
وتأكيداً على ذلك، اعتبرت المتحدثة باسم الخارجية الأميركية، مورغان أورتاغوس، الأربعاء على أن “من فرضت عليهم العقوبات في لبنان، يعملون على تقويض الحكومة اللبنانية”. ولفتت الى أن “العقوبات الأخيرة على لبنانيين، استهدفت داعمين لمنظمة مصنفة إرهابية ويقومون بمساعدة إيران في سلوكها المزعزع وهذا ما لن نتسامح معه”.
هذا الكلام من ناحية تصنيف حزب الله، قد لا يكون جديداً، أما ما هو جديد هو عدم قدرة أميركا على مواصلة الفصل بين جناحي حزب الله العسكري والسياسي، وذلك في ظل تغلغل الحزب في الدولة أكثر فأكثر خصوصاً بعد الإنتخابات النيابية الأخيرة، الذي أعطاه مع حلفائه الأكثرية النيابية، والتي استخدمت سابقاً لتعطيل تشكيل الحكومة لشهور عديدة.
اقرأ أيضاً: بعد إيران.. حزب الله يئن جراء العقوبات
ما تفعله أميركا اليوم، هو تنفيذ لما حذرت منه سابقاً، فهي اليوم طالت بعقوباتها نواب لبنانيون منتخبون، أي أن الرسالة الموجهة الى الدولة اللبنانية مفادها أنّ المؤسسة الرسمية اللبنانية ليست بالتأكيد في منأى عن الاستهداف، لأنها تتعرض لخروقات تزداد عمقاً من جانب “الحزب”.
وهذه الرسالة تشمل أيضاً القوى السياسية القريبة من أميركا، للضغط باتجاه عدم تسليم البلاد الى الحزب ووضعه كاملاً في دائرة نفوذ ايران، وتشمل أيضاً حلفاء الحزب الذين لن يكونوا بمنأى عن أن تطالهم العقوبات المقبلة كونهم من المساهمين بقوة الحزب الداخلية.
في هذا الشأن، أشار الكاتب لقمان سليم، في حديث لجنوبية، أن ما نستخلصه اليوم من العقوبات الأخيرة هو عملياً يمس الدولة اللبنانية، فالنائبان المدرجان في القائمة هما بنفس الوقت داخل الدولة وخارجها، ولكن في النهاية ما يصح في لبنان عن كون أن الحزب مقاومة وله الحق بالإحتفاظ بسلاحه، لا يصح بدول أخرى تنظر اليه على أنه منظمة إرهابية.

مضيفاً: “هذه العقوبات التي طاولت رعد وشري هي عنوان على التباس العلاقة مرة أخرى بين الدولة وبين حزب الله، وهو يعكس تغير كبير باللهجة الأميركية تجاه لبنان، فحتى اليوم كان اللبنانيون يعتبرون أن هناك مظلة سوف تبقى تحميهم مهما فعلوا، أما اليوم فيبدو أن هذه المظلة تسقط، وعدنا لمنطق النظر الى الدولة “بالمفرق” وليس ككل متكامل يجب التعامل مع اعضائه بالتساوي.”
واعتبر سليم أن هذه العقوبات هي مستهل لمزيد من العقوبات قد تطاول سواء أفراد من الحزب أو حلفاء له.
وعن تصرف الدولة بالتعامل مع الواقع الجديد، وهل تستطيع حماية نفسها من اختراقات حزب الله ؟ يجيب سليم : “لا يجب أن نتوقع ذلك، لأن ما يحمي حزب الله اليوم هو الإلتباس بين الدولة اللبنانية وبين “دولته”، فهو عملياً يحتمي بهذه المساحة الرمادية بين الدولتين”.
مضيفاً: “علينا دائماً أن نتوقع في هكذا مواقف بعض الكلام العالي اللهجة أولاً وثم الدخول في لحظة صمت التي هي “لحظة مخيفة”، لأنه إذا كانت الدولة غير قادرة على أن تحمل في مؤسساتها أفراد وعناصر من حزب الله فكيف على اللبنانيين أن يحملوا ذلك؟”
وختم سليم الى أن “حزب الله أيضاً سيمرر هذه المرحلة، وهذا ما سمعناه خلال مقابلة أمين عام الحزب السيد حسن نصرالله، دون أن يغفل مسؤولوه بالتذكير أو العتب عند الضرورة على الدولة اللبنانية بأنها لم تأخذ موقفاً أكثر صرامة”.
خيار من خيارين
من جهة أخرى، قال الكاتب السياسي نوفل ضو، في حديث لجنوبية، أننا اليوم وبعد العقوبات الأخيرة أمام خيارين، إما أن نعود الى الشرعية العربية والدولية، وبالتالي لن تستمر العقوبات، وإما أن نستمر بهذه السياسة وعندها ستزيد هذه العقوبات ويتفاقم الوضع أكثر.

اقرأ أيضاً: إيران نموذجاً.. جدوى العقوبات الأحادية
واعتبر ضو أنه لا دولة في لبنان، بحيث نرى مكابرة وعملية دفن للرؤوس في الرمال، وعدم اعتراف بالمشكلة، فالهروب الى الأمام لا يلغي المشكلة، والدليل اليوم هو قول وزير المالية علي حسن خليل بأن هذه العقوبات ستؤثر على الوضع في لبنان، فإذا وزير المالية اعترف بذلك، فلا يمكن لأحد آخر اليوم أن يكذب على الناس أو على نفسهم.
وأشار الى أن العقوبات تطال البلد ككل اليوم، وموقف رئيس الجمهورية كان في غير مكان كلياً وأتى بإطار الدفاع عن الدستور ولكننا نسأل اليوم منذ متى يهتمون هكذا بالدستور؟
وختم ضوّ: “لحد الآن لا تداعيات إقتصادية كبيرة على لبنان عقب القرار، إلا أن المشكلة الكبرى تكمن بأن كل ما التصق حزب الله أكثر بالإقتصاد والمؤسسات الدستورية فذلك سيعرض الإقتصاد للخطر. فاليوم العقوبات مفروضة على حزب الله، فبقدر ما يضع حزب الله يده على الدولة، ستأتي العقوبات على الدولة، وبقدر ما الدولة تستطيع فصل نفسها عن توجه ومشروع حزب الله، بقدر ما تستطيع حماية نفسها.