني كلن”، في إشارة إلى المطالبة برحيل كل النخبة الحاكمة التي يتهمونها بنهب الدولة ودفعها نحو أزمة.

وقالت مقلد، صحيح أن الشارع اللبناني غاضب من كل الطبقة السياسية وأن شعار “كلن يعني كلن” هو شعار حقيقي يعبر عن رفض الطبقة السياسية، لكنها أردفت أنه “للأسف باسيل كان استفزازيا لمختلف شرائح المجتمع بحيث أن هتافات كثيرة كانت ضده منذ انطلاق الانتفاضة والآن خطابه شكلا ومضمونا أظهر أنه وفريق عون لم يتعامل بجدية مع غضب واحتجاجات الشارع اللبناني”.

وأردفت أن “عقدة الوزير باسيل والإصرار على إعادته إلى الوزارة ورفض تخليه عن موقعه يوحي بأن رئيس الجمهورية وفريقه لم يدركوا حجم المشكل في البلد، وأن هناك رفضا حقيقيا لهذا الخطاب وهذه السياسة والأسلوب وطبعا وكان ذلك حافزا لمضاعفة أعداد اللبنانيين الذين خرجوا للاحتجاج ظهر ومساء الأحد”.

وعلى الرغم من ذلك، فإن مقلد أشارت إلى أن من شبه المؤكد أن هناك خلافات ضمن التيار الوطني الحر بسبب سلوك باسيل، وتحدثت عن استقالة شخصين من كتلة عون، أحدهما صهره الآخر النائب شامل روكز، وهو ضابط سابق في الجيش اللبناني.

وأوضحت أن “هناك قاعدة عونية باتت خارج المعادلة وتعلن رفضها لما يصدر من باسيل والكثير يتردد عن وجود انشقاق في بيت الرئيس نفسه”، إذ أشارت إلى خلافات بين بنات الرئيس الثلاث “بسبب سياسة باسيل، وكيف يدفع رئيس البلاد باتجاه مواقف وآراء معينة”.

وكان رئيس الوزراء سعد الحريري قد استقال في 29 أبريل تلبية لمطلب المتظاهرين الرئيسي، ولم يحدد عون موعدا للتشاور مع رؤساء الكتل البرلمانية لتعيين رئيس وزراء جديد وهو الإجراء المتبع بعد استقالة أي حكومة.

وعادة ما يستغرق تشكيل حكومة جديدة شهورا في لبنان الذي تتوزع فيه السلطة بين المسيحيين والمسلمين بموجب اتفاق أنهى الحرب الأهلية التي دارت بين عام 1975 و1990.

وقالت رئيسة جهاز التشريع والاستشارات العامة في حزب الكتائب، لارا سعادة، في تصريحات نقلتها وسائل إعلام لبنانية، إن التأخير في الدعوة للاستشارات النيابية بهدف تسمية رئيس الحكومة المكلف، “يعود لأسباب سياسية بحتة، ومحوره محاولة الالتفاف على إرادة اللبنانيين بالتغيير”.

وتابعت أن الدستور وإن لم يحدد مهلة لرئيس الجمهورية ليدعو للاستشارات، إلا إن “العرف المتبع درج على إعطاء مهلة 48 ساعة قبل توجيه الدعوة”.

السابق
الموت لأميركا في طهران.. الموت لإيران في كربلاء
التالي
في جل الديب.. الجيش يعيد فتح الاوتوستراد بالكامل وانسحاب تام للمتظاهرين