
في إنتظار إطلالة الامين العام للحزب السيد حسن نصرالله مساء الجمعة لمعرفة كيفية تعامل الحزب مع التطور الجديد في العقوبات الاميركية، بدا المتابعون لملف الحزب في حالة عدم يقين حول كيفية تعامل المسؤولين مع هذا الحدث الذي وضع الحكومة تحت مجهر تحمل المسؤولية عن أي تجاهل لوقائع اوردها بيان الوزارة الاميركية بحق النائبيّن رعد وشرّي وصفا. وبدا لبنان الرسمي في الساعات الماضية ،وكأنه ينتمي لبلد آخر ليس فيه أثر لتنظيم يدعى “حزب الله”.فعلام يدلّ التجاهل الرسمي؟
يعتبر البعض ان وصف وزير المال علي حسن خليل “العقوبات” بأنها ” تعني كل اللبنانيين وإن كان عنوانها حزب الله، والإجراءات التي اتخذها لبنان والقوانين التي صدرت بشهادة الجهات الدولية، تجعل تلك العقوبات لا مبرر لها…” ، كاف لإيجاد توازن بين الجهتيّن الاميركية واللبنانية التي تعنيان بالامور المالية في البلديّن.لكن خبراء في ملف العقوبات الاميركية تحدثت اليهم “النهار” يعتبرون ان قضية العقوبات عموما، ودفعتها الجديدة خصوصا، تتجاوز الاطار المالي البحت. ومن يقرأ البيان المفصل الصادر عن وزارة الخزانة الاميركية لا يقتصر على تناول سلوك من شملتهم العقوبات في الاطار المالي فحسب ، بل ذهب بعيدا في تناول أنشطة هؤلاء في مجالات أمنية تحمل أبعادا خطيرة ، لا بد من الرد عليها بوضوح.ومن الامثلة التي وردت في البيان الاميركي ، كما اوردته الوكالة الوطنية للاعلام:”…تربط صفا علاقات مع شركاء وممثلي حزب الله، وحافظ على علاقة وثيقة مع ممول الحزب أدهم طباجة. كما احتفظ ورعد بقائمة تضم مئات من أعضاء حزب الله الذين حصلوا على الجنسية الأجنبية. ومن خلال جوازات السفر هذه، يتم إرسال هؤلاء الأفراد من قبل حزب الله في مهام طويلة الأجل إلى الدول العربية والغربية.”
تعتقد اوساط نيابية تنتمي الى جهات محايدة ، ان الازمة التي عطّلت إنعقاد مجلس الوزراء ، منحت جميع الاطراف الممثلة في الحكومة فرصة للابتعاد عن الاحراج الذي سيتسبب به إنعقاد مجلس الوزراء الان ، ما يتطلب إتخاذ موقف من العقوبات الاميركية بصرف النظر عن ماهية هذا الموقف.وإذا كان من مصلحة “حزب الله” ان يأتي هذا الموقف منحازا اليه ، فإن مصلحة لبنان عدم الانزلاق الى جانب الحزب الذي له ملف مفتوح داخليا وخارجيا ،لا يستطيع هذا البلد تحمّل تبعاته.وتراهن هذه الاوساط ، ان ترحيل إنعقاد مجلس الوزراء الى الاسبوع المقبل،ولو بذريعة الانقسام حيال أحداث الجبل، سيحرر السلطة التنفيذية من واجب التفاعل مع العقوبات الاميركية ، تمهيدا لوضع هذا الملف على رف النسيان بعد أيام ، كما يرغب المعنيون على المستوى الرسمي.
هل هذه المعطيات كافية لتفسير اللاموقف على ضفتيّ السلطة و”حزب الله” معا؟في إعتقاد اوساط ديبلوماسية ، ان هناك ما يشبه “الرعب” يتحكم بمواقف المسؤولين بسبب ما يتواتر من معلومات حول وجود دفعات جديدة من العقوبات الاميركية ستصدر بحق شخصيات وكيانات من خارج “حزب الله” ، بينها أسماء بارزة تنتمي الى جهات فاعلة تربطها علاقات تحالف بالحزب.وتشير هذه الاوساط الى ان إدراج هذه الاسماء على لائحة العقوبات سيحدث “مفاجأة” مدوية تبلغ أضعاف ما أحدثته العقوبات بحق النائبيّن رعد وشرّي وصفا.
في موازاة ذلك، تقول الاوساط النيابية المشار اليها آنفا، انه بإنتظار صدور مثل هذه الدفعات الجديدة من العقوبات، سيبقى الانطباع السائد هو ان المسؤولين يرزحون تحت وطأة “الخوف” من رد فعل الحزب ، إذا ما حاول هؤلاء الذهاب الى التعامل مع العقوبات من منطلق ان لبنان بلد مستقل يحافظ على مصالحه ومستعد لمواجهة أي إتهام خارجي لإفراد او كيانات تنتمي اليه، وفق الاصول المعتمدة في العلاقات بين الدول.
لا يبدو ان المرحلة التي يمرّ بها لبنان ، ستكون سهلة. وإذا كان سلوك المسؤولين حاليا، يشبه سلوك النعامة التي تدفن رأسها في الرمال إتقاء للعاصفة ، فإن ذلك لا يعني ان العاصفة غير موجودة . وبحسب قول مسؤول رفيع في وزارة الخزانة الأميركية للصحافيين، كما اوردت وكالة الصحافة الفرنسية ، إنّه “على كل شخص عضو في حزب الله يفكّر بالترشّح إلى انتخابات أن يدرك بأنّه لن يستطيع الاحتماء تحت عباءة ولاية انتخابية”.وفي الاطار نفسه، يمكن إسقاط هذا القول على السلطة التي لا تستطيع “الاحتماء تحت عباءة المسؤولية” لكي تتخلى عن القيام بما تمليه عليها المسؤولية مهما كانت الذرائع.
اقرأ أيضاً: ما الجديد في ادراج رعد وشري وصفا على لائحة العقوبات الأميركية؟