
لكن يبدو أن النائب أسامة سعد ليس هو المقصود بعينه، بل أن السلطة تستهدف، بسلوكها المتكرر ما يمثله سعد من واقع سياسي وتمثيله لشريحة من المواطنين اللبنانيين.
عند الإشارة إلى المواطنين اللبنانيين، فالقصد هم من انتخبوا نائباً من خارج الاصطفافات الطائفية. في برنامج سعد الانتخابي يقول أنه مرشح عن أحد مقعدي النيابة في مدينة صيدا من دون الإشارة إلى طائفية او مذهبية المقعد. لذلك فإن سياسة السلطة، بكل أطرافها، لا تستسيغ هذا النوع من التمثيل، بل المهم أن يكون ابن أحد الأطر الطائفية التي تمثل جمهوراً مذهبياً وطائفياً أو يكون منبوذاً وتتكرر الاعتداءات عليه.
هذا يطرح سؤالاً: لو كان سعد نائباً يمثل طرفاً مذهبياً مشاركاً في السلطة ومن أركان المحاصصة، هل تتصرف قوى السلطة معه بالشكل الذي تصرفت مع سعد. إنها إشارة لجميع الناس أن لا مكان لكم خارج الرعاية الطائفية أنتم رعايا طوائف ولستم مواطنين.
اقرأ أيضاً: يحيّرني ما يحصل في صيدا!
وزيادة في التوضيح فإن النائب سعد لم يتلق أية دعوة من الجهات الرسمية (بلدية، محافظة، قوى الأمن) للمشاركة في الاحتفال وأن دعوته أتت من أحمد النداف الذي قدم مساعدة في ترميم وإعادة بناء المبنى، فهل يعقل أن تدعو المحافظة والبلدية إلى مثل هذا الاحتفال وتتجاهل دعوة نائب المدينة؟ إنهم يقولون للناس، عليكم اختيار نائب آخر يمثلكم في مجلس الطوائف والمذاهب ويكون من رعاياها وليس مواطناً لبنانياً.

وحتى مساء الأحد 14 تشرين الأول 2019، اتصل به مستنكراً ثلاثة نواب من مجلسنا النيابي الكريم، إبراهيم عازار وهو شريكه في اللائحة الانتخابية وجميل السيد لأسباب سياسية أخرى وعضو اللقاء الديموقراطي د. بلال عبد الله، أليس هذا مؤشر لرفض الكتل الطائفية والمذهبية لسلوك النائب سعد ومعارضته الدائمة لسياساتهم. والمستغرب أيضاً وحسب مصدر مقرب من سعد أن المدير العام لقوى الأمن الداخلي اللواء عماد عثمان اتصل بالنائب سعد ليطيّب خاطره، أليس الأجدى أن يأخذ إجراءات مسلكية بحق من ارتكب أخطاء بحق النائب سعد؟ وبعث ضابط كبير آخر برسالة للنائب سعد فحواها أنه كان من الأفضل الاتصال به كي يؤمن له الطريق إلى الاحتفال. ألا يوضح هذا السلوك أن هناك خطأ حصل بالتعاطي مع النائب أسامة سعد؟
اقرأ أيضاً: إشكال في سوق «صيدا» بين مرافقين النائب «أسامة سعد» والقوى الأمنية
المقصود ليس سعد، المقصود ذلك التيار الوطني اللاطائفي الباقي في صميم مدينة صيدا والتي عجز جميع أطراف السلطة عن تحويلها إلى مدينة مذهبية كباقي المدن في الكيان اللبناني.
السؤال: كيف يمكن تحويل هذا الخطأ المقصود بحق المدينة إلى حافز لبناء معارضة ديموقراطية فعلية تقف سداً في طريق تحلل السلطة الواحدة وتحويل الوطن إلى مقاطعات طائفية تحكمها أطراف نظام المحاصصة.