ربطت مواقع صحافية بين عودة العملاء وتنظيف سجلاتهم، وبين اقتراح وزير الداخلية والبلديات السابق نهاد المشنوق الذي قدّمه في العام 2014، والذي ينص على إلغاء وثائق الاتصال ولوائح الاخضاع، غير أنّ ما سقط عن “معرفة” أو “جهل”، في إيراد هذه المعلومة الآن، هو أنّ طرح إلغاء الوثائق لحظ ملف العملاء وشدد على أن لا يشملهم هذا القرار.
وكانت عودة القائد العسكري السابق لمعتقل الخيام في جيش أنطوان لحد، عامر إلياس الفاخوري، إلى لبنان عبر مطار رفيق الحريري الدولي، قد أشعلت موجة من الاستنكار والغضب، تزامنت مع إصدار القضاء العسكري مذكرة توقيف جديدة بحقه ليحال اليوم إلى المحكمة العسكرية.
هذا وطالب ناشطو عمواقع التواصل الاجتماعي بإعدامه، فيما حدث لغط حول حقيقة إسقاط الحكم عنه، لاسيما وأنّ قناة “الجديد” نشرت يوم أمس 60 اسماً لعملاء يُعمل على تنظيف ملفاتهم.
فهل أسقط اقتراح إلغاء وثائق الاتصال الحُكم عن العملاء؟
في مراجعة سريعة لاقتراح إلغاء “وثائق الاتصال” والخط التسلسلي الذي سلكه، يظهر أنّه في تموز العام 2014، توافق الوزراء في اجتماع الحكومة اللبنانية – من خارج جدول الأعمال – على بند جاء بناءً على اقتراح وزير الداخلية والبلديات نهاد المشنوق، وهو “إلغاء وثائق الاتصال ولوائح الإخضاع الصادرة عن الأجهزة الأمنية حتى تاريخه، وتكليف وزراء الداخلية والدفاع والعدل إعادة النظر في الإجراءات المتعلقة بهذا الموضوع”.
ولاقى الاقتراح دعماً واضحاً من رئيس الحكومة آنذاك تمام سلام خلال الجلسة، وموافقة الوزراء بالإجماع.
وأشارت مصادر وزارية معنية في حينها، إلى أنّ الوثائق تطال أكثر من 60 ألف لبناني، صادرة بحقهم “لوائح إخضاع” من الأمن العام و”وثائق اتصال” من استخبارات الجيش اللبناني، وهي أشبه بتبليغات صادرة عن تقارير مخبرين من دون قرار قضائي، إلّا أن القرار لا يطال من صدرت بحقّهم مذكرات توقيف قضائية، أو المتهمين بجرم العمالة لإسرائيل.
وفي متابعة لهذا الملف نقلت صحيفة “الأخبار” عن مصادر تأكيدها أنّ “الاقتراح يسقط عن الآلاف من المواطنين تهماً في أغلبها غير حقيقية أو مضخمة”، مشيرة إلى أنّ الوزير المشنوق يعتبر أنّ “القرار هو انتصار للحريات في لبنان”. وأنّ “الهدف من القرار هو تخفيف الاحتقان في البلد، في طرابلس والبقاع خصوصاً”.
من جتها، أكّدت المحامية عليا شلحة لـ”النهار” أنّ “لا قيمة قانونية لوثائق الاتصال”، لافتة إلى أنّها “ترتكز على اخبار او معلومة يقدمها مخبر او اي كان من الناس الى فرع المخابرات، وفي اغلب الاحيان لا تستند الى دليل، وقد تشتمل على معلومات لغايات شخصية او ثأرية”.
وأوضحت انه “من غير الممكن التعرف على الشخص الذي يقدم هذه المعلومة، لأن الاجهزة تتعهد له بإ بقاء هويته مستترة”، وأنّ “هكذا وثيقة كانت كافية عند الاجهزة الامنية لاستدعاء الشخص الى التحقيق وتوقيفه واحالته الى المحكمة العسكرية”.
من جهة ثانية، أوضح مصدر أمني لـ”النهار” أنّ هذه الوثائق لدى الجيش اللبناني هي كما الاخضاعات لدى الامن العام وبرقيات البحث والاستقصاء عند قوى الامن الداخلي، مشيراً إلى أنّها “عبارة عن برقيات داخلية معمّمة لمتابعة رصد أو توقيف بعض الاشخاص أو تتبع نشاطاتهم، ممن أظهرت التحقيقات أنهم موضع شبهة أو تورط في جرائم أو أعمال أمنية أو مخالفات”
قرار إلغاء الوثائق قوبل بترحيب اللبنانيين، نظراً لكونه يحد من التوقيقات العشوائية وغير القانونية، في هذا السياق أكّد المشنوق لـ”الجمهورية”، أنّ “الهدف الأساس من هذا القرار هو حماية المواطنين وحماية سمعة المؤسسات الأمنية وتعزيزها وبناء الثقة بينها وبين المواطنين”، مشدداً على أنّ “الوثائق المتعلقة بالعمالة مع العدو الاسرائيلي لن تلغى لأنها تهدّد الأمن القومي، وإذا ثبت حصول أعمال إرهابية مستندة الى أحكام قضائية تبقى على ما هي عليه أيضاً”.
إقرأ ايضًا: آمر سجن الخيام السابق «يعترف» بالتعامل مع إسرائيل
وكان المشنوق قد لفت في مؤتمر صحفي إلى أنّ “وثائق الإتصالات لطالما تداخلت مع صلاحيات القضاء، لكنّ إلغاءها يَحمي القوى العسكرية والأمنية ويوفّر لها مظلة من الإساءة، نافياً أن يكون القرار قد ألغى صلاحية معينة لدى الأجهزة،.
هذا وأعلن المشنوق في حينها أنه يسعى الى “تفعيل شراكة الأمن المسؤول بين المواطنين والأجهزة الأمنية لكسر الهوة والفراغ بين الطرفين”، معتبراً أنّ”احساس المواطن بأنّ حريتة كبيرة تريحه وتدعوه الى التصرّف بطريقة سليمة»، مشيراً الى أنّ “النيابة العامة ستتخذ الاجراءات القانونية لتنظيف اللوائح مع الإبقاء على الاسماء التي يوجد بحقّها مذكرات توقيف”.
في المقابل أوضح المشنوق لصحيفة “المستقبل”، في آب الـ2014 أنّ” أنّ قرار مجلس الوزراء إلغاء وثائق الاتصال المعتمدة من قبل استخبارات الجيش ولوائح الإخضاع المعمول بها في الأمن العام يحتاج إلى إجراءات تنفيذية يتولاها النائب العام التمييزي، مشيرا إلى أنّ قرار مجلس الوزراء تضمّن كذلك تشكيل لجنة وزارية قوامها وزراء الدفاع والداخلية والعدل تُعنى بإعادة النظر في الاجراءات المتعلقة بالموضوع”.
قرار إلغاء وثائق الاتصال، ظلّ معلقاً حتى العام 2017، في حينها تمّ الاتفاق مجدداً على إلغائها بقرار من رئيس الجمهورية ميشال عون زرئيس الحكومة سعد الحريري في هذا الامر ، ويهدف هذا القرار بحسب ما أعلنت مصادر وزارية لـ”النهار، إلى أمرين: الأوّل تخفيف عبء هذه الوثائق عن الناس الموضوعين في خانة الاتهام، وقيد الملاحقة، ما يتيح للعهد الجديد، والحكومة ايضا، الانطلاق بأقل عبء ممكن، وتخفيف حال الاحتقان لدى فئات واسعة من اللبنانيين تعتير انها ظلمت عبر تلك الوثائق. والامر الثاني هو اعادة الدور الى القضاء اللبناني وتقليص كل الاجراءات التي لا تخضع لسلطة قضائية او رقابية بما يعيد الى مؤسسات الدولة الرسمية انتظامها وهيبتها.
المحامي طوني مخايل علّق من جانبه على هذا القرار في حديث لـ”النهار”، مشيراً إلى أنّ “ما هو معروف بوثائق الاتصال الصادرة عن مخابرات الجيش اللبناني، ولوائح الاخضاع المسجلة في الامن العام او كتب المعلومات الصادرة عن الاجهزة الامنية الاخرى، لا تستند الى مذكرات قضائية وهي تختلف عن مذكرات البحث والتحري الصادرة عن النيابات العامة والتي تسقط بعد مرور ثلاثين يوماً حكما ومذكرات التوقيف الغيابية او مذكرات القاء القبض القضائية التي تخضع لأحكام قانون اصول المحاكمات الجزائية”.
واعتبر مخايل أنّ” خطورة هذه الوثائق في انها منظمة خارج اطار الاشراف القضائي وهي لا تسقط او تحفظ على غرار بلاغات البحث والتحري الصادرة عن النيابات العامة، فهي بلاغات بحث وتحر دائم بحق أفراد منسوب اليهم القيام بأعمال مخلة بالامن”، موضحاً أنّ “هذه الوثائق اتّهامات مضخمة احياناً بحق أشخاص محددين بناء على معلومات استخباراتية من دون إثباتات فعلية او متابعة أو إشراف قضائيين، ومن شأن هذه الوثائق ان تهدد الحريات العامة وحق الفرد في الحرية وفى الأمان على شخصه”.
الجهود الرامية لإلغاء “وثائق الاتصال”، نسفها توقيف مخابرات الجيش رئيس المكتب الإعلامي لحزب التحرير في لبنان الشيخ محمد إبراهيم في بداية العام 2018.
إبراهيم الذي أُطلق سراحه بعد يومٍ من اعتقاله، اتخذت مخابرات الجيش قراراً بمنعه من السفر بموجب وثائق الاتصال، ما اعتبر “سلوكاً غير قانوني، يهدف إلى بثِّ أجواء الخوف بين المواطنين، بدل توفير الأمن والأمان”.
إقرأ أيضاً: صور «جزار الخيام».. ترتد على مروجيها!