المعاني اللاواعية والمستترة:التحية والسلام والهدية…

يتم معالجة مرض "التصلّب اللويحي" عن طريق الحبوب و الحقن بالوريد والعلاجات الفيزيائية المختلفة.
لماذا نلقي التحية عند اللقاء ولماذا نبادر بالحسنى، لماذا نصرّ على عبارات "صباح الخير"و"السلام عليكم"و "حيّاكم الله"وغيرها

الشرّ بمعنى إلحاق الاذية للآخر او للذات، عملياً او كنوايا تراود النفس، هي أقدم من الخير، في النفس وفي الكينونة الانسانية العميقة الجذور في التاريخ، ومنذ ما قبل وعي الوعي، أي خلال كل فترة اضطرار البشري، ان يقاتل ليدافع عن نفسه أولاً، وليبقى على قيد الحياة ثانياً، كصيّاد ماهر عليه ان يواجه الوحوش، وان يعيش في المغاور وان يكمن لأعدائه في الاشجار، في مرحلة البشري كانت الاشارة هي اللغة المتداولة بين البشر، بما فيها الصفير والصراخ و الضحك والبكاء والعويل والانين.

لغة الاشارة عند البشري سبقت لغةالكلام عند الانسان، البشري ابّ الانسان، الانسان امتداد للبشري، عندما وعى البشري وعيه سميّ انسان، لذلك ما زال الانسان يحرك يديه عند الكلام، ويحرك راسه، ويستخدم حركة عينيه وشدّ عضلات وجهه، ويحرك شفتيه ويمدّ لسانه عندما يتحدث.

تأتي الاشارات والايحاءات الحركية كعامل مساعد للشرح من موروث قديم جدا من بقايا لغة الاشارة البشرية الصامدة، التي على ما يبدو لم تقنع الدماغ تماماً بعد، بحلول لغة الاحرف والكلمات والارقام تدريجيّاً مكان حاجة الاشارات كلغة تواصل بين الناس، فكلّما كانت لغة التعبير المحكية متينة أكثر، كلما خفّت حركات الأيدي وحركة وجه الانسان، وكلّما كان الانسان ضعيفا في استخدام المفردات اللغوية، كلّما زادت ايماءاته واشاراته كعامل مساعد للشرح وايصال مغزى ومعنى الكلام.
للغةالاشارة الواضحة و للغة الكلام المحكية دلالات لا واعية مستترة على صلة بتاريخ الكينونة الانسانية، المتوترة والقلقة والخائفة والتائهة، والباحثة عن اجابات لأسئلة فلسفية او دينية او ما ورائية ولأن العنف والشدّة والعدوانية والشراسة صفات طبيعية واكبت البشري الاول والقديم لضرورات حياتية من اجل رغبة البقاء، تبقى التعابير عنها مستترة انما موجودة ولا واعية انما تحت سيطرة ظهور العقل الذي جاء في مرحلة لاحقة من تطور دماغ الانسان، والذي عمل على كبح العنف والعدوانية واقام الشرائع والقوانين لصالح العيش المشترك والجماعي.
لذلك فإننا نحاول ان نجيب على سؤالنا المذكور اعلاه عن سبب ترداد عبارات عند اللقاء مبينين المعاني اللاواعية المستترة لمعان واعية معلنة عند الكلام:
-صباح الخير تعني لا اضمر الشرّ هذا الصباح
-شفناكم بخير تعني تركناكم احياء
-السلام عليكم تعني لم نأتي لنحارب
-الى اللقاء تعني ما زلنا احباب
-حيّاكم الله تعني لم نحضر لأهداف شيطانية
-لم يلقي التحية تعني غاضب ومشغول البال وفي النوايا شرّ
-مصافحة اليد تعني لا احمل سلاحا
-رفع اليد من بعيد كتحية تعني اننا مسالمون
-الانحناء الى الامام كتحية في تقاليد شعرب آسيوية تعني لو كنت أخبىء سلاحا لوقع عند انحنائي.
-الهدية عند الزيارة تعني تثبيتا للصداقة والسلام لإبعاد شبح المعارك و المناكفة والخصومة.
دعوة الناس لحضور زفاف تعني هذه العروس اصبحت زوجتي فلا يحاولن احدا منكم الاقتراب او التفكير بها.

وهكذا فالعبارات المتداولة وبعض السلوكيات إن دلّت فإنها تدل على الطبع الموروث، العدواني والعنيف والاناني والمستتر القديم الغالب في شخصية وتفكير ونوايا الانسان الحالي وما هي الا بقايا سمات وصفات بشرية قديمة سبقت ظهور العقل والمنطق والتحليل والاحكام والتهذيب والتربية والاخلاق والعمل الجماعي.
هنا نفهم لماذا الرسول محمد (ص) إختصر كل دعوته ومهمته واهداف الصلاة والصوم ومراسم الحج والعمرة والصدقة والدعوة للمعروف والابتعاد عن المنكر بقوله:

“إنّما بعثت لأتمم مكارم الاخلاق” اي هدف كل رسالته هي القضاء على العنف والعدوانية اي الشرّ.

المطلوب ان يتطهر الانسان من شرّه لينجو.
ليس فقط من يفعل الخير يدخل الجنة بل يكفي ان يطهر الانسان نفسه من الشر الدفين الذي فيه لينجو من العقاب وليدخل الجنة و من دون فعل اي خير…

حتى اشعار آخر، لا وجود للخير خارج تسوية بين الاشرار فكل عمل خيري يخبىء استفادة دنيوية في مكان ما، أو تعويضا نفسياً عن شعور ذنب وندم عن جريمة او نهب ما مجهول وان لم يكن هناك استفادة دنيوية فالأكيد هناك استفادة في الآخرة، اذ يصرف العمل الخيري هناك حسنات فوق حسنات لها مفعول الرشوة للإله لدخول الجنة.

السابق
باسيل إلى طرابلس السبت.. فهل ستواجهه تحركات شعبية؟
التالي
بوراك التركي أومهزلة الشعب اللبناني